تُعدّ رحلة الإنجاب حلمًا يراود الكثير من النساء، وتُصبح فترة محاولة الحمل مليئة بالترقب، الأمل، وأحيانًا القلق، وفي خضم هذا الانتظار، تنتشر العديد من النصائح الشعبية والمعتقدات الشائعة حول كيفية تعزيز فرص الحمل بعد العلاقة الزوجية.
ومن بين هذه المعتقدات، يبرز سؤال يتردد كثيرًا في أذهان النساء، وهو: "هل النهوض مباشرة بعد العلاقة الزوجية يمنع الحمل؟" هذا التساؤل يقود إلى مناقشات حول اتخاذ وضعيات معينة أثناء العلاقة، وضرورة الاستلقاء بعد الجماع، وحتى رفع الساقين.
يهدف هذا المقال إلى تقديم دليل مُفصل ومُستند إلى الأدلة العلمية لمساعدة المرأة في فهم العوامل الحقيقية التي تُؤثر على حدوث الحمل، وتبديد الأساطير الشائعة، وتقديم نصائح عملية لتعزيز الخصوبة بشكل عام، مع الإجابة بشكل قاطع على السؤال المحوري: "هل النهوض مباشرة بعد العلاقة الزوجية يمنع الحمل أم لا؟".
قبل الخوض في تفاصيل النصائح والأساطير، من الضروري فهم الآلية البيولوجية التي تُؤدي إلى حدوث الحمل، هذه العملية معقدة وتتطلب عدة خطوات رئيسية، وهي:
تُعدّ هذه هي الخطوة الأهم! ففي كل دورة شهرية، تُطلق بويضة ناضجة من أحد المبيضين، وتُعرف هذه العملية بالإباضة، وتحدث عادةً في منتصف الدورة (حوالي اليوم 14 من دورة مدتها 28 يومًا، ولكنها تختلف من امرأة لأخرى).
البويضة تكون جاهزة للإخصاب لمدة قصيرة جدًا تتراوح ما بين 12 إلى 24 ساعة فقط بعد إطلاقها، لذلك يعتبر تحديد وقت الإباضة هو مفتاح تعزيز فرص الحمل.
بعد القذف، تدخل ملايين الحيوانات المنوية إلى الجهاز التناسلي الأنثوي، تتميز الحيوانات المنوية بقدرتها على العيش داخل جسم المرأة لمدة تصل إلى 5 أيام، وبعض المصادر تُشير إلى 7 أيام في الظروف المثالية.
هذا يعني أن العلاقة الزوجية التي تحدث قبل الإباضة بعدة أيام يُمكن أن تُؤدي إلى حدوث الحمل، حيث تنتظر الحيوانات المنوية البويضة.
بعد الإخصاب، تبدأ البويضة المخصبة (التي تُسمى الآن زيجوت، ثم تتحول إلى كيسة أريمية) في الانقسام بينما تُسافر ببطء عبر قناة فالوب نحو الرحم، تستغرق هذه الرحلة عادةً من 3 إلى 5 أيام.
عندما تصل الكيسة الأريمية إلى الرحم، تلتصق ببطانة الرحم السميكة والغنية بالدم في عملية تُعرف بالانغراس، وهي اللحظة التي يُصبح فيها الحمل رسميًا! ويحدث الانغراس عادةً بعد حوالي 6 إلى 12 يومًا من الإباضة.
تُشير بعض الأساطير إلى أن وضعيات معينة مثل الوضعيات التي تكون فيها المرأة على ظهرها أثناء وبعد العلاقة الزوجية تُساعد على تجميع الحيوانات المنوية قرب عنق الرحم وتُسهل وصولها إلى البويضة، ويُعتقد أن هذه الوضعيات تستفيد من الجاذبية لتقليل تسرب السائل المنوي.
لا يوجد أي دليل علمي يُؤكد أن هناك وضعية معينة للعلاقة الزوجية تُزيد من فرص الحمل؛ فبمجرد القذف، تتحرك الحيوانات المنوية بسرعة نحو عنق الرحم، بغض النظر عن وضعية الجسم.
آلاف الحيوانات المنوية تبدأ رحلتها الفورية، وكمية السائل المنوي التي قد تتسرب إلى الخارج بعد العلاقة الزوجية لا تُؤثر بشكل كبير على فرص الحمل، لأن العدد الكافي من الحيوانات المنوية النشطة تكون قد بدأت رحلتها بالفعل، ولكن الأهم هو أن تكون العلاقة الزوجية مريحة للطرفين وتحدث في الوقت المناسب.
تُنصح الكثير من النساء برفع أرجلهن في الهواء أو وضع وسادة تحت الأرداف بعد العلاقة الزوجية لمدة 15-30 دقيقة، بهدف مساعدة الحيوانات المنوية على السباحة نحو البويضة أو منع تسرب السائل المنوي.
هذا المعتقد لا أساس له من الصحة علميًا؛ الحيوانات المنوية سبّاحة ممتازة ومُجهزة بيولوجيًا للتحرك ضد الجاذبية، والسائل المنوي الذي يُقذف في المهبل سرعان ما يتلامس مع عنق الرحم، وتبدأ الحيوانات المنوية النشطة في الدخول إليه في غضون ثوانٍ أو دقائق قليلة.
أي أن رفع الساقين أو وضع وسادة تحت الأرداف لا يُغير من هذه الحقيقة البيولوجية، وحتى لو تسرب بعض السائل المنوي إلى الخارج، فإن هذا لا يعني أن العدد الكافي من الحيوانات المنوية لم يصل إلى عنق الرحم، ولكن الأطباء وخبراء الخصوبة يُجمعون على أن هذه الممارسات ليس لها تأثير ملموس على فرص الحمل.
لا، لا يُوجد دليل علمي يُؤكد أن النهوض مباشرة بعد العلاقة الزوجية يمنع الحمل، دعونا نُفصّل لماذا هذا المعتقد غير صحيح:
إذن ملكتي لا داعي للقلق بشأن النهوض مباشرة بعد العلاقة الزوجية وعلاقته بالحمل، يُمكنكِ القيام بما تشعرين به براحة تامة بعد العلاقة الزوجية دون أن يُؤثر ذلك على فرصكِ في الحمل.
كما هو الحال مع النهوض، يُعتقد أن التبول أو تنظيف المهبل بعد الجماع يُمكن أن يُزيل الحيوانات المنوية ويمنع الحمل.
التبول يُزيل البكتيريا من مجرى البول ولا يُؤثر على الحيوانات المنوية التي دخلت عنق الرحم، كذلك، فإن الحيوانات المنوية تكون قد بدأت رحلتها بالفعل في غضون ثوانٍ من القذف، وتنظيف المهبل الخارجي لن يُؤثر على الحيوانات المنوية التي سبحت بالفعل إلى الداخل.
قد تُنصح بعض النساء بالاستلقاء لمدة ساعة أو أكثر بعد العلاقة الزوجية لضمان وصول الحيوانات المنوية.
كما ذكرنا سابقًا ملكتي، معظم الحيوانات المنوية النشطة تكون قد وصلت إلى عنق الرحم في غضون دقائق بالفعل! لذلك فإن الاستلقاء لساعات ليس ضروريًا ولا يُقدم فائدة إضافية كبيرة لزيادة فرص الحمل، ولكن الشعور بالراحة والاسترخاء بعد العلاقة أهم بكثير.
بدلًا من القلق بشأن النهوض مباشرة بعد العلاقة الزوجية يجب التركيز على العوامل التي تُؤثر فعليًا على الخصوبة وفرص الحمل، مثل:
تحديد نافذة الخصوبة! تُعد هذه هي النصيحة الأكثر أهمية، ونافذة الخصوبة هي الأيام الستة التي تسبق الإباضة ويوم الإباضة نفسه، وتكون فرص الحمل في أعلى مستوياتها إذا كانت العلاقة الزوجية قد حدثت خلال هذه الأيام، ويمكنك تحديد الإباضة بهذه الطرق:
تعرض الزوجين للمواد الكيميائية الضارة، المبيدات الحشرية، والمعادن الثقيلة يُمكن أن يُؤثر على الخصوبة.
لا داعي لانتظار أيام معينة فقط، فممارسة العلاقة الزوجية المنتظمة (2-3 مرات في الأسبوع) تُحافظ على صحة الحيوانات المنوية وتُزيد من فرص مصادفة نافذة الخصوبة، حتى لو كانت الدورة الشهرية غير منتظمة بعض الشيء.
بعض أنواع المزلقات العادية (مثل الفازلين أو المزلقات القائمة على الزيت) قد تُعيق حركة الحيوانات المنوية، لذلك اختاري الأنواع الصديقة للخصوبة (Fertility-friendly lubricants) المصممة خصيصًا لمساعدة الحيوانات المنوية على البقاء حية والوصول إلى عنق الرحم.
تعلمي المزيد عن دورتكِ الشهرية، علامات الإباضة، وكيفية عمل جسمكِ، فالمعرفة تُمكنكِ من اتخاذ قرارات مستنيرة.
الاستعداد للحمل يشمل أيضًا التخطيط المالي والعاطفي لاستقبال طفل جديد في حياتكِ!
على الرغم من أن معظم الأزواج يحملون في غضون عام واحد من المحاولة المنتظمة، إلا أن هناك حالات تتطلب استشارة الطبيبة، مثل:
سيقوم الطبيب بإجراء الفحوصات اللازمة لكلا الزوجين لتحديد أي مشاكل قد تُؤثر على الخصوبة وتقديم خيارات العلاج المناسبة.
تُعدّ رحلة محاولة الحمل فترة فريدة ومُهمة في حياة المرأة، لذلك من الضروري جدًا فصل الحقائق العلمية عن الأساطير الشائعة لتعزيز فرص الحمل بشكل فعال.
أما بالنسبة لسؤالكِ المتكرر: "هل النهوض مباشرة بعد العلاقة الزوجية يمنع الحمل؟"، فالإجابة القاطعة هي لا؛ الحيوانات المنوية سباحة ماهرة وتصل إلى وجهتها بسرعة، ولا تتأثر بالجاذبية أو بحركة الجسم بعد الجماع.
وبدلًا من القلق بشأن تأثير النهوض مباشرة بعد العلاقة الزوجية ركزي على العوامل الحقيقية التي تُؤثر على الخصوبة، مثل تحديد نافذة الخصوبة بدقة وممارسة العلاقة الزوجية في التوقيت الأمثل، الحفاظ على نمط حياة صحي لكِ ولزوجك، وتذكري أن الحمل هو عملية بيولوجية معقدة تتطلب التوافق بين العديد من العوامل، وأن الصبر والانتظام هما مفتاحان الحمل.
وإذا كنتِ تُعانين من صعوبة في الحمل، أو لديكِ أي مخاوف بشأن خصوبتكِ أو خصوبة زوجكِ، فإن أفضل خطوة هي استشارة طبيبة أمراض نساء أو أخصائي خصوبة.
يُمكن للخبرة الطبية أن تُقدم لكِ الدعم، التوجيه، والعلاجات اللازمة لزيادة فرصكِ في تحقيق حلم الأمومة بأمان وفعالية بإذن الله، وتُريحكِ من القلق حول أساطير وأسئلة مثل هل النهوض مباشرة بعد العلاقة الزوجية يمنع الحمل أم لا!
اكتشفي بعد كم يوم من العلاقة يظهر الحمل؟
تبدأ تساؤلات كثيرة تدور في الذهن حول موعد ظهور العلامات الأولى للحمل، ويُصبح السؤال "بعد كم يوم من العلاقة يظهر الحمل؟" هو الشغل
لتصبحي حاملًا؛ يجب أن تصلي إلى الوزن المثالي!
الوزن المثالي للحمل يعتمد على طولك، حيث أن مؤشر كتلة الجسم (BMI) هو رقم يعتمد على طولك ووزنك، ويتراوح مؤشر كتلة الجسم الصحي
اكتشفي تأثير التدخين السلبي على خصوبة المرأة!
يمكن أن يقلل التدخين من خصوبة المرأة ويمكن أن يؤثر سلبًا أيضًا على خصوبة الرجل، ونحن لا نتحدث عن التدخين العادي فقط؛ ولكن أيضًا عن التدخين السلبي!