تأخر الحمل أو القلق حول الخصوبة قد يكونان من أكثر التجارب صعوبة للمرأة. وعندما تكونين مصابة بمتلازمة القولون العصبي (IBS) أو ما يُعرف بـ "القولون العصبي"، تكثر الأسئلة في ذهنكِ: هل هذا الاضطراب الهضمي قد يؤثر على فرص الحمل؟ هل يجب أن أخاف من تأثيره على خصوبتي؟
في هذا المقال، سنغوص سويًا في كل ما يتعلق بالقولون العصبي وتأثيره على خصوبة المرأة، سندرس الأدلة الطبية، ونوضح الفجوة بين الخوف والواقع، ونعطيكِ خطوات عملية للتعامل إن كنتِ مصابة بـ IBS وتريدين الحفاظ على خصوبتكِ.
القولون العصبي أو متلازمة الأمعاء المتهيجة هي حالة وظيفية في الجهاز الهضمي، حيث توجد اضطرابات في حركة الأمعاء، والحساسية المعوية، والتفاعل بين الدماغ والأمعاء. الأعراض الشائعة تشمل:
- آلام وانتفاخ في البطن
- تغيير في طبيعة البراز (إمساك أو إسهال أو خليط)
- الإحساس بعدم إفراغ كامل بعد التبرز
- أحيانًا مخاط في البراز
- التوتر أو القلق غالبًا يفاقمان الأعراض
لكن المهم أن نعرف أن القولون العصبي ليس مرضًا عضويًا مدمرًا للأمعاء، بل اضطراب وظيفي — معظم الفحوصات الكيميائية والصورة تكون طبيعية.
واحدة من الحقائق المعروفة في الأوساط الطبية هي أن IBS ليس مرتبطًا بتهتك الأنسجة أو تدمير الأعصاب المعوية (كما هو الحال في أمراض الالتهاب المعوي مثل كرون أو القولون التقرحي).
الإجابة المختصرة: الأدلة حتى الآن ليست قاطعة، لكن هناك مؤشرات وبعض دراسات تربط بين القولون العصبي ومضاعفات في الحمل أو في الإنجاب. دعينا نرى التفاصيل:
في دراسة حديثة، وُجد أن النساء المصابات بـ IBS كن أقل احتمالًا لتحقيق الحمل السريري أو ولادة حية مقارنة بمن ليس لديهن IBS.
في تحليل مراجعي، ذُكر أن الإجهاد التأكسدي (oxidative stress) الناتج عن القولون العصبي قد يكون وسيطًا يربط بين المرض والخصوبة، لكن هذا الاقتراح لا يزال في طور الفرضية، وليس مثبتًا بعد.
في دراسات سابقة أيضًا، وُجد أن النساء المصابات بـ IBS لديهن معدلات أعلى لحدوث الإجهاض أو الحمل خارج الرحم (ectopic pregnancy) مقارنة بغيرهن.
لكن، من المهم أن نلاحظ: هذه الدراسات غالبًا ترتبط القولون العصبي بظروف الحمل، ولا تُثبت أن IBS هو السبب المباشر لانخفاض الخصوبة أو تأخير الحمل.
بعض المصادر الطبية تقول إن IBS نفسه لا يظهر ضمن العوامل التي تؤثر مباشرة على الخصوبة. مثلاً موقع "About IBS" يقول إنه لا يوجد دليل قوي حتى الآن بأن IBS يُضعف الخصوبة في النساء.
لكن في حالات معينة، قد تكون العوامل المصاحبة مثل نقص التغذية، سوء الامتصاص، الإجهاد المزمن، أو الاستخدام الطويل لبعض الأدوية هي التي تؤثر، لا IBS نفسه.
إذًا: القولون العصبي قد يلعب دورًا في السياق العام للصحة الإنجابية لدى بعض النساء، لكنه ليس من المؤكد بعد أنه يضر الخصوبة بشكل مباشر في كل الحالات.
من المهم التفرقة بين القولون العصبي (IBS) وأمراض الأمعاء الالتهابية (IBD) مثل كرون والقولون التقرحي:
الدراسات حول IBD تُظهر أن المرض النشط والجراحة المعوية قد تُضعف الخصوبة.
في الحالات التي يكون المرض مستقرًا (خلال فترات هدوء) وبدون جراحة في الحوض، فإن بعض النساء المصابات بـ IBD يحتفظن بخصوبة مشابهة لغيرهن.
إذًا في مقارنة، التأثير على الخصوبة أكثر وضوحًا في الأمراض التي تضر الأنسجة أو تتطلب تدخلًا جراحيًا، وليس في الحالات الوظيفية مثل القولون العصبي.
حتى لو لم نثبت أن القولون العصبي يضرّ بالخصوبة في كل الحالات، هناك عدة مسارات يمكن أن تكون جسرًا بينهما، وتفسير لماذا بعض الدراسات ترى ارتباطًا:
القولون العصبي قد يؤدي إلى إنتاج مفرط للجذور الحرة أو التهابات خفيفة في بطانة الأمعاء، وهذا قد يؤثر على الجهاز الهرموني أو الخصوبة في بعض النساء.
في بعض حالات IBS التي تترافق مع إسهال متكرر أو اضطراب امتصاص بعض المغذيات، قد يقل امتصاص الفيتامينات أو المعادن المهمة مثل الحديد، الزنك، الفولات، وفيتامين د وهي عوامل ضرورية للخصوبة.
القولون العصبي غالبًا يرافقه توتر أو قلق مزمن، وهذا بدوره يمكن أن يؤثر على الهرمونات التناسلية (مثل توازن FSH، LH، البروجسترون) ويؤخر التبويض أو يؤثر على جودة البويضة.
بعض النساء المصابات بـ IBS يعانين من آلام بطنية أو انتفاخ قد يعيق المتعة أو الرغبة الجنسية أو يجعل الجماع مؤلمًا، مما قد يقلل من فرص الجماع الفعّال في أيام الخصوبة. مثلاً حوالي 32% من النساء المصابات بـ IBS ذكرت وجود مشاكل في الوظيفة الجنسية.
بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الأعراض الهضمية قد يكون لها تأثيرات جانبية محتملة على الجهاز التناسلي أو التوازن الهرموني، خاصة إذا استخدمت لفترات طويلة أو بجرعات كبيرة.
إن وجود القولون العصبي لا يعني بالضرورة أنكِ لن تحملي، لكن هذه بعض العلامات التي يُفضل أن تنتبهي إليها وتناقشيها مع طبيبتكِ:
اضطرابات هضمية شديدة (إسهال متكرر أو إمساك مزمن) تقلل من امتصاص العناصر الغذائية
آلام شديدة مزمنة في البطن أو الانتفاخ الزائد
فقدان وزن غير مفسر
ألم أثناء الجماع
غياب الإباضة أو دورات غير منتظمة
استخدام أدوية قوية لفترات طويل
إذا لاحظتِ أيًا من هذه، فالمتابعة مع طبيب أمراض نساء + جهاز هضمي قد تكون مهمة جدًا لتقييم الحالة بشكل شامل.
إليك خطوات عملية يُمكنكِ اعتمادها إذا كنتِ مصابة بـ IBS وترغبين في الحفاظ أو تعزيز خصوبتكِ:
قد يفيد اتباع نظام منخفض الفودماب (Low FODMAP) لفترات معينة للتخفيف من الأعراض، لكن عند التخطيط للحمل اتأكدي أن النظام يدعمكِ بالعناصر الضرورية مثل الفولات، الحديد، الزنك.
للتأكد أن الأمعاء ليست ملتهابة أو بها تغيّرات عضوية تستدعي علاجًا خاصًا.
مثل الفولات، فيتامين D، الحديد، الزنك، المغنيسيوم، لأنها مؤثرة في جودة البويضة والرحم.
بممارسات مثل التأمل، اليوغا، النشاط البدني الخفيف، النوم الجيد — كل هذا يمكن أن يخفف تأثير التوتر على الهرمونات.
مثل فحص الغدة الدرقية، البرولاكتين، الهرمونات الأنثوية (FSH, LH, Estradiol) للتحقق من أي اختلالات قد تكون تضافرت مع IBS.
احرصي على تتبع أيام التبويض واختيار الأيام المناسبة، لتزيدي فرص حدوث الحمل حتى لو الأعراض معدودة.
إذا كنتِ تستخدمين أدوية لعلاج القولون العصبي، ناقشي مع الطبيب بدائل آمنة أو تعديل الجرعات خاصة في مرحلة ما قبل الحمل.
متابعة مع طبيبة نساء وخصوبة إذا لم يحدث الحمل بعد 6 إلى 12 شهرًا، حتى لو كنتِ تعتقدين أن IBS هو السبب، قد يكون هناك سبب آخر قابل للعلاج.
من المهم أن نكون واقعيين في فهم ما يقول العلم الآن:
الأبحاث حتى الآن تُظهر ارتباطًا جزئيًا بين IBS وبعض مشاكل الحمل مثل الإجهاض أو صعوبة الحمل، لكنها لا تثبت علاقة سببية قوية في كل حالة.
معظم الدراسات التي تربط بين IBS والإنجاب أقل من مثالية من حيث التصميم، غالبًا تعتمد على سجلات طبية أو مقارنات عامة.
كثير من النساء المصابات بـ IBS يحملن في وقت طبيعي ودون مشاكل، مما يدل على أن القولون العصبي ليس دائمًا عائقًا.
هناك حاجة لمزيد من البحوث التي تدرس البيئة المتزامنة (الهضم، الهرمونات، التغذية، الصحة النفسية) لعزل التأثير الحقيقي لــ IBS على الخصوبة.
متلازمة القولون العصبي قد تكون تحدٍّ مرحلي، لكنها ليست حكمًا نهائيًا على خصوبتكِ.
ليس كل امرأة مصابة بـ IBS تفشل في الحمل، بل هناك العديد من العوامل التي تتداخل.
العقل السليم، التغذية المتوازنة، المتابعة الطبية الصحيحة، والتحكم بالتوتر هي مفاتيح قد تجعل الاختيار بيدكِ أقوى من أي تحدٍّ.
إذا كنتِ مصابة بـ IBS وترغبين في الحمل، فابدئي اليوم بخطوات صغيرة:
اهتمي بجسدكِ، تغذيتكِ، راحة نفسكِ، وكوني بجانب طبيبة تثقين بها.
وإياكِ أن تفقدي الأمل!
هل تعانين من تنميل في اليد؛ اكتشفي السبب واحذري
هل شعرتِ من قبل بالتخدير في أصابعكِ أو تنميل في اليد ؟! إن التنميل عبارة عن شعور يعاني منه واحد من كل عشرة أشخاص
أخطار الجلوس الطويل وأثره على الدورة الدموية عند النساء
في هذا المقال سنتحدث معًا عن أثر الجلوس الطويل على الدورة الدموية، ولماذا يُعد من أخطر العادات الخفية التي تسرق من المرأة صحتها، ثم ننتقل لشرح أسبابه، علاماته
فوائد المشي للنساء: أكثر من مجرد رياضة خفيفة
في هذا المقال، سنأخذكِ في رحلة لاكتشاف فوائد المشي للنساء، من الناحية الجسدية والنفسية وحتى الاجتماعية. ستجدين أن هذه الرياضة البسيطة قد تغير يومكِ بالكامل