الملكة:

الكلمات سفيرة المشاعر والخواطر والأفكار، والحوار جسر التواصل، وحبل الترابط، وشريان الألفة والتفاهم بين الزوجين.

ومن أهم المهارات التي تسهم في بناء جسور الحوار والتواصل بين الزوجين مهارة الإنصات الفعال.

فبالإنصات الجيد يستطيع شريك الحياة أن يدرك الظروف والأوضاع المحيطة بالطرف الآخر؛ وهذا ما يساعده على اختيار أفضل الطرق وأنسب الوسائل لغزو قلبه.

ويساعد الإنصات الجيد على فهم الأساليب التي يفكر بها شريك حياته؛ فيمنحه ذلك قدرة أفضل على حسن التواصل.

والإنصات الجيد يلبي حاجة هامة لدى شريك العمر، ألا وهي تطلعه إلى من يستمع إليه؛ وهو ما يعمق المحبة بينهما.

كما أن حسن الإنصات يحمل بين طياته رسالة قلبية تعبر عن حسن الاحترام والتقدير والمحبة للطرف الآخر.

مثل وقدوة

ويضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم المثل والقدوة في حسن الإنصات، وذلك حينما جاءه عتبة بن ربيعة يساومه على دينه ودعوته فقال: يا محمد أنت خير أم عبد الله؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أنت خير أم عبد المطلب؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك قد عبدوا الآلهة التي عبت، وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع قولك، أما والله ما رأينا سخطة أشأم على قومك منك، فرقت جماعتنا، وشتت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب، حتى طار فيهم أن في قريش ساحرا، وأن في قريش كاهنا، ما ينتظر الأمثل صيحة الحبلى بأن يقوم بعضنا لبعض بالسيوف حتى نتفانى، أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أغنى قريش رجلا، وإن كان إنما بك الباءة فاختر أي نساء قريش فنزوجك عشرا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفرغت"؟ قال نعم... (رواه الهيثمي في مجمع الزوائد).

هكذا يستمع النبي صلى الله عليه وسلم ويحسن الإنصات لمن جاء ليرده عن دينه ويساومه عليه، فمن باب أولى أن نحسن الإنصات لشريك حياتنا كما علمنا ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أيضا، فعن عروة عن عائشة قالت: جلس إحدى عشرة امرأة فتعاهدن وتعاقدن على ألا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئًا...(رواه البخاري)، ثم أخذت رضي الله عنها تفصل قصة كل امرأة منهن والنبي صلى الله عليه وسلم يستمع إليها وينصت لحديثها دون مقاطعة، ودون ملل أو سأم.

فعلى كل زوجين أن يحسن كل منهما الإنصات إلى الآخر حين يتحدث دون مقاطعة، ودون ملل أو سأم أو ضيق صدر، ودون التفات عن حديثه بالتفكير في شيء آخر.