أحكام الصيام و طهر المرأة في رمضان
قمنا بتجميع كل التساؤلات التي تخطر على بالك و أجبنا عليها
الصوم هو الإمساك عن المفطرات تقرباً إلى الله جل وعلا من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس.
والمرأة وهي في البيت إذا رأت أن وقت الفجر قد دخل بالنظر إلى التقويم أو مواقيت الصلاة التي تكون بالهواتف، وكانت الساعة مضبوطة، ولم تتمكن من سماع الأذان بسبب المكيفات أو الأصوات المزعجة أو بُعد البيت عن المسجد، فإنها تمسك عن الطعام وعن الشراب، وبعض الناس يستمر في الأكل والشرب يقول: ما دام أن المؤذن يؤذن فنحن نأكل ونشرب، نقول: هذا خطأ، بل متى ما دخل الوقت وجب الإمساك
يجب الصيام على الفتاة متى بلغت سن التكليف ، ويحصل البلوغ بتمام خمس عشرة سنة، أو بإنبات الشعر الخشن حول الفرج، أو بالحيض، فمتى حصل بعض هذه الأشياء لزمها الصيام ولو كانت بنت عشر سنين. [ابن جبرين: فتاوى إسلامية].
فإذا كانت قد توافرت فيها شروط التكليف فالصيام واجب عليها، ويجب عليها قضاء ما تركته من الصيام في وقت تكليفها. وإذا اختل شرط من الشروط فليست مكلفة ولا شيء عليها.[اللجنة الدائمة: فتاوى إسلامية]
إذا بلغت الفتاة أثناء النهار لزمها الإمساك بقية اليوم؛ لأنها صارت من أهل الوجوب، ولا يلزمها قضاء ما فات من الشهر؛ لأنها لم تكن من أهل الوجوب.
لا يجوز للفتاة الحياء من الحيض والصوم وهي حائض، فالحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، وقد منعت الحائض من الصوم والصلاة، فمن صامت وهي حائض حياء من أهلها عليها قضاء تلك الأيام التي صامتها حال الحيض، ولا تعود لمثلها. [ابن جبرين: اللؤلؤ المكين].
وإذا بلغت الفتاة ودخل عليها رمضان ثم لم تصم خجلاً، فيلزمها قضاء ذلك الشهر الذي أفطرته بعد بلوغها، ولو متفرقاً، وعليها مع القضاء صدقة عن كل يوم مسكين، لقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة:184]، وذلك نحو نصف صاع عن كل يوم؛ وذلك لأن الواجب أن تصومه في وقته. [ابن جبرين: اللؤلؤ المكين]
وتشترط النية في صوم الفرض، وكذا كل صوم وواجب، كالقضاء و الكفارة؛ لحديث: ((لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل)). رواه أبو داود، فإذا نويت الصيام في أي جزء من أجزاء الليل ولو قبل الفجر بلحظة صحَّ الصيام
ويستحب أن يكون الفطر على رطب فإن لم تكن فعلى تمر فإن لم يكن حسا الصائم حسوات من ماء، ويستحب له إذا فرغت المراة من الفطور أن تقول: (ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله). رواه الإمام أبو داود وهو حديث حسن، ويستحب لها أن تدعو فإن للصائم عند فطره دعوة لا ترد.
يستحب تعجيل الفطر قبل صلاة المغرب، وتأخير السحور، قال صلى الله عليه وسلّم: ((لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر)) متفق عليه.
الراجح أن الحجامة لا تفطر، لكن الأفضل للصائم أن يؤخر ذلك إلى الليل، فالأولى أن تؤخر المرأة الحجامة إذا احتاجت إليها إلى الليل، ومثل ذلك أيضاً التبرع بالدم، الأفضل أن يؤخر إلى الليل، أما إذا كان لحاجة مريض فلا مانع أن تتبرعي بالدم لحاجة مريض يحتاج إلى الدم نهاراً ولا تفطرين بذلك على الصحيح، وكذلك لا يحصل الفطر أيضاً بسحب الدم للتحليل، هذا الراجح كذلك، أن الصائم لا يفطر به.
إذا تناولت المرأة شيئًا من المفطرات بغير قصد فلا تفطر، كما لو استقاءت (أفرغت ما في معدتها) بلا قصد، كمن حصل عندها غثيان وخرج الطعام من معدتها بلا اختيار، لا تفطر، أو تمضمضت أو استنشقت ثم حصل لها شيء -مثلاً- من سعال أو نحوه، فدخل الماء إلى جوفها من غير قصد ، فلا شيء عليها. وإن كان الصائم ينهى عن أن يبالغ في الاستنشاق وهو صائم، ولذا جاء في الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) رواه الإمام أبو داود. والمبالغة أن يرفع الماء إلى أعلى الأنف، أن يجذبه إلى أعلى الأنف، هذا يكره للصائم، فإن فعله فلا يفطر إلا إذا دخل الماء، إذا دخل الماء إلى الجوف أفطر.
كذلك إذا أفطرت وهي ناسية، فلا شيء عليه، ولذا جاء في الحديث أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من نسي فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) متفق عليه.
كذلك إذا كانت جاهلة، جاهلة بالحكم أو بالوقت، لا تفطر، قال الله جل وعلا: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] ، الخطأ هو الجهل، والجهل بالوقت يقع كثيراً.
حيث يحصل للنساء كثيراً، تكون الساعة عندها فيها خطأ ولم تنتبه، توقفت الساعة -مثلاً- أثناء الليل، فنظرت إلى الساعة فإذا بالساعة الثانية ليلاً في نظرها ولكن الساعة في الحقيقة قد توقفت مدة ساعة أو ساعتين وهي لم تعلم، فتسحرت، وأثناء السحور سمعت الإمام يصلي وسمعت المؤذن يقيم أو جاءها من يخبرها، وكانت لما أكلت تعتقد أن الليل باق ما عندها أي شك، فنقول: كذلك هذه لا تقضي ولا شيء عليها، تمسك يومها ذلك ولا قضاء عليها؛ لأنها جاهلة.
1 البول : وهو ما يخرج من المثانة، وحكمه نجس، ناقض للوضوء بالنص والإجماع، قال تعالى: (أو جاء أحد منكم من الغائط)
2 المذي: وهو سائل غليظ أبيض قليل يخرج من ذكر الرجل أو قبل المرأة - من طريق الرحم من مخرج الولد - عند الشهوة الخفيفة وهو موجب للوضوء لما جاء عن على رضى الله عنه قال: " كنت رجلا مذاء فأمرت رجلا أن يسأل النبى صلى الله عليه وسلم، لمكان ابنته فسأل، فقال: " توضأ واغسل ذكرك " رواه البخارى.
3 المني: وهو سائل غليظ أبيض يخرج بدفق وهو كثير يخرج بدفق وهو كثير يخرج مع اشتداد الشهوة حال الجماع أو الاحتلام، وهو من المرأة رقيق أصفر. وهو موجب للغسل؛ لقوله تعالى: (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) (1) ، ولقوله تعالى: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) (2)
4 الودي: وهو سائل يخرج من مخرج البول بعد انتهائه قال ابن ابن حجر: " الودي بالمهملة وهو ماء أبيض شخين يخرج عقيب البول أو عند حمل شيء ثقيل" (3)
5 الحيض: وهو دم أحمر ضارب للسواد، له ريح يخرج من رحم المرأة في وقت مخصوص، وهو موجب للغسل عند انقطاعه وبرء الرحم منه،؛لقوله تعالى: (ويسئلونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين).
6 النفاس: وهو دم يخرج مع الولادة ويستمر مدة طويلة هي عند أكثر النساء أربعين يوما، وقد تقصر عن ذلك. والمرأة تدع الصلاة والصوم ومس المصحف لهذين الحدثين حتى تطهر.
7 الاستحاضة: وهو دم أحمر يخرج من المرأة في وقت غير معتاد من مخرج الحيض، ويختلف في كثرته، وهو نجس موجب للوضوء عند كل صلاة على الراجح.
8 السوائل الخارجة من سائر الجسد: كاللبن من الثدي والبزاق والمخاط والدمع وغيره، وهذه طاهرة لا توجب شيئا.
9 رطوبة فرج المرأة: وهي إفراز طبيعي عديم اللون عادة ، ولزج بدرجة خفيفة، ويشبه بياض البيض غير المطبوخ عندما يزداد نشاط غدد عنق الرحم. وهي طبيعية في كل امرأة.
الكدرة والصفرة: الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار؛ (فتح الباري لابن حجر العسقلاني - جـ 1 - صـ 508).
إذا خرج من المرأة صفرة أو كدرة أثناء مدة عادتها الشهرية فإنها تعتبرهما من الحيض، ويأخذانِ أحكامه، وأما إذا خرجا من المرأة بعد انتهاء مدة الحيض، فإن المرأة لا تعتبرهما شيئًا، وتعتبر نفسها طاهرة تمامًا؛ (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 414: 413).
1 القَصَّة البيضاء: وذلك بأن تضع المرأة قطعة من القطن في فرجها ثم تخرج جافة ليس عليها دم ولا صفرة، ولا كدرة.
2 الجفاف: علامة الطُّهر رؤية القَصَّة البيضاء، وهي إفرازات بيضاء يدفعها الرحم عند انقطاع الحيض، فإذا ما أدخلت المرأة قطنًا إلى فرجها خرج ولونه أبيض تمامًا من غير كدرة أو صفرة.
الرطوبة : هي إفراز طبيعي عديم اللون عادة ولزج بدرجة خفيفة وهذه الرطوبة طاهرة، إلا التي تكون مع الجماع فهي نجسة؛ لأنها مذي جاء النص على نجاسته.
أما الرطوبة التي لا تكون بشهوة فهي طاهرة، لأن الله تعالى سمى الحيض أذى وحرَّم إتيان الحائض لما يلازمها من الأذى وهو الدم النجس فلو كانت الرطوبة نجسة أيضًا لما زال عنها الأذى ولما سُمِّيت طاهرة، والله تعالى سمَّاها طاهرة حيث قال سبحانة: "ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين كما أن الرطوبة لا تنقض الوضوء ." كما أن الرطوبة لا تنقض الوضوء
روى الشيخان عن أسماء، قالت: جاءت امرأةٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت: أرأيت إحدانا تحيض في الثوب، كيف تصنع؟ قال: ((تحُتُّه، ثم تقرصه بالماء، وتنضحه، وتصلي فيه)). (البخاري - حديث: 227 /مسلم - حديث: 291).
تحُتُّه: تفركه وتقشره وتزيله
تقرصه: تدلكه بأصابع اليد مع صب الماء عليه
تنضحه:
تصب الماء عليه قليلًا قليلًا حتى يزول الأثر.
كما أن بقاء أثر الدم بعد إزالة دم الحيض لا يضر، إذا تعسرت إزالة الدم تمامًا.
روى أبو داود عن أبي هريرة:
أن خولة بنت يسارٍ أتت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنه ليس لي إلا ثوب واحد وأنا أحيض فيه، فكيف أصنع؟ قال: ((إذا طهرت فاغسليه، ثم صَلِّي فيه))، فقالت: فإن لم يخرج الدمُ؟ قال: ((يكفيك غَسْلُ الدمِ، ولا يضرك أثره)).
(حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 351).
إذا كان على الحائض جنابة، فليس عليها أن تغتسل حتى ينقطعَ حيضها؛ وذلك لأن الغسل لا يفيد شيئًا من الأحكام، فإن اغتسلت للجنابة في زمن حيضها ، صحَّ غسلها، وزال حُكم الجنابة فقط، ولا يزول حكم الحيض حتى ينقطع الدم. (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 278).
لا بأس للصائمة بتذوق الطعام للحاجة، بل تمجُّه وتخرجه من فمها، ولا يفسد بذلك صومها.
قد تتعمد بعض النساء أخذ حبوب في رمضان لمنع الدورة الشهرية -الحيض- والأولى ألا تفعله المرأة، وتبقى على ما قدره الله عز وجل وكتبه على بنات آدم، فإن هذه الدورة الشهرية لله تعالى حكمة في إيجادها، هذه الحكمة تناسب طبيعة المرأة، فإذا منعت هذه العادة فإنه لا شك يحدث منها رد فعل ضار على جسم المرأة، وقد قال النبي: «لا ضرر ولا ضرار» هذا بقطع النظر عما تسببه هذه الحبوب من أضرار على الرحم كما ذكر ذلك الأطباء. [ابن عثيمين: فتاوى إسلامية].
مع أن من أخذت دواءً لمنع الحيض فهو جائز إذا كان القصد هو العمل الصالح، كفعل الصيام في زمنه، والصلاة مع الجماعة كقيام رمضان، والاستكثار من قرآءة القرآن وقت الفضيلة، فلا بأس بأخذ الحبوب لهذا القصد، وأما إن كان القصد مجرد الصيام حتى لا يبقى ديناً فلا يعتبر حسناً، وإن كان مجزئاً للصوم بكل حال.[ابن جبرين: فتاوى الصيام].
وإذا حاضت المرأة فعليها أن تفطر في رمضان، وتصوم أياماً مكان الأيام التي أفطرتها بعد طهرها. [اللجنة الدائمة: فتاوى إسلامية]. وإذا طهرت المرأة في رمضان قبل أذان الفجر، حيث انقطع الدم عنها في آخر الليل من رمضان، فيصح لها أن تتسحر وتنوي الصيام حتى قبل أن تغتسل، وذلك لأنها في هذه الحال طاهرة ينعقد صومها، لكن لا تصح الصلاة حتى تغتسل، ولا يصح أيضاً وطؤها حتى تغتسل؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ} [البقرة:222] [ابن جبرين: فتاوى الصيام]. كما أنه يصح صومها ولو لم تغتسل إلا بعد الفجر. أما إذا لم ينقطع الدم ولم تطهر إلا بعد الفجر وظهور الصبح، فإنها تفطر ولا يجب عليها الإمساك وإنما يجب عليها القضاء.
يجوز للحائض والنفساء: القراءة في كتب التفسير، والفقه، وكذلك ذكر الله تعالى، وسجود التلاوة، ويجوز لزوجها أن يستمتع بها، بغير جماع.
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يباشرني وأنا حائض. (البخاري - حديث: 2030).
روى مسلم عن أنسٍ: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ﴾ [البقرة: 222] إلى آخر الآية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اصنَعوا كل شيءٍ إلا النكاح "الجماع"))، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: ما يريد هذا الرجل أن يدَعَ من أمرنا شيئًا إلا خالفنا فيه؛ (مسلم - حديث: 302).
روى ابن جرير الطبري عن أبي قلابة: "أن مسروقًا ركب إلى عائشة، فقال: السلام على النبي وعلى أهل بيته، فقالت عائشةُ: أبو عائشة مرحبًا، فأذنوا له، فدخل، فقال: إني أريد أن أسألكِ عن شيءٍ وأنا أستحيي، فقالت: إنما أنا أمُّك وأنت ابني، فقال: ما للرجل من امرأته وهي حائض؟ قالت: له كل شيءٍ إلا فَرْجَها". (إسناده صحيح) (تفسير الطبري - جـ 4 - صـ 378).
وإذا حاضت المرأة فعليها أن تفطر في رمضان، وتصوم أياماً مكان الأيام التي أفطرتها بعد طهرها. [اللجنة الدائمة: فتاوى إسلامية]. وإذا طهرت المرأة في رمضان قبل أذان الفجر، حيث انقطع الدم عنها في آخر الليل من رمضان، فيصح لها أن تتسحر وتنوي الصيام حتى قبل أن تغتسل، وذلك لأنها في هذه الحال طاهرة ينعقد صومها، لكن لا تصح الصلاة حتى تغتسل، ولا يصح أيضاً وطؤها حتى تغتسل؛ لقوله تعالى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللّهُ} [البقرة:222] [ابن جبرين: فتاوى الصيام]. كما أنه يصح صومها ولو لم تغتسل إلا بعد الفجر. أما إذا لم ينقطع الدم ولم تطهر إلا بعد الفجر وظهور الصبح، فإنها تفطر ولا يجب عليها الإمساك وإنما يجب عليها القضاء.
حُكم النفساء هو حكم الحائض في جميع ما يحرم عليها، ويسقط عنها؛ وذلك لأن دم النفاس هو دم الحيض، إنما امتنع خروجه مدة الحمل؛ لكونه ينصرف إلى غذاء الحمل، فإذا وضع الحمل، وانقطع العرق الذي كان مجرى الدم، خرج من الفَرْج، ، فيثبت حكمه، كما لو خرج من الحائض. (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 432).
فيحرُمُ على الحائض والنفساء الصلاةُ والصيام والطواف حول الكعبة، والمكث في المسجد، والجماع، وحمل المصحف، وكذلك قراءة القرآن عن ظهر قلب إلا في حالات الضرورة، كأن تكون معلمة أو طالبة عند الاختبار، أو تخشى نسيانه. قال سبحانه: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 222].
وقال تعالى عن القرآن: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 79].
روى البخاريُّ عن عائشة، قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاةَ، وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدمَ وصلِّي)). (البخاري - حديث: 228).
روى الشيخانِ عن معاذة قالت: سألت عائشة فقلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: أحَرُوريَّة (أي من الخوارج) أنتِ؟ قلت: لست بحروريةٍ، ولكني أسأل، قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. البخاري - حديث: 335 / مسلم - حديث: 321).
يسقُطُ طواف الوداع عن الحائض أو النفساء، ولا فدية عليها؛ (المغني لابن قدامة - جـ 5 - صـ 341).
روى الشيخانِ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: أُمِرَ الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض. (البخاري - حديث: 1755 / مسلم - حديث: 1328).
يحرم على الزوج أن يجامع زوجته في مدة الحيض أو النفاس ، وله أن يستمتع بما شاء من جسدها، فإن جامعها، وجب عليه التوبة والاستغفار، ووجَب عليه كذلك التصدُّق بمبلغ من المال، قيمته جرامان وربع من الذهب، كفارة لهذا الفعل الحرام، ويجب هذا على الزوجة أيضًا إذا كانت راضية عن ذلك وأما إذا كان زوجها قد أجبرها، فلا شيء عليها. (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 419: 418)، (فتاوى اللجنة الدائمة - جـ 19 - صـ 274).
روى أبو داود عن ابن عباسٍ، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض، قال: ((يتصدَّق بدينارٍ، أو نصف دينارٍ)). (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني - حديث 237).
قال ابن تيميَّة - رحمه الله -: وطء النفساء كوطء الحائض، حرامٌ باتفاق الأئمة. (فتاوى ابن تيمية - جـ 21 - صـ 624).
1 .دم الحيض أسود، ودم الاستحاضة أحمر
2 .دم الحيض ثخين، ودم الاستحاضة رقيق
3 .دم الحيض مُنتِن الرائحة، ودم الاستحاضة غير مُنتن
4 .دم الحيض لا يتجمد، ودم الاستحاضة يتجمد
. (الشرح الممتع على زاد المستقنع لابن عثيمين - جـ 10 - صـ: 668: 667).
وقد ينزل الدم أحيانًا في غير أيام الدورة الشهرية، أي بعد أن تطهر المرأة، وربما تستمر هذه الحالة لمدة يوم أو يومين، ويسمى هذا الدم الزائد عن العادة، دم عِرْق ولا يحسب من العادة الشهرية، فالمرأة التي تعرف عادتها تبقى زمن العادة لا تصلى، ولا تصوم، ولا تمس المصحف، ولا يأتيها زوجها في الفرج. فإذا طهرت وانقطعت أيام عادتها واغتسلت صارت في حكم الطاهرات، ولو رأت شيئاً من دم أو صفرة أو كدرة، بعد ذلك، فهي استحاضة لا تردها عن الصلاة والصوم وغير ذلك، فعليها أن تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلي بهذا الوضوء الفرض وما تشاء من النوافل حتى يخرج الوقت.
1 أن تكون مدة الحيض معروفة لها قبل الاستحاضة، وفي هذه الحالة تُعتبر هذه المدةُ المعلومة لها هي مدة الحيض، والباقي استحاضة.
2 أن تكون للمرأة القدرة على أن تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة؛ فدمُ الحيض أسود، وذو رائحة كريهة، وأما دم الاستحاضة فلونه أحمر، فإذا رأت الدم الأسود فهو وقت الحيض، والباقي استحاضة.
3 أن يستمر الدم بالمرأة، ولم يكن لها أيام حيض معروفة، أو نسيت عادتها، أو قد بلغت وهي مستحاضة، أو لا تستطيع أن تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة.
وفي هذه الحالة تكون فترة حيضها ستة أيام أو سبعة أيام حسب عادة أغلب النساء، وتبدأ هذه المدة عند أول رؤيتها للدم. (فتاوى ابن تيمية - جـ 21 - صـ 22: صـ 23)، (نيل الأوطار للشوكاني - جـ 1 - صـ 322: صـ 328).
إذا وضَعت المرأة ولدها ولم ترَ دمًا، وجب عليها أن تغتسل؛ وذلك لأن الولادة لا تخلو، عادة، من رطوبة ودم قليل، وإن خفي. (شرح فتح القدير لابن الهمام - جـ 1 - صـ 186/ الشرح الصغير للدردير - جـ 1 - صـ 166/مغني المحتاج للخطيب الشربيني - جـ 1 - صـ 69/الإنصاف للمرداوي - جـ 1 - صـ 105).
إذا طهرت النفساء وظهر منها ما تعرفه علامة على الطهر وهي القصة البيضاء أو النقاء الكامل، فإنها تغتسل وتصوم وتصلي ولو بعد الولادة بيوم أو أسبوع، فإنه لا حدّ لأقل النفاس، فمن النساء من لا ترى الدم بعد الولادة أصلاً، وليس بلوغ الأربعين شرطاً، وإذا زاد الدم على الأربعين ولم يتغير فإنه يعتبر دم نفاس، تترك لأجله الصوم والصلاة. [ابن جبرين: فتاوى الصيام].
فإن عاد إليها الدم في الأربعين وجب عليها ترك الصلاة والصوم، وحرمت على زوجها في أصح قولي العلماء، وصارت في حكم النفساء حتى تطهر أو تكمل الأربعين، فإذا طهرت قبل الأربعين أو على رأس الأربعين اغتسلت وصلت وصامت وحلت لزوجها، وإن استمر معها الدم بعد الأربعين، وقد تغير عن دم النفاس، فهو دم فاسد لا تدع من أجله الصلاة ولا الصوم، بل تصلي وتصوم في رمضان، وتحل لزوجها كالمستحاضة، وعليها أن تستنجي وتتحفظ بما يخفف عنها الدم من القطن أو نحوه، وتتوضأ لوقت كل صلاة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بذلك إلا إذا جاءتها الدورة الشهرية - أعني الحيض - فإنها تترك الصلاة. [ابن باز].
وإذا رأت امرأة الدم وهي حامل قبل الولادة بخمسة أيام، ولم يكن هناك علامة على قرب الوضع كالطلق، فليس هذا بدم حيض ولا نفاس، بل دم فاسد على الصحيح، وعلى ذلك لا تترك العبادات بل تصوم وتصلى.
وإن كان مع هذا الدم أمارة من أمارات قرب وضع الحمل من الطلق ونحوه فهو دم نفاس، تدع من أجله الصلاة والصوم، ثم إذا طهرت منه بعد الولادة قضت الصوم دون الصلاة. [اللجنة الدائمة].
ولا يحل للحامل أو المرضع أن تفطر في نهار رمضان إلا للعذر، فإن أفطرتا للعذر وجب عليهما قضاء الصوم؛ لقوله تعالى في المريض: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:184] وهما بمعنى المريض.
والمرأة الحامل والمرأة المرضع إذا خافتا على نفسيهما أو خافتا على نفسيهما وعلى ولديهما جميعاً فعليهما القضاء، وإن كان خوفها على ولدها فقط ، تقول: أنا لا أخاف على نفسي، أنا أخاف على ولدي فقط لا أريد أن يخف عنه اللبن، أو أخاف أن يضره الصيام، أو قال لها الطبيب ذلك، فعليها القضاء وعليها كفارة إطعام عن كل يوم مسكيناً تجب على والد الطفل، يطعم عن كل يوم مسكيناً، لأن نفقة الطفل واجبة عليه فتجب عليه هو الكفارة. وقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي والنسائي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الله وضع عن المسافر شطر الصلاة، ووضع عن الحامل والمرضع الصوم)، وجاء في أبي داود : أن النبي عليه الصلاة والسلام رخص للشيخ الكبير ... الحديث، وفيه: (والحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا عن كل يوم مسكيناً). والحامل إذا رأت القَصَّة البيضاء - وهو سائل أبيض يدفعه الرحم بعد انتهاء الحيض - التي تعرف بها المرأة أنها قد طهرت، تنوي الصيام من الليل وتصوم، وإن لم يكن لها طهر تعرفه، وضعت قطن أو نحوه بفرجها، فإن خرج نظيفًا صامت
امرأة ولدت مولودًا في رمضان، ثم لم تقض بعد رمضان لخوفها على رضيعها، ثم حملت وأنجبت في رمضان القادم، فالواجب على هذه المرأة أن تصوم بدل الأيام التي أفطرتها ولو بعد رمضان الثاني؛ لأنها إنما تركت القضاء بين الأول والثاني للعذر. [ابن عثيمين: فتاوى إسلامية].
وإذا أفطرت المرأة في رمضان لعذرٍ، فعليها أن تقضي بعد رمضان، وقبل دخول رمضان القادم، فما بين الرمضانين محل سعة من الله عز وجل، فإن أخرت القضاء إلى ما بعد رمضان القادم، فإنه يجب عليها القضاء، ويلزمها مع القضاء إطعام مسكين عن كل يوم، حيث أفتى به جماعة من أصحاب النبي ﷺ، والإطعام هو نصف صاع من قوت البلد، وهو كيلو ونصف الكيلو تقريباً من تمر أو أرز أو غير ذلك. أما إن قضت قبل رمضان القادم فلا إطعام عليها. [ابن باز].
وإذا أتى رمضان في أيام الاختبارات، فليس للفتاة أن تفطر بحجة التركيز في المذاكرة لأجل الاختبارات، ومن فعلت ذلك وأفطرت فيجب عليها التوبة، وقضاء الأيام التي أفطرتها، والعزم الصادق على ألا تعود لذلك: {وَتُوبُوا إِلَى الله جَمِيعاً أَيُّها المُؤمِنُونَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ} [النور:31].
إذا طهُرت المرأة الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس، وجب عليها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم، وإذا طهرت منهما قبل طلوع الفجر، وجب عليها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة؛ لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العُذر. وهذا قول جمهور الفقهاء؛ كمالك والشافعي وأحمد؛ (المغني لابن قدامة - جـ 2 - صـ 47: 46) (مجموع فتاوى ابن تيمية - جـ 21 - صـ 434).
وقال بعض العلماء (الحسن البصري، وسفيان الثوري، وأصحاب الرأي الأحناف): لا يلزمها إلا الصلاة التي أدركت وقتها فقط، فأما ما قبلها فلا يلزمها؛ لأن وقت الأولى خرج في حال عُذرها، فلم تجب، كما لو لم يدرك من وقت الثانية شيئًا؛ (المغني لابن قدامة - جـ 2 - صـ 46).
إذا حاضت المرأة بعد دخول وقت صلاة مفروضة ولم تكن صلَّتْها ، وجب عليها قضاء هذه الفريضة بعد انقضاء مدة الحيض؛ لأن دخول وقت هذه الصلاة قد ثبت في حقها.
قال الله تعالى: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾ [النساء: 103].
إذا طهرت المرأة من الحيض أو النفاس قبل الفجر صحَّ صومها، ويجب عليها أن تغتسل للصلاة؛ (المغني لابن قدامة - جـ 4 - صـ 393: 391).
إذا طهُرت المرأة من الحيض أو النفاس، لا يجوز لزوجها أن يجامعها حتى تغتسل.
قال الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222].
قال الإمام ابن قدامة - رحمه الله -: وَطْءُ الحائض قبل الغسل حرام، وإن انقطع دمها، في قول أكثر أهل العلم؛ (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 419).
فإذا جامع الرجل زوجته بعد طهرها من الحيض أو النفاس، وقبل أن تغتسل، كان آثمًا، ولكن لا كفارةَ عليه. (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 418).
الحيض والنفاس الحيض والنفاس لا يقطعانِ التتابع في الكفارة التي توجب صيام شهرين متتابعينِ على المرأة؛ ككفارة القتل شبه العمد، والقتل الخطأ، وكفارة الجماع عمدًا في نهار شهر رمضان. (روضة الطالبين للنووي - جـ 8 - صـ 302).
لا يجبُ على الحائض تغييرُ ملابسها بعد طُهرها إذا لم يصب هذه الملابسَ دمٌ أو نجاسة. (فتاوى المرأة المسلمة ـ دار ابن الجوزي - صـ 61).
إذا رأَتِ المرأة دم النفاس لمدة أسبوعين، ثم تحول تدريجيًّا إلى مادة مخاطية مائلة إلى الصفرة، واستمر كذلك حتى نهاية الأربعين، فإن هذه الصفرة أو السائل المخاطي ما دام لم تظهر فيه الطهارة الواضحة، فإنه تابع لحكم دم النفاس، فلا تكون المرأة طاهرًا حتى تنقطع هذه المادة المخاطية تمامًا، فإذا انقطعت، وجب عليها أن تغتسلَ وتصلي، حتى ولو كان ذلك قبل الأربعين. (مجموع فتاوى ابن عثيمين - جـ 4 - صـ 291 رقم 253).
يجوز للحائض والنفساء السعيُ بين الصفا والمروة؛ لأن الطهارة من الحدَث الأصغر أو الحدَث الأكبر ليست شرطًا من شروط صحة السعي، ولكنها من السنن المستحبة، ولأن الأصل أن المسعى خارج المسجد الحرام.
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: قدمتُ مكة وأنا حائض، ولم أطُفْ بالبيت ولا بين الصفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((افعلي كما يفعل الحاجُّ، غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري)). (البخاري - حديث: 165). قال الإمام ابن قدامة - رحمه الله -: أكثرُ أهل العلم يرون أنه لا تشترط الطهارة للسعي بين الصفا والمروة، وممن قال ذلك: عطاءٌ، ومالك، والشافعي، وأبو ثورٍ، وأصحاب الرأي؛ (المغني لابن قدامة - جـ 5 - صـ 246).
يجوزُ للمرأة المستحاضة أن يطَأَها زوجُها، ولا حرجَ في ذلك. قال ابنُ عباسٍ - عن المستحاضةِ -: (تغتسل وتصلي ولو ساعةً، ويأتيها (يجامعها) زوجُها إذا صلَّت، الصلاةُ أعظم). (البخاري ـ كتاب الحيض - باب 28).
روى أبو داود عن عكرمة، عن حمنة بنت جحشٍ: (أنها كانت مستحاضةً، وكان زوجُها يجامعها). (حديث حسن) (صحيح أبي داود للألباني حديث: 303).
إذا تجاوزت المرأة الخمسين عامًا، ثم نزل عليها دم الحيض، على صفتِه المعروفة، وجب عليها اجتناب الصلاة والصوم ودخول المسجد ومس المصحف وتلاوة القرآن.. ولزمها الغسل بعد توقُّف الدم، ونحو ذلك. (فتاوى المرأة المسلمة - مكتبة الإمام البخاري - جـ 1 - صـ 300، رقم: 211).
تستعمل النساء الآن موانع الحمل الصناعية؛ كالحبوب واللولب، ويقوم الطبيب قبل وضع اللولب أو إعطاء الحبوب بإعطاء المرأة حبتين للتأكد من عدم وجود الحمل، وبهذه الطريقة لا بد أن ينزل من المرأة الدم لمدة أيام معدودة، إن لم تكن حاملًا، فإذا كان الدم الذي نزل بعد أخذ الحبتين هو دم العادة المعروف بصفته للمرأة، فهو دم حيض، يجب أن تترك أثناء نزوله الصلاة والصوم، وإذا كان الدم غير ذلك، فلا يعتبر دم حيض، فيجب عليها أن تصلي وتصوم؛ لأنه إنما نزل بسبب الحبوب. (فتاوى اللجنة الدائمة - جـ 5 - صـ 443: 442 رقم 4794).
لا يجب على المرأة الحائض أو النفساء أن تحُلَّ ضفائر شعرها عند الاغتسال للطهر، ولكن يجب عليها أن تتأكد من وصول الماء إلى أصول شعرها؛ (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 300).
روى مسلم عن أم سلمة، قالت: قلت: يا رسول الله، إني امرأة أشد ضَفْرَ رأسي، فأنقضه لغسل الجنابة؟ (وفي رواية: فأنقضه للحيضة والجنابة؟)، قال: ((لا، إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثياتٍ، ثم تفيضين (تصبين) عليك الماء، فتطهرين)). (مسلم - حديث: 330).
وروى مسلم عن عائشة: أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض؟ فقال: ((تأخذ إحداكن ماءها وسدرتها (ورق شجر النبق)، فتطهر فتحسن الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى تبلغ شؤون (أصول) رأسها، ثم تصب عليها الماء، ثم تأخذ فِرصةً ممسَّكةً فتطهر بها))، فقالت أسماء: وكيف تطهر بها؟ فقال: ((سبحان الله، تطهرين بها))، فقالت عائشة: كأنها تخفي ذلك، تتبعين أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة؟ فقال: ((تأخذ ماءً فتطهر فتحسن الطهور، أو تُبلغ الطهور، ثم تصب على رأسها فتدلكه حتى تبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء))، فقالت عائشة: "نِعم النساءُ نساءُ الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدِّين)). (مسلم - حديث: 332).
إذا أسقطت المرأة علقةً أو مضغةً لم يظهر فيها خلق الإنسان، فلا نفاس عليها، وما خرج منها من الدم قبيل إسقاط الحمل وبعده، يعتبر دمَ فساد، ويجب عليها أن تصلي وتصوم وتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتتحفظ من هذا الدم بقطن ونحوه، وأما إن سقط منها ما تبين فيه خلق الإنسان فحكمها كحكم المرأة النفساء، فيجب عليها ترك الصلاة والصيام، ويجتنبها زوجها حتى تطهر، أو تكمل أربعين يومًا، فإذا طهرت قبل الأربعين، اغتسلت وصلت، وحل لها الصوم، وحل لزوجها أن يجامعها، ولو كان ذلك قبل إكمال الأربعين يومًا. (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 431)، (فتاوى اللجنة الدائمة - جـ 5 - صـ 419).
إذا كانت عادة حيض امرأة ستة أيام ثم طالت هذه المدة وصارت ثمانية أو تسعة أيام، فإنها تعتبر من الحيض، ما دامت علامات دم الحيض موجودة، ويجب على المرأة أن تترك الصلاة والصيام خلالها حتى تطهر؛وذلك لأن نبينا صلى الله عليه وسلم لم يذكر حدًّا معينًا في الحيض.
قال الله تعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى ﴾ [البقرة: 222]. قال ابن قدامة - رحمه الله -: كانت عائشة - رضي الله عنها - تبعث إليها النساء بالدرجة (قطعة من القماش) فيها الصفرة والكدرة، فتقول: لا تعجَلْنَ حتى ترين القصة البيضاء، ومعناه: لا تعجلن بالغسل حتى ينقطع الدم، وتذهب الصفرة والكدرة، ولا يبقى شيء يخرج من المحل، بحيث إذا دخلت فيه قطنة خرجت بيضاء، ولو لم تعد الزيادة حيضًا للزمها الغسل عند انقضاء العادة، وإن كان الدم جاريًا، ولأن الشارع علق على الحيض أحكامًا، ولم يحدَّه، فعلم أنه رد الناس فيه إلى عُرفهم، والعرف بين النساء أن المرأة متى رأت دمًا يصلح أن يكون حيضًا، اعتقدته حيضًا، ولو كان عرفهن اعتبار العادة على الوجه المذكور لنُقل، ولم يجُزِ التواطؤ على كتمانه، مع دعاء الحاجة إليه؛ ولذلك لما كان بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم معه في الخميلة (نوع من القماش)، فجاءها الدم، فانسلت (ذهبت خفية) من الخميلة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما لك؛ أنفست؟))، قالت: نعم. (البخاري - حديث: 298 /مسلم - حديث: 296).
فأمرها أن تأتزر، ولم يسألها النبي صلى الله عليه وسلم: هل وافق العادة أو جاء قبلها؟ ولا هي ذكرت ذلك، ولا سألت عنه، وإنما استدلت على الحيضة بخروج الدم، فأقرها عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك حين حاضت عائشة في عمرتها في حجة الوداع، إنما علمت الحيضة برؤية الدم لا غير، ولم تذكر عادةً، ولا ذكرها لها النبي صلى الله عليه وسلم. (المغني لابن قدامة - جـ 1 - صـ 435: 434).
(فتاوى أركان الإسلام لابن عثيمين - صـ 257: 256 - رقم 175).