الملكة:
تواجه العديد من السيدات ظروفاً صعبة ومشكلات حياتية مثل وفاة الزوج أو الطلاق أو وجود ابن معاق، ورغم ذلك لا يستسلمن وينهرن، بل ينهضن ويتغلبن على ظروفهن بالصبر والإيمان، وفي حالات كثيرة يضعن الأولاد على أولويات حياتهن، ويتحولن إلى قصص كفاح أو ينجحن في إقامة مشروع، يحققن به حلم العمر .

آمنة الظاهري 36 عاماً تدرس بالصف العاشر في مركز تعليم الكبار بجمعية الاتحاد النسائي تقول: عندما كان عمري 15 عاماً اكتشف الأطباء وجود عيب خلقي لدي في شبكية العين وكنت وقتها في المرحلة الثانية من التعليم الأساسي، وعلى الرغم من سفري للخارج للبحث عن علاج إلا أن الأطباء لم يتمكنوا من علاج حالتي، فتركت الدراسة وتزوجت وعمري 19 عاماً وكان التحدي الأول بالنسبة لي أن أعيش حياة زوجية طبيعية مثل باقي النساء وأنجب أطفالاً وأثبت لنفسي ولأهلي وأهل زوجي أنني أم وزوجة ناجحة، وبالفعل أنجبت أربعة أبناء وهم الآن في مراحل التعليم المختلفة أكبرهم عمره 16 عاماً والأصغر 10 سنوات وكلهم من المتفوقين، وكان أمامي مهمة شاقة في تربيتهم ومتابعتهم في مذاكرة دروسهم حتى لا يشعرون بضعفي فيستهينوا بي .

تضيف: زوجي يشهد لي أنني زوجة وأم ناجحة فلم أقصر في أي طلب له أو أجعله يشعر يوماً أنني عاجزة عن فعل أي شيء يحتاجه، فكنت ألبي كل طلباته وعندما شعرت أن أولادنا وصلوا لمرحلة يمكنهم فيها الاعتماد على أنفسهم، قررت أن أكمل تعليمي فأخذت دورة في الكمبيوتر على حاسوب ناطق وكانت الخطوة الأولى التي استطعت فيها التواصل مع الأولاد عندما وصلوا لسن الشباب وأصبحوا يقضون وقتاً طويلاً أمام المواقع المختلفة فكنت أشاركهم الدخول على المواقع وهي طريقة أخرى في تربية الأولاد بحيث لا يشعرون أنني أراقبهم، ثم قررت بعد ذلك أن أواصل تعليمي الذي حرمت منه بسبب فقد بصري، ويقوم الأولاد بتسجيل الدروس لي على جهاز خاص بالمكفوفين ويذاكرون لي بعدما ينتهون من مذاكرتهم .

وأنهيت الصف العاشر بتفوق بنسبة نجاح 93% وطموحي لا يتوقف عند هذا الحد، وأريد أن أكمل تعليمي وألتحق بالجامعة وأحصل على الماجستير والدكتوراه .

أفراح محمد علي 50 عاماً ربة منزل تقول: تزوجت وعمري 14 عاماً وعندي 5 أبناء، كرست لهم كل حياتي تحملت مشاكل الزوج من أجل تربية الأبناء، لم يستطع الزوج أن يتحمل مسؤولية البيت والأبناء، وكان دائم السفر، لا يهمه غير نفسه، وتركني معلقة منذ 13 عاماً أتحمل تربيتهم وحدي، لذا قررت أن أكون بالنسبة لهم الأب والأم، وقمت بتربيتهم، ولم أبخل عليهم بشيء، وكان لدي ورث ومعاش من والدتي أنفقته على تربيتهم حتى وصلوا الآن لمراكز مرموقة، فالابن الأكبر مهندس، والثاني محاسب، والثالث مهندس طيران، والباقون في مراحل التعليم المختلفة . وتضيف: لا تتخلى الأم أبداً عن مسؤولياتها وتترك الأولاد ولكنها دائما تقف وراءهم حتى ينجحوا فتعوض بعض الفشل الذي أصابها بنجاح الأولاد .

وتقول: بسبب المعاملة السيئة من زوجي لي وللأولاد، وتهديده المستمر بطردنا من البيت، قرر الأولاد أن نترك البيت، وقاموا بتأجير شقة سكنية انتقلنا إليها، ويدفع ابني إيجارها من راتبه، وبعد أن استقر حالهم قرروا أن أكمل تعليمي الذي أهملته بزواجي .

أم فاطمة 50 عاماً تقول: تزوجت وعمري 15 عاماً ولدي 6 أولاد و6 بنات وابنتي الأخيرة معاقة، وعلى الرغم من كثرة عدد الأولاد، كان أمامي تحدٍ كبير وهو أن أجعلها تمارس حياتها الطبيعية وتذهب إلى المدرسة مثل باقي أخواتها، لم تصيبني إعاقة ابنتي بالضعف فقررت أن أواجه بها الحياة وتحملت ظروف المعيشة الصعبة وكنت أسهر مع أولادي لأذاكر لهم وأرتب أمورهم، وأوصلهم للمدرسة يومياً حتى تعلموا جميعاً، وجاء الدور على ابنتي الصغيرة فأدخلتها مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة، وعمرها الآن 13 عاماً ومتفوقة في دراستها .

رنا خالد صاحبة متجر صغير للملابس الجاهزة وأم لأربعة أولاد تقول: قدمت من بلدي مع زوجي منذ أكثر من عشرين عاماً في محاولة للبحث عن دخل أفضل وبعد عشر سنوات من الزواج أنجبت خلالها أربعة أبناء توفي الزوج، فبدأت أبحث عن عمل، ولم أرجع إلى بلدي، وكنت أفكر دائماً في من سيصرف عليهم إذا عدت، وقررت أن أعمل في بيع الملابس للسيدات في البيوت حتى تمكنت بعد فترة من جمع مبلغ من المال مكنني من شراء متجر، أقوم فيه ببيع الملابس الآن، وقمت بتربية الأولاد ووصلوا جميعا إلى الجامعة الآن .

تدخل الأهل في بعض الحالات يؤدي إلى تدمير بعض الأسر وهو ما عانت منه فاطمة العلي 30 عاماً التي تزوجت بعدما أنهت دراسة المرحلة الثانية من التعليم الأساسي وتقول: بعد الزواج حاولت إقناع الزوج بأن أواصل تعليمي فرفض واستمرت حياتي معه لمدة 8 سنوات أنجبت خلالها طفلين، لكن المشاكل بيننا زادت بعدما حملت في طفلي الثالث وأصر أهله على أن أتخلص منه، وبسبب ضعف شخصية زوجي وتسلط الأهل وتدخلهم في كل شؤون حياتنا تم طلاقي، وأحاول الآن استكمال دراستي وتربية أبنائي وأكافح لأتمكن من إيجاد فرصة عمل مناسبة لي، كذلك كان أمامي تحدٍ كبير وهو أن أتعلم القيادة وبالفعل نجحت في استخراج رخصة القيادة لأتمكن من تلبية كل مطالب الأولاد وتوصيلهم إلى المدرسة بنفسي وأواصل بمنتهى الإصرار والتحدي لأعلمهم بشكل جيد .

كما كان الزواج بأخرى سبب انهيار الحياة الزوجية لأم قاسم محمد 50 عاماً التي تزوجت وعمرها 14 عاماً ولديها 9 أولاد وصلوا جميعا إلى الجامعة وتخرجوا منها وبعضهم تزوج الآن وتقول: بعد زواجه من أخرى واجهتني مشاكل عديدة ولازمني المرض فلم أتحمل الصدمة، وبعد شفائي واستردادي لعافيتي قررت أن أكمل تعليمي وأواصل دراستي في أحد المراكز المسائية، وأتمنى أن يطول بي العمر لأصل للجامعة.