غالبًا ما نقلل من شأن ما يمكن أن يفعله الاطفال، ولكن إذا استطعنا تحمل بعض الفوضى والعمل البطيء، يمكن للأطفال أن يكونوا مساعدين رائعين في منزلنا.

فالبحث الذي أجراه مارتي روسمان الأستاذ الفخري المشارك في التربية الأسرية بجامعة مينيسوتا، يُظهر أن إشراك الاطفال في الأعمال المنزلية منذ سن مبكرة يمكن أن يكون له تأثير إيجابي في وقت لاحق من الحياة، وتظهر دراسته أيضًا أن العمر الذي يبدأ فيه الطفل المشاركة في المهام المنزلية له تأثير على نجاحه في وقت لاحق من الحياة، فكلما بدأوا مبكرًا كان ذلك أفضل.

ما هي الفوائد التي يجنيها الأطفال من أداء الأعمال المنزلية؟

   - يتعلمون أن يكونوا مستقلين

لن يبقى الآباء في الجوار مدى الحياة، لذا فهم بحاجة إلى معرفة كيفية الاعتناء بأنفسهم دون مساعدة مستمرة من أحد الوالدين.

   - يتعلمون أن يكونوا مسؤولين

من خلال إشراك الاطفال في الأعمال المنزلية يتعلمون أنه من واجب الجميع المشاركة في إدارة المنزل، ويجب أن يدركوا أن كل شيء في الحياة لن يتم تسليمه إليهم بسهولة ويتطلب العمل لجعل الأشياء تحدث في الحياة.

   - يعزز احترامهم لذاتهم

عندما يقومون بالأعمال المنزلية فإنهم يشعرون بالفخر ويشعرون بالإنجاز، وعندما نقدر كيف جعلت مساعدتهم يومنا أفضل، فإنهم يشعرون بأهميتهم ويدركون قدراتهم في مساعدة الآخرين.

   - يتعلمون تقنيات إدارة الوقت

تعتبر الأعمال المنزلية جزءًا من الحياة طالما أننا نتنفسها وتعلمناها منذ الصغر حيث تساعدهم على التعود عليها، ويتعلمون تضمينها في يومهم مع جميع الأنشطة الأخرى بما في ذلك الدراسة واللعب.

إدارة الوقت هي مهارة قيمة يجب امتلاكها في حياة البالغين أيضًا، فعندما يصل الاطفال إلى سن الرشد يكونون بحاجة إلى التوفيق بين مجالات مختلفة من حياتهم مثل العمل والعائلة وإدارة الأسرة، وعندما يبدأ الاطفال في إدارة أعمالهم المنزلية منذ صغرهم، فإنهم يتعلمون مهارات حياتية مهمة ستساعدهم عندما يصبحون بالغين.

   - يتعلمون التعاطف

عندما يشاركون في إدارة شؤون المنزل، فإنهم يدركون أن ما يفعله آباؤهم ليس بالأمر السهل، فيقدرون ما تفعليه أكثر ويساعد ذلك على بناء علاقة أقوى بين الآباء والاطفال.

   - يتعلمون العمل الجماعي

يتعلمون العمل مع أشخاص آخرين، ويتعلمون كيفية التعامل مع الخلافات وعواقب الفشل في القيام بمهمة لأن هناك أشخاصًا يحاسبونهم، ويمكنهم فيما بعد نقل هذه المهارات إلى المدرسة ومكان العمل وحتى الزواج.

هناك العديد من الفوائد لإشراك الاطفال في الأعمال المنزلية وذلك يساعدهم على التطور.

حسنًا، بعد أن علمنا أن الأعمال المنزلية مفيدة للأطفال كيف نبدأ؟

أتمنى أن يكون الأمر سهلاً كما نتحدث عنه، فنحن كأمهات نحلم بأن يقوم الاطفال بأعمالهم المنزلية دون تذمر، فإن الاضطرار إلى التعامل مع ااتذمر هو عمل روتيني آخر مرهق بالنسبة لنا، وفي كثير من الأحيان نشعر بالتعب ونشعر أننا نفضل القيام بذلك بأنفسنا.

ولكن يجب أن يكون هناك طريقة ما أليس كذلك؟ 

دعونا نرى كيف يمكننا جعل الأطفال يتعاونون مع الأعمال المنزلية؟

   - البدء من سن صغير

ابدأي في تشجيع طفلك على القيام بالأعمال المنزلية بدءًا من سن عامين.

يمكن للأطفال الصغار القيام بالأعمال المنزلية البسيطة مثل وضع الألعاب بعيدًا ووضع الملابس المتسخة في سلة الغسيل وما إلى ذلك.

يمكن للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة طي الملابس الصغيرة، وارتداء ملابسهم بأنفسهم، وتعلم الاحتفاظ بممتلكاتهم في مكانها، وما إلى ذلك.

إذا لم تكوني قد بدأت في سن مبكرة فلا يزال بإمكانك القيام بذلك الآن، فدعبهم يعرفون سبب رغبتك في تعريفهم على القيام بالأعمال المنزلية بأنفسهم وكيف سيفيد ذلك كل فرد في المنزل بما في ذلك هم.

   - لا تقولي لا عندما يريدون المساعدة

يتوق الاطفال عادةً إلى المساعدة وتقديم المساعدة من خلال طرح السؤال "هل يمكنني القيام بذلك؟"
لكن الآباء يترددون أحيانًا في السماح لهم بالقيام بما يطلبونه لأننا إما نعتقد أنهم لن يكونوا قادرين على القيام بذلك أو أننا قلقون بشأن الفوضى التي يتعين علينا تنظيفها.

أود أن أقول اغتنمي الفرصة ودعيهم يساعدون، لأنه إذا كنت تثبطين عزيمتهم دائمًا عن المساعدة، فقد لا يأتون إليك مرة أخرى لطلب المساعدة.

إذا طلبوا شيئًا يفوق قدراتهم مثل: إذا طلبت طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات سكينًا لتقطيع الخضار فلن أتركها تفعل ذلك، ولكن بدلاً من ذلك كنت أنظر حولي وأعرض شيئًا آخر يمكنها أن تفعله من أجلي.

وإذا كنت في عجلة من أمري لإنجاز شيء ما ولم يكن لدي سوى وقت محدود، فسأخبرها أنها تستطيع القيام بذلك لمدة 5 دقائق، وبعد ذلك ستفعل الأم ذلك لإنهائه سريعًا.

وهم بالتأكيد فوضويون ويؤدون للمزيد من العمل بالنسبة لنا، ولكن تذكري أنها تجربة تعليمية لهم، فعندما يكونوا قادرين على القيام بعمل روتيني بطريقتهم غير المثالية، فإنهم يشعرون بإحساس بالإنجاز وستكون لديهم الرغبة في فعل المزيد.

سوف يتعلمون القيام بذلك بشكل أفضل من الأخطاء التي يرتكبونها كما أنه يعلمهم الدرس المهم المتمثل في المحاولة مرارًا وتكرارًا عندما يفشلون.

   - عيّني الصلاحيات حسب العمر

تحديد الأعمال المنزلية وفقًا لأعمار الاطفاى وقدراتهم، فليس كل طفل كالآخر، فلا تضعي طفلك تحت ضغط غير مرغوب فيه.

   - دعيهم يختاروا

عندما تقومين بتعيين المهام الروتينية لكل طفل دعيهم يختاروا ما يستمتعون به، فقد تكون هناك بعض الأعمال التي تحبها ابنتك ولكن ابنك لا يحبها والعكس صحيح.  وتناوبي على الأعمال الروتينية كل اسبوع لتجنب الرتابة وتجنب أن يعلق أحد في الأعمال الروتينية التي يكرهها لفترة طويلة.

ولكن بعض الأعمال "لا بد منها" بغض النظر عما إذا كانوا يحبوها أو يكرهوها، على سبيل المثال: يجب دائمًا تعليم الاطفال تنظيف الفوضى التي أحدثوها، فلا يمكنني ترك ابنتي تفلت من العقاب بالتقاط الألعاب التي نثرتها على الأرض لمجرد أنها لا تحب القيام بذلك.

  - العمل معا

اجعلي من المعتاد تعريض أطفالك للأعمال المنزلية قدر الإمكان بدءًا من الصغر، حيث يساعدهم هذا في التعرف على الأعمال المنزلية التي يقوم بها آباؤهم لإدارة الأسرة، فالاطفال لديهم الرغبة الجوهرية في المساعدة، ولكن إذا تم القيام بالأعمال المنزلية كفريق واحد فسيكون لديهم دافع أكبر للقيام بالأعمال المنزلية.

يمكنك تقسيم مهمة أكبر إلى مهام أصغر وتخصيص كل جزء لكل طفل، وأخبريهم كيف إذا عمل الجميع معًا يمكن إكمال المهمة بسهولة.

على سبيل المثال: إذا كنت تمسحين الأرضيات يمكنك أن تطلبي من الاطفال نفض الغبار عن الأثاث ووضع كل شيء على الأرض في مكانه.

أو إذا كنت تقومين بطهي وجبة فاطلبي منهم المساعدة في غسل الخضار وتقطيعه.

يمكنك إبقاء كل جلسة ممتعة من خلال التحدث عن يومك ومشاركة القصص المضحكة، وعندما تقومين بالأعمال المنزلية معهم يمكنك أيضًا أن توضحي لهم كيفية القيام بكل مهمة حتى تتمكني من التأكد من أنهم قادرون على القيام بها بأمان، وساعديهم عند الحاجة حتى لا يشعرون بعدم الكفاءة.

   - ساعديهم على تطوير روتين أساسي

حددي وقتًا محددًا كل يوم في جدولهم للقيام بالأعمال المنزلية، فهذا يساعدهم على أن يكونوا مستعدين ويسهل عليك أيضًا.

يساعد وجود روتين أيضًا في جعله عادة، وهذا يعني طلبات أقل من جانبك وتعاون أسهل من أطفالك، حيث يساعد الروتين جنبًا إلى جنب مع مخطط الأعمال الروتينية على تطوير نظام يفيد الجميع.

عندما يكون لديهم روتين يمكنك توقع إنجاز الأعمال المنزلية في الوقت المحدد، وقد لا يكون الأمر سهلاً كما يبدو لأن الاطفال سوف يتذمرون، ولكن بمرور الوقت عندما يدركون التوقعات الموضوعة عليهم يمكنك أن تتوقعي أن تصبح الأمور أسهل.

لمساعدتهم على إنجاز الأعمال المنزلية في الوقت المحدد يمكنك إعطاء تعليمات مثل:

"أرغب في إنجازها في 5 دقائق حتى نحصل على وقت لقراءة قصة"

"يمكنك اللعب بالخارج بمجرد وضع كل الملابس المتسخة في السلة"

بالنسبة للأطفال الأصغر يمكنك تحفيزهم على إنهاء الأعمال المنزلية عن طريق ضبط مؤقت، فاضبطي مؤقتًا واطلبي منهم الانتهاء من التقاط الألعاب قبل أن يدق الجرس، ويمكنك استخدام إبداعك لتشجيع الأطفال على المشاركة.

   - الصبر هو المفتاح

قد يبدو الأمر وكأنه حلم جعل المساعدين الصغار يقومون بأعمالهم اليومية بسعادة باستثناء أنه لا يمكن أن يحدث مرة واحدة فأنت تقومين بإدخال نظام الأعمال الروتينية.

عليك أن تتحلى بالصبر لتنفيذ هذا الروتين الجديد، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يعتاد الاطفال على ذلك، وكوني مستعدًة لقبول كل الأعمال الفوضوية التي يقومون بها، مثل: الملابس المطوية بشكل غريب والأرضيات التي تم تنظيفها بشكل غير كامل، فتقبلي جميعها كجزء من النظام، وسوف يتحسنون مع الوقت وسيستحق الأمر كل هذا الجهد المبذول.

   - لا تنتقديهم أو تأنيبهم لأن ذلك سيثنيهم عن الاستمرار في المشاركة

شجعي جهودهم بلطف وأظهري لهم كيف يمكنهم القيام بذلك بشكل أفضل في المرة القادمة، ودعيهم يعرفون أن مشاركتهم لها دور مهم في إدارة الأسرة.

  -  لا تفعلي ذلك

بيت القصيد من نظام الأعمال الروتينية هو تعليم أطفالك مهارات حياتية مهمة عندما يعيشون بمفردهم، وفي نفس الوقت تتلقي المساعدة وهذا من شأنه أن يجعل حياتك أسهل أيضًا.

لكن إجبار الاطفال سيكون له تأثير سلبي، فيجب ألا يكون تنفيذ النظام الروتيني عملاً روتينيًا آخر بالنسبة لك.

الفكرة من وراء جعل الاطفال يقومون بالأعمال المنزلية هو جعلهم يدركون إمكاناتهم ودورهم في إدارة الأسرة، ولكن يجب أن ينبع ذلك من مبادرتهم الخاصة.

ابدأي بالأعمال المنزلية التي يحبونها وابنيها ببطء من خلال تقديم الدعم والتقدير.