دخلت معظم المواد الكيميائية البيئية في منتجاتنا اليومية دون إجراء بحث أو اختبار في آثارها الإنجابية أو غيرها من التأثيرات السامة طويلة المدى، لا تحتاج شركات الكيماويات إلى فئران التجارب ولكن بدلًا من ذلك أصبحنا نحن حقل تجاربهم!

كيف تؤثر السموم البيئية على الخصوبة؟

تؤثر هذه المواد سلبًا على جودة البويضات وصحة الحيوانات المنوية لدى الأزواج من جميع الأعمار، ويؤدي ضعف جودة البويضة لدى النساء إلى زيادة صعوبة إخصاب الحيوانات المنوية للبويضة وزرع البويضة الملقحة في جدار الرحم، كما أن انخفاض عدد الحيوانات المنوية وانخفاض الحركة لدى الرجال يقلل من احتمالية نجاح الحيوانات المنوية في تخصيب البويضة، ويزداد خطر إنجاب طفل مصاب بعيوب خلقية أو مشاكل صحية أخرى نتيجة انخفاض جودة البويضات والحيوانات المنوية، كما أن حالات الإجهاض بسبب تشوهات الكروموسومات آخذة في الازدياد.

في حين أن جسم الإنسان لديه أنظمة معقدة لإزالة السموم من أجل التمثيل الغذائي والقضاء على المواد الكيميائية اليومية، لكن يمكن أن تصبح هذه الأنظمة مثقلة بهذا القصف المستمر، وبمجرد حدوث ذلك يُسمح للمواد الكيميائية السامة بالتراكم في أنسجتنا حيث تبدأ في إلحاق الضرر بخلايانا، ونتيجةً لذلك يمكن أن يؤثر التعرض المزمن لهذه السموم البيئية ليس فقط على خصوبتنا ولكن أيضًا على صحة أطفالنا.

نظرًا لهذا الحِمل السام الذي يحمله معظمنا ومقدار الوقت الذي يستغرقه تقليل هذا الحِمل فيجب أن نفكر في التخلص من السموم قبل محاولة الحمل والإنجاب، وقد حددنا بعض المراحل التي يمكن اتباعها لإحداث التغيير قبل محاولة الحمل.

المرحلة الأولى: تقليل المصادر الخارجية للسموم التي تسبب الالتهاب المزمن

عندما تدخل مادة سامة إلى جسمك يمكن أن تتلف الخلايا، تفرز هذه الخلايا التالفة مواد كيميائية مثل الهيستامين التي تتسبب في تسرب السوائل من الأوعية الدموية إلى الأنسجة مما يسبب التورم، التورم (ويسمى أيضًا الالتهاب) هو جزء طبيعي من عملية شفاء الجسم وهو يخدم غرضًا مفيدًا حيث يساعد في عزل السموم الغريبة عن التلامس مع أنسجة الجسم. 

ولكن التورم ليس سوى استجابة مؤقتة وإذا أصبح الالتهاب مزمنًا فقد يؤدي إلى مشاكل صحية في المستقبل، في الواقع يُعتقد الآن أن الالتهاب المزمن هو السبب الجذري لمعظم الأمراض المزمنة في الجسم، والخصوبة ليست استثناءً، فمثلًا عند النساء يمكن أن يؤدي الالتهاب المزمن إلى اختلالات هرمونية تؤثر على الإباضة، وعند الرجال يحدث الالتهاب المزمن مع الإجهاد التأكسدي مما يؤثر سلبًا على صحة الحيوانات المنوية.

كما أن بعض السموم المعروفة باسم المواد الكيميائية المسببة لاضطرابات الغدد الصماء (EDC) تلحق الضرر بالجسم بطريقة مختلفة وأكثر خداعًا، نظرًا لأنهم قادرون أساسًا على "انتحال" شكل الهرمونات فيمكن أن تربك المواد المسببة لاضطرابات الغدد الصماء الأنظمة التي تعتمد على هرموناتنا الحقيقية، المواد الكيميائية المُسببة للأكسدة قادرة على زيادة أو تقليل إنتاج هرمونات معينة وتحويل هرمون إلى آخر ومنع الإشارات بين الهرمونات وإخبار الخلايا بالموت المبكر وانسداد الأعضاء التي تنتج الهرمونات، خاصةً بالخصوبة، ويظهر عدم التوازن الهرموني بسبب اضطرابات الغدد الصماء مثل انخفاض عدد الحيوانات المنوية وسوء التشكل ونوعية البويضات التالفة، وأكثر من ذلك.

التجنب هو المرحلة الأولى من برنامج التخلص من السموم، قد لا تكوني قادرة على تجنب التعرض الكامل للمواد الكيميائية السامة ولكن من الممكن بالتأكيد (ومهم!) تقليل التعرض قدر الإمكان عندما تحاولين الحمل وطوال فترة الحمل وأثناء إرضاع طفلك بإذن الله.

فيما يلي بعض الاقتراحات لتقليل ملامستك لهذه السموم التناسلية:

• اختاري المنتجات العضوية ومنتجات الألبان واللحوم كلما أمكن ذلك، وإذا كنت تأكلين الفواكه والخضروات المزروعة بشكل تقليدي فتأكدي من غسلها وتقشيرها.

• التوقف عن تناول الوجبات السريعة، وهي مصدر معروف للفثالات (مادة ملدنة تستخدم في منتجات مثل طلاء الأظافر).

• الإقلاع عن التدخين وتجنب التعرض للتدخين السلبي.

• شرب المياه المفلترة وضعي في اعتبارك الاستحمام في المياه المفلترة أيضًا.

• تجنب تناول الأسماك الغنية بالزئبق. 

• استخدمي فقط مواد التنظيف غير السامة في منزلك.

• شراء منتجات العناية الشخصية الخالية من الفثالات والبارابين.

• تجنب شراء الأطعمة والمشروبات المعبأة في لدائن تحتوي على بيسفينول أ (BPA)، لا تقومي أبدًا بوضع الطعام في الميكروويف في عبوات بلاستيكية.

• اختاري بدائل غير سامة لمبيدات الآفات ومبيدات الأعشاب التقليدية لحديقتك.

المرحلة الثانية: التحكم في المصادر الداخلية للالتهاب المزمن بالمكملات الغذائية

لا يؤدي ارتفاع نسبة السكر في الدم ومتلازمة التمثيل الغذائي إلى التخلص من الأنسولين والهرمونات الأخرى فحسب، بل يؤديان أيضًا إلى حدوث التهاب كبير.

تعد الأعداد الكبيرة من الجذور الحرة في الجسم مصدرًا داخليًا آخر للالتهابات، وفي كلتا الحالتين فإن النظام الغذائي الذي يركز على زيادة التغذية وتقليل السعرات الحرارية الفارغة هو الحل، في حين أن النظام الغذائي هو المفتاح لكن يمكن أن تقدم بعض المكملات الغذائية مساعدة كبيرة أيضًا.

• النظام الغذائي: اتبعي خطة غذائية مثل دايت البحر الأبيض المتوسط للتحكم في السكر وتقليل الجذور الحرة، يتم هضم الكربوهيدرات الجيدة مثل الخضروات الصحية ببطء ويكون لها تأثير تدريجي أكثر على سكر الدم والأنسولين، تجنبي السكريات سريعة الاحتراق مثل تلك التي تأتي من منتجات الدقيق المصنعة، اختبري الغلوتين ومنتجات الألبان لأنها معروفة بأنها تسبب الالتهاب لكثير من الناس، وتأكدي من تناول الكثير من دهون أوميغا 3 الصحية وتقليل دهون أوميغا 6 إلى الحد الأدنى.

• المكملات الغذائية: فكري في زيادة نظامك الغذائي بفيتامينات ما قبل الولادة التي تحتوي على مضادات الأكسدة والتي لا توفر فقط الفيتامينات والمعادن الأساسية التي تحتاجينها أنت وطفلك ولكن أيضًا ميو-إينوزيتول ودي-شيرو إينوزيتول للمساعدة في التحكم في سكر الدم والأنسولين.

المرحلة الثالثة: تعزيز صحة الكبد لإزالة السموم من جسمك برفق

يقوم الكبد بكمية مذهلة من العمل كل يوم، مثل:

• فلترة ما يقرب من 100 جالون من الدم التي تمر عبره كل يوم.

• ينتج ربع جالون كامل من الصفراء يوميًا لتفتيت الدهون والمساعدة في هضم الطعام.

• تحويل الجلوكوز إلى طاقة يمكن لجسمك استخدامها.

• يزيل السموم من الفضلات والملوثات حتى يتمكن جسمك من التخلص منها.

ومع ذلك، بمجرد أن يمرض الكبد والأمعاء، يُسمح للسموم بالتراكم والتخزين في أنسجتنا حيث يمكن أن تسبب تلفًا خلويًا مما قد يؤدي إلى مجموعة متنوعة من الحالات الصحية بما في ذلك انخفاض الخصوبة والعيوب الخلقية. يستخدم شوك الحليب (Silybum marinanum) بشكل شائع لتعزيز قدرات الكبد في التخلص من السموم، يُعد شوك الحليب من أكثر الأعشاب الطبية التي تمت دراستها جيدًا وقد ثبت علميًا أنه يحمي خلايا الكبد ويجددها ويستخدم بشكل شائع في أوروبا في علاج أمراض الكبد المختلفة، كجزء من برنامج إزالة السموم يمكن أن يساعد شوك الحليب الكبد في إزالة السموم وتعزيز نشاط مضادات الأكسدة لخلايا الكبد.

من المهم جدًا أن يكون لديك الكثير من مضادات الأكسدة عند استخدام مكملات التخلص من سموم الكبد، حيث يمكن أن يجعلك إطلاق السموم تشعرين بأعراض الإنفلونزا وستساعد مضادات الأكسدة في نظامك على تحييد الجذور الحرة حتى تتسرب من الجسم.

لديك القدرة على التأثير ليس فقط على صحتك ولكن على صحة طفلك لبقية حياته أو حياتها، لذلك ادعمي جسمك وجهازك المناعي واستجابتك الالتهابية باستخدام استراتيجيات نمط الحياة هذه.