يروي احد الشباب: كانت علاقتي بوالدي مثالية عندما كنت مراهقًا، فالمراهقة هي الوقت الذي نكتشف فيه العالم من حولنا ونتعلمه ونتكيف معه، وقد دعم والداي هذا من خلال السماح لي بعادة التعبير عن نفسي ومنحوني المزيد من المسؤوليات والامتيازات مع تقدمي في السن، ولقد قمت عادة بواجباتي المدرسية وحصلت على درجات جيدة لأنهم توقعوا مني ذلك وأوضحوا أنه من المهم بالنسبة لي أن أكون ناجحًا في المستقبل، وكنت أعود إلى المنزل عادة قبل الوقت الذي اتفقنا عليه او اتصل بهم إذا تأخرت لأنني لم أرغب في الإضرار بعلاقتنا وفقدان الامتيازات التي اكتسبتها، فبعد كل شيء لقد وثقوا بي وأنا وثقت بأنهم يعتنون بي، ولم أحزنهم كثيرًا عادة بشأن إيقاف لعبة فيديو مؤقتًا لتناول العشاء معهم ومع اخوتي لأنني كنت أعرف أنه من المهم بالنسبة لهم أن نتناول الطعام معًا كعائلة، وفي المقابل كنت أخرج مع الأصدقاء في ليالي نهاية الاسبوع، أنا أعتبر نفسي محظوظ جدًا لأنني نشأت بهذه الطريقة الراعية والداعمة.

 لدينا الآن معرفة أكثر من أي وقت مضى حول تنمية المراهقين ولماذا وكيف تساهم العلاقات الأسرية عادةً في إعداد قادة الغد. 

تؤكد الأبحاث الحديثة أن العلاقات الأسرية القوية تحتوي على أربعة أجزاء مهمة

 • القرب

يتضمن القرب علاقة رعاية ودعم بين الوالدين والمراهقين، ويمكن تقسيم القرب إلى قسمين أصغر لكنهما حيويان: الدعم العاطفي والرفقة.

 • الدعم العاطفي

يعني الدعم العاطفي بالنسبة للمراهقين أنه يمكنهم التحدث إلى والديهم حول التحديات ويتوقعون أن يستجيب الآباء بطريقة غير قضائية تستند إلى الحب غير المشروط، حيث يرشد الآباء أبنائهم المراهقين لإيجاد حلول لمشاكلهم، كما قال أحد المراهقين عن والديه: "كما كانت لديك مشكلة، أخرجها من صدرك، ودائمًا هناك شخص ما للتحدث معك بشأنها، فأخراجها من صدرك، ثم فكر في طرق التغلب عليها."  والجدير بالذكر أن العديد من المراهقين قالوا أيضًا إنهم يفضلون التحدث إلى آبائهم بدلاً من أقرانهم حول المشاكل لأن الآباء أكثر موثوقية.

فاسمحوا لأولادكم بالتعبير عن مشاعرهم دون إصدار أحكام وساعدوهم في اختبار طرق جديدة للتفكير لمعالجة الوقت الصعب الذي يمرون به بطرق تجعلهم أكثر نضجًا عاطفياً.

 • الرفقة

تتضمن الرفقة قضاء وقت ممتع معًا والاستمتاع بصدق برفقة بعضنا البعض، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الاحترام والثقة والاهتمام بين الآباء والمراهقين، مما يساعد المراهقين على استكشاف أشياء جديدة، لأننا نستطيع التحدث كثيرًا، ولدينا الكثير من الاهتمامات المشتركة، يذكرني هذا كثيرًا بتجربتي في سن المراهقة في مرحلة ما في المدرسة الثانوية حيث اخترت الدردشة مع أمي في غرفة المعيشة بعد المدرسة بدلاً من القيلولة أمام التلفزيون، ولقد وجدت أن أفكارها ونصائحها لا تقدر بثمن، فقد يكون من المفيد أن يكون لديك مرشد او شخص مر على هذا الطريق من قبل.

 ينظر المراهقون إلى آبائهم بحثًا عن إشارات حول كيفية التصرف ومعاملة الآخرين، فهم معجبون بكيفية عمل والديهم بجد لدعم العلاقات الأسرية وإنشاء منزل محترم ومهتم.

• نمذجة الدور

ينظر المراهقون إلى آبائهم بحثًا عن إشارات حول كيفية التصرف ومعاملة الآخرين، وقد يُعجبون بكيفية عمل والديهم بجد لدعم العلاقات الأسرية وإنشاء منزل محترم ومهتم، ويلاحظ المراهقون الطرق التي يتعامل بها الآباء مع الإجهاد وممارسة الرعاية الذاتية، فإذا تعامل الوالدان مع الحلول قصيرة المدى مثل الشرب أو التدخين فمن المرجح أن يفعل المراهقون نفس الشيء لأنهم يعتقدون أن هذه طريقة مقبولة للتعامل مع المشكلات، ولكن إذا تعامل الآباء عن طريق التحدث مع الآخرين أو ممارسة الرياضة أو استخدام استراتيجية صحية أخرى، فمن المرجح أن يختار المراهقون ذلك على المخدرات أو الكحول.

 يحتاج المراهقين أيضًا

السلطة

يقبل المراهقون القواعد والتوقعات التي وضعها آباؤهم لهم عندما يتم شرح الأسباب الكامنة وراءها بوضوح، وبشكل عام يتوقع المراهقون من الآباء وضع حدود للحفاظ على سلامتهم وأخلاقهم تحت السيطرة، ويقبلون الحدود عندما يوضح الوالدان أنهم مستعدون لحمايتهم، فهم يقدرون تلك الحدود عندما يفهمون ويعرفون أن والديهم لا يريدون إلا الأفضل لهم. 
  يمكن أن ينشأ الخلاف أحيانًا عندما يحاول المراهقون إثبات استقلاليتهم وإظهار مدى اختلافهم عن أفراد الأسرة الآخرين، ومع ذلك يجب ألا تغزو القواعد أو الحدود منطقة يعتبرها المراهقون شخصية  قد يعني هذا على سبيل المثال: الملابس التي يرتدونها أو كيف يختارون تزيين غرفهم، فهذه هي الطرق التي يبدأ بها المراهقون في التعبير عن شخصياتهم والعثور على هوياتهم، وعندما يخطو الآباء إلى هذه المنطقة يكون المراهقون أكثر عرضة للتمرد ما لم يشرح الآباء بوضوح وهدوء أن اختيارًا معينًا يعرض السلامة أو الأخلاق للخطر على سبيل المثال: يمكن للوالدين شرح سبب تعارض زي معين أو ملصق معين على الحائط مع قيم الأسرة.

  لا تشتري الأفكار النمطية عن المراهقين

يمكن أن تظهر الخلافات من حين لآخر لكنها ليست السمة المميزة للعديد من العلاقات بين الآباء والمراهقين، فعندما ينشأ الخلاف قد يكون من المفيد للآباء أن يظلوا هادئين لأن المراهقين يمكن أن يستدعي ذلك لتهدئة أنفسهم إذا أصبح الموقف شديدًا للغاية، وينصح الخبراء الآباء بالابتعاد للحظة لجمع أنفسهم والعودة برأس أكثر وضوحًا ليكونوا أكثر قدرة على مناقشة القضية بهدوء أكبر.

 يجب ان تكون معظم العلاقات الأسرية دافئة ومحبة وداعمة

إنها ليست المعارك الساخنة التي لا نهاية لها والتي كثيرا ما يتم تصويرها على شاشات التلفزيون، فعندما يؤمن الآباء بفكرة أن المراهقة هي فترة مليئة بالعاصفة والتوتر٨، فإن تلك التوقعات المنخفضة يمكن أن تصبح حقيقة واقعة تؤدي إلى مزيد من المخاطرة والتمرد لدى المراهقين.

 في النهاية، يحتاج المراهقون إلى مزيج من الدفء والقواعد التي تشكل الأساس لما نسميه التربية المتوازنة، ليصبح ولدهم شخصًا طيبًا وناجحًا.