غالبًا ما يفكر الناس في الخصوبة من منظور مطلق؛ كما هو الحال في أن يكون الشخص إما ذو خصوبة مرتفعة أو عقيمًا تمامًا! لكن الحقيقة هي أن الخصوبة لها نطاق واسع وبها منطقة رمادية كبيرة تسمى غالبًا بالخصوبة الفرعية، "وفي النهاية يعود الأمر إلى وقت الحمل"، كما يقول "جوزيف أ. هيل" أخصائي الغدد الصماء الإنجابية وأخصائي العقم ورئيس مراكز الخصوبة في نيو إنجلاند في بوسطن.

يُعرَّف العقم بأنه محاولة الحمل لمدة عام مع الجماع في الوقت المناسب (خلال المرحلة الأكثر خصوبة في الدورة الشهرية للمرأة) ولكن دون نجاح، يمكن أن يكون هذا بسبب عوامل ذكورية (مثل تشوهات الحيوانات المنوية أو الانسداد أو ضعف القذف) أو عوامل أنثوية (مثل انسداد قناتي فالوب، وعدم التبويض بانتظام، وعدم انتظام الهرمونات، أو بطانة الرحم المهاجرة) أو يمكن أن يكون بسبب مجموعة أو عوامل غير مفسرة. 

يقول الدكتور "هيل": "في حالة العقم يكون هناك فرصة أقل من 5% ليكون الزوجين قادرين على الحمل بدون أدوية وعلاجات الخصوبة".

إن مصطلح نقص الخصوبة يصف فترة زمنية طويلة لمحاولة الحمل والتي لم تصل إلى عام واحد، كما تشير "ماري إلين بافون"، أستاذة مساعدة في أمراض النساء والتوليد بجامعة نورث وسترن فينبرغ في شيكاغو.

"في حالة الخصوبة الطبيعية فإن قدرة المرأة على الحمل تتراوح من 15% إلى 20% شهريًا، مع الجماع في الوقت المناسب"، كما تقول الدكتورة "بافوني"، لكن مع الجماع خلال المرحلة الأكثر خصوبة في الدورة الشهرية للمرأة فإن 80% من حالات الحمل تحدث في غضون ست دورات بين النساء دون سن الثلاثين، وفقًا لبحث نُشر في مجلة Human Reproduction. 

وبعد ست دورات غير ناجحة يُعتبر حوالي 20٪ من الأزواج يعانون من ضعف الخصوبة على الأقل، لكن نصف هؤلاء الأزواج سيستمرون في محاولة الحمل بشكل طبيعي أو تلقائيًا في الدورات الست التالية قبل أن يبدأ تعريف العقم.

قد يكون الزوجان أقل خصوبة

وجدت الأبحاث المنشورة في مارس 2015 في أرشيفات أمراض النساء والتوليد أن العوامل الأساسية التي تضعف فرص الحمل لدى النساء غير الخصوبة هي التقدم في السن والانتباذ البطاني الرحمي والسكري وخلل المبيض ومتلازمة المبيض المتعدد الكيسات (PCOS) والعدوى السابقة للجهاز البولي التناسلي، بينما ارتبط الاستخدام السابق لوسائل منع الحمل الهرمونية والحمل أو الولادة السابقة وتاريخ العلاج بالبروجسترون بزيادة معدلات الحمل بين النساء المصابات بضعف الخصوبة.

مشاكل صحية أخرى يمكن أن تتعارض مع الخصوبة

يمكن لبعض الحالات الصحية الأساسية مثل بعض اضطرابات الغدة الدرقية أو الغدة الكظرية أن تساهم في نقص الخصوبة، والنساء المصابات بأمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي (RA) أو الذئبة أكثر عرضة للإصابة بقصور المبايض المبكر (فقدان البويضات) الذي يمكن أن يضر بفرص الحمل.

علاوةً على ذلك وجدت دراسة نُشرت في أغسطس 2017 في مجلة Arthritis Care & Research أن النساء المصابات بالتهاب المفاصل الروماتويدي أكثر عرضة للإصابة بضعف الخصوبة، ربما لأنهن يستخدمن المزيد من الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات (NSAIDs) قبل الحمل.

وفي الوقت نفسه يمكن أن تلعب عوامل نمط الحياة أيضًا دورًا في الإصابة بضعف الخصوبة، وأكبر مساهم في نقص الخصوبة غير المبرر هو التدخين (حتى لو كان التدخين سلبي)، لدى النساء يقلل التدخين من احتياطي المبيض (عدد البويضات في المبيض في أي وقت) ويؤثر على عمل قناتي فالوب وبيئة الرحم، وفقًا لدراسة نُشرت في فبراير 2016 في مجلة The Obstetrician & Gynecologist.

الوزن الزائد يمكن أن يعيق الحمل

تعتبر السمنة عامل آخر من العوامل المساهمة في الإصابة بضعف الخصوبة المرتبط بالوراثة ونمط الحياة، فعندما يتعلق الأمر بوزن الجسم يمكن للسمنة أن تؤثر سلبًا على خصوبة المرأة من خلال تقليل جودة البويضات وإعاقة عملية الزرع، وذلك وفقًا لدراسة نُشرت في أغسطس 2017 في مجلة Human Reproduction، بالإضافة إلى أنه يمكن أن تؤدي زيادة الوزن أو السمنة بشكل كبير إلى اضطرابات هرمونية يمكن أن تتداخل مع التبويض.

لدى بعض النساء اللاتي يعانين من السمنة أو زيادة الوزن ولديهن نقص في الخصوبة يمكن أن يؤدي التخسيس إلى تحسين احتمالات الحمل الناجح، في دراسة نُشرت في أغسطس 2017 في مجلة Human Reproduction حقق الباحثون فيما إذا كان برنامج إنقاص الوزن المكثف (الذي أدى إلى متوسط خسارة 21 رطلاً على مدار 12 أسبوعًا).

تحسين احتمالات الحمل

بعد قضاء سنوات في محاولة الحمل بمجرد أن تقرري أنك تريدين إنجاب طفل قد تتوقعين حدوث ذلك على الفور مع ممارسة العلاقة دون وقاية، لكن هذا ليس واقعيًا، ومع ذلك فهذا لا يعني أن عليك محاولة إنجاب طفل لسنوات قبل طلب المساعدة.

إذا كنت تراقبين التبويض عن طريق تتبع مخاط عنق الرحم أو استخدام مؤشر التبويض وممارسة الجماع دون وقاية دون حدوث حمل فتحدثي إلى طبيبك حول هذا الأمر بعد ستة أشهر إذا كان عمرك أكثر من 35 عامًا أو بعد عام إذا كان عمرك أقل من 35 عامًا.

معالجة مشاكل الخصوبة وأسبابها

اعتمادًا على حالتك الصحية الأساسية أو الأعراض الأخرى، قد يوصي طبيبك بالبحث عن العوامل التشريحية (مثل الأورام الحميدة أو الأورام الليفية أو الانتباذ البطاني الرحمي) التي يمكن أن تتداخل مع الحمل أو فحص مستويات الهرمونات أو طلب تحليل السائل المنوي من الزوج، بمجرد الكشف عن السبب المحتمل يمكن إنشاء مسار عمل لمعالجة المشكلة.