تُعدّ رحلة تربية الأبناء رحلة مليئة بالاستكشافات والتحديات التي يواجهها الوالدين، خاصةً في مجتمعاتنا المحافظة حيث تُحيط بعض المواضيع بالصمت والحرج!
ومن بين هذه المواضيع الحساسة، هناك ظاهرة غريبة وبدأت تنتشر تجارب الأمهات معها مؤخرًا، وهي: العادة السرية عند الأطفال! فقد تشعر الأم بالصدمة إذا رأت طفلها أو طفلتها يلمسان أعضائهما التناسلية، مما يدفعها للتساؤل: هل هذا طبيعي؟ ما الذي يجب فعله؟ وهل يُمكن أن يُؤثر على أخلاق وتربية الابناء مستقبلًا؟
اليوم ملكتي سنُسلط الضوء على ما يُعرفه العلم حول السلوكيات الجنسية الذاتية لدى الأطفال، ومتى تُعتبر طبيعية، ومتى قد تُشير إلى مشكلة كامنة، كما سنُقدم لكِ استراتيجيات عملية للتعامل مع هذا السلوك، وكيفية التحدث مع الأطفال حول أجسادهم بطريقة صحية، مع التركيز على أهمية التربية الجنسية السليمة.
قبل الخوض في تفاصيل التربية والتعامل مع العادة السرية، من الضروري التأكيد على أن "العادة السرية" بالمعنى الذي نفهمه لدى البالغين (المرتبطة بالرغبة الجنسية الواعية) تختلف تمامًا عن السلوكيات التي يُظهرها الأطفال؛ لدى الأطفال، يُعرف هذا السلوك غالبًا بـ "الاستكشاف الذاتي"، "الاستمناء الطفولي"، أو "التحفيز الذاتي".
أظهرت العديد من الدراسات النفسية والتنموية أن الاستكشاف الذاتي للأعضاء التناسلية هو جزء شائع وطبيعي من نمو الطفل؛ على سبيل المثال، تُشير الأبحاث إلى أن ما يصل إلى 80% من الأطفال قد يُظهرون شكلًا من أشكال التحفيز الذاتي في مرحلة ما قبل المدرسة.
وبالرغم من أن هذه النسبة ليست بالقليلة، لكن يجب أن نُميز بين السلوك الطبيعي والسلوك الذي يستدعي الانتباه الطبي أو النفسي.
حتى لو أن السلوكيات الجنسية الذاتية تُعدّ طبيعية لدى معظم الأطفال، إلا أن هناك بعض الحالات التي تتطلب انتباهًا خاصًا واستشارة طبية أو نفسية، وهنا يُصبح دور التربية حاسمًا في تمييز متى يكون السلوك طبيعيًا ومتى يُصبح مُقلقًا، وهذه هي أكثر علامات تستدعي القلق:
إذا أصبح السلوك مُتكررًا بشكل مُفرط، أو شديد القوة (مما يُسبب احمرارًا أو تهيجًا في المنطقة التناسلية)، أو يُعيق الأنشطة اليومية للطفل (مثل اللعب، الأكل، أو النوم).
على سبيل المثال، طفل يمتنع عن اللعب مع أقرانه ليُمارس هذا السلوك، أو يُفضل البقاء منعزلًا للقيام بذلك، فهذا قد يُشير إلى أن السلوك أصبح مُفرطًا، أو أن الطفل لا يمتلك آليات تكيّف صحية أخرى.
إذا كان الطفل يُمارس السلوك بشكل مُتكرر في الأماكن العامة دون إدراك للخصوصية فيُمكن أن يُشير ذلك إلى نقص في الوعي الاجتماعي أو حاجته الشديدة للتحفيز الذاتي.
على سبيل المثال، إذا قام طفل في الخامسة من عمره بمُمارسة هذا السلوك في حافلة أو متجر، فهذا يُعدّ مُقلقًا للغاية لأنه يُشير إلى عدم فهمه للقواعد الدينية والاجتماعية.
إذا كان الطفل يُسبب لنفسه ألمًا أو جروحًا في المنطقة التناسلية بسبب الاحتكاك المُفرط، فهذه علامة واضحة على أن السلوك قد خرج عن إطاره الطبيعي.
إذا بدأ السلوك فجأة وبشدة بعد حدث مُؤلم أو مُوتر في حياة الطفل (مثل الانتقال إلى منزل جديد، ولادة أخ جديد، انفصال الوالدين، أو التعرض لإساءة).
في هذه الحالات، قد يكون السلوك مؤشرًا على ضائقة نفسية أو صدمة، وليس مجرد استكشاف، وقد يكون السلوك هنا بمثابة آلية تكيف غير صحية للتعامل مع المشاعر السلبية.
إذا كان الطفل لا يُظهر هذا السلوك عادةً، ثم بدأ فجأةً في مُمارسته بشكل مُتكرر ومُكثف، هذه التغيرات المفاجئة في سلوك الطفل غالبًا ما تُعدّ مؤشرًا على وجود شيء ما غير صحيح.
إذا كان الطفل يلجأ إلى هذا السلوك باستمرار كوسيلة وحيدة للتعامل مع الحزن، الغضب، أو الإحباط فهذا يُشير إلى أن الطفل قد لا يمتلك استراتيجيات أخرى للتحكم في عواطفه.
إذا كان السلوك يُصاحبه قلق مُفرط لدى الطفل حول جسده، أو انسحاب اجتماعي، أو مشاكل في التفاعل مع الأصدقاء والأقارب من نفس عمره.
إن الاستجابة الأولية والسريعة للأم عندما تُلاحظ هذا السلوك هي العنصر الأكثر تأثيرًا في التربية وفي كيفية تطوير الطفل لعلاقته مع جسده وشعوره بالرغبة، فالهدف ليس إيقاف السلوك بالقوة، بل فهم هذا السلوك جيدًا وتوجيه الطفل بطريقة صحية، تُعدّ هذه الاستراتيجيات جزءًا لا يتجزأ من تربية الابناء السليمة! إليكِ أهم استراتيجيات التربية الجنسية:
رد فعلكِ الأولي هو الأهم! يجب أن تتجنبي الصراخ، الغضب، الصدمة، أو الخجل؛ هذه الردود قد تُشعر الطفل بالذنب، العار، أو الخوف، وتُؤثر سلبًا على نموه العاطفي والجنسي.
على سبيل المثال، إذا رأيتِ طفلكِ يقوم بهذا السلوك، لا تصرخي "ماذا تفعل؟!" أو "هذا خطأ!"، بل اجعلي تعبيرات وجهكِ هادئة وحاولي أن تُغيري الموضوع بلطف.
تذكري أن هذا السلوك طبيعي وغير ضار في معظم الحالات، وحافظي على هدوئكِ وابتسامتكِ، وتعاملي مع الأمر كأي سلوك آخر يحتاج إلى توجيه.
إذا كان الطفل صغيرًا جدًا (رضيع أو طفل ما قبل المدرسة) ويُمارس هذا السلوك في مكان غير مناسب، فيُمكنكِ ببساطة إعادة توجيه انتباهه إلى نشاط آخر.
على سبيل المثال، بينما يُمارس الطفل هذا السلوك، يُمكنكِ القول: "أوه، انظر إلى هذه اللعبة الجديدة! هل تُريد أن نلعب بها معًا؟" أو "هل تريدين أن تساعدي ماما في المطبخ لإعداد كيك شهيّ!" افعلي ذلك بهدوء، دون تعليق أو حكم، وكأنكِ لم تُلاحظي السلوك بشكل مباشر، وتذكري ملكتي أن الهدف هو صرف انتباهه دون إشعاره بالخطأ.
مع تقدم الطفل في العمر، يجب التأكيد على مفهوم الدين وكذلك الخصوصية، يُمكنكِ القول بهدوء وبدون حكم: "هذا شيء يضر جسمكِ ولا يُرضي الله عنك، أعلم أنك لا تقصد فعله، ولكن عندما تأتيك الفكرة مجددًا يمكنك التحدث معي، وأنا سأساعدكِ فورًا! يمكننا الذهاب إلى مطعمك المفضل لتناول الطعام، أو التنزه قليلًا وشراء بعض الأشياء، سنحاول فعل أي شيء تحبه حتى تتلاشى هذه الفكرة تمامًا بإذن الله!"
هذا الحوار يُعلم الطفل حدوده دون أن تُشعريه بالعار أو الذنب، وتجعله منفتحًا معكِ ويخبركِ بأي شيءٍ يخطر بباله دون الشعور بالخجل.
إذا كنتِ تشكين في أن هذا السلوك مرتبط بالتوتر، الملل، أو القلق، فحاولي معالجة هذه الأسباب.
هل الطفل يحصل على اهتمام كافٍ؟ هل لديه ما يكفي من الأنشطة المُحفزة (اللعب، القراءة، الأنشطة الفنية)؟ هل يُعاني من أي ضغوط في المنزل أو المدرسة (مثل التنمر، مشاكل الأصدقاء، أو ضغوط أكاديمية)؟
إن قضاء المزيد من الوقت مع الطفل في اللعب، القراءة، أو الأنشطة المُختلفة يُمكن أن يُقلل من الحاجة إلى اللجوء لهذا السلوك من أجل التحفيز الذاتي.
العقاب، التوبيخ، أو التهديد يُمكن أن تُسبب هذه الأساليب ضررًا نفسيًا كبيرًا للطفل، وتربط المتعة الجسدية بالذنب والعار، مما قد يُؤدي إلى مشاكل في المستقبل؛ على سبيل المثال، القول "إذا فعلت هذا مرة أخرى، سأغضب منك جدًا!" أو "هذا عيب!" يُمكن أن يُسبب ضررًا لا يُمكن إصلاحه.
لن تُوقف هذه الأساليب السلوك السيئ بل ستجعل الطفل يُمارسه سرًا، مما يزيد من القلق والخوف ويُعيق التواصل المفتوح بينكما في المستقبل.
التربية الجنسية لا تعني فقط التحدث عن الإنجاب أو العلاقات الجنسية عند البلوغ، بل تبدأ في سن مبكرة جدًا من خلال تعليم الأطفال عن أجسادهم، حدودهم، ومفهوم الخصوصية، هذا النهج الشامل يُشكل حجر الزاوية في تربية الابناء الأصحاء نفسيًا.
إن بناء جسور التواصل المفتوح مع أطفالكِ يُمكن أن يمنحكِ رؤى قيمة حول صحتهم العاطفية والنفسية، فعندما يشعر الطفل بالأمان في التحدث إليكِ عن أي شيء، بما في ذلك جسده وسلوكياته فإنكِ بذلك تُصبحين خط الدفاع الأول له! وهذا يُمكن أن يُساعد في اكتشاف أي مشكلات مُحتملة (مثل الإساءة أو القلق) في مراحلها المبكرة.
في بعض الحالات، على الرغم من كل جهود التربية الواعية، قد يستمر القلق أو تزداد الحاجة إلى مساعدة مُتخصصة، ويُمكن أن تُوفر هذه المساعدة تقييمًا دقيقًا ودعمًا مُتخصصًا يُكمل جهودكِ في تربية الابناء:
إن التعاون مع المهنيين يُمكن أن يُوفر لكِ راحة البال، ويُمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في صحة طفلكِ ورفاهيته على المدى الطويل.
يُعدّ التمييز بين السلوك الطبيعي والمُقلق تحديًا حقيقيًا وتلعب تربية الابناء المبنية على الملاحظة الواعية والحوار المفتوح دورًا أساسيًا هنا! فكلما كنتِ أكثر تفهمًا وهدوءًا كان من الأسهل على طفلكِ أن يُعبر عن نفسه أو عن أي ضائقة يُعاني منها.
إن ظاهرة العادة السرية عند الأطفال هي في معظم الأحيان جزء طبيعي من نموهم واستكشافهم لأجسادهم، رلا يجب أن تكون مصدرًا للذعر أو الخجل للأمهات، إذ تُقدم لكِ التربية الواعية فرصة ذهبية لبناء علاقة صحية ومفتوحة مع أطفالكِ حول أجسادهم والتربية الجنسية السليمة.
من خلال الاستجابة الهادئة، تعليم الخصوصية، وتقديم التثقيف الجنسي الإيجابي والمناسب للعمر، ستُمكنين أطفالكِ من فهم أنفسهم بشكل أفضل، وتُنمين لديهم الثقة بالنفس، وتُحميهم من المخاطر المحتملة.
وتذكري، عزيزتي الأم، أن الهدف الأساسي لـ تربية الابناء في هذا السياق ليس قمع السلوك، بل فهمه، ومعالجة أي قلق كامن، وغرس القيم الدينية والصحية حول الجسد.
قصة بينوكيو رحلة الصدق والشجاعة في أرض الخيال
هل تبحثين عن قصة ممتعة وذات هدف سامي لتحكيها لأطفالك قبل النوم؟ إذًا هيا بنا نقرأ قصة بينوكيو معًا!
اكتشفي متى يجب أن يتوقف نوم الطفل مع والديه
إن تحديد مكان نوم الطفل عندما يعود إلى المنزل من مستشفى الولادة هو أمر سهل للغاية، حيث يختار معظم الآباء مشاركة الغرفة في البداية
صغيركِ يشتاق إليكِ؛ خصصي له مزيدًا من الوقت بهذه الطرق
إن تخصيص الوقت لنفسك كأم جديدة يمكن أن يكون أمرً صعبًا، حتى لو كانت لديكِ خبرة سابقة بالأمومة وتربية الأطفال، لكن الأمر