ماذا يعني أن تكوني حاملًا ؟!

لو أردت الإجابة عن هذا السؤال، ففي الحقيقة إن الأمر مربك جدًا، فـ الحمد لله لقد مررت بهذه التجربة ولم تكن سهلة علي صحيًا لكنني شعرت فيها بمشاعر كثيرة، لعلي انقل بعضها وتشعري بها بين ثنايا سطور هذا المقال ..

بداية لقد تأخر حملي، ومررت بأيام كثيرة اسأل الله فيها أن يرزقني بالذرية الصالحة، وكانت من بين هذه الأيام والليالي أيام العشر من ذي الحجة، أفضل أيام الدنيا ! لذلك أنا مؤمنة بشدة بـ أهمية دعاء العشر من ذي الحجة التي نحن مقبلون عليها، فلقد كنت ادعوا وأنا موقنة بقول الله عز وجل : " قَالَ كَذَٰلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا " (1) فهل سيكون طلبي مستحيلًا .. فاستبشرت كثيرًا بفضل الله وواسع رحمته أنه سيجيبني .. وقد كان ورغم فرحتي في بداية الحمل إلا أن حملي كان صعبًا وله ظروفًا صحية خاصة استدعت دخولي غرفة العمليات وأنا في الشهر الثالث لإنقاذ الحمل.. وهنا شعرت بأهمية الصلاة تلك الصلة بيني وبين الله، إذ لم ولن يتمكن أحد على وجه الأرض أن ينجيني أو يقذف الطمأنينة في قلبي.. وقد كان حيث جعلتني الظروف الصعبة اقترب أكثر من الله عز وجل، طوال شهور الحمل اشعر أنه وحده القادر على أن يُتم الأمر على خير.. لذا دعيني احدثك قليلًا عن أهمية الصلاة وماذا قال العلم عنها ليثبت لديكِ ومن خلال كل الدلائل أهمية تلك النعمة الربانية ..

علاقة الحامل بـ الصلاة 

ربما لا تستطيع كل حامل أن تقيم الصلاة وهي راكعة أو ساجدة في كل فصول الحمل، لكنها بالتأكيد يمكنها إقامة الصلاة وفقًا لما يسره الله له في تشريعه من رخص، ولعلنا نستعين بما جاء بـ موقع المُصلي، حين ذكروا كيف أن الحامل عليها أن تصلي، في حين أن الحائض والنفساء تمتنع !

أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن حركة البدن وممارسة الرياضة مثل الصلاة تفيد كثيرًا النساء الحوامل، لكنها تضر كثيرًا الحائضات، لأن المرأة المصلية عندما تؤدي الركوع والسجود يزيد جريان الدم إلى الرحم، بالإضافة إلى أن خلية الرحم والمبيض شبيهة بخلية الكبد التي تجذب كثيرًا من الدماء، ولا شك أن رحم الحامل يحتاج إلى الدماء الوفيرة لكي يتغذى الجنين، ولتصفية الملوثات من دمه، وعندما تؤدي الحامل الصلاة، فإنها تساعدها في إيصال الدم بوفرة إلى الجنين.

أما الحائض إذا أدت الصلاة فإنها تسبب اندفاع الدم بكثرة إلى رحمها، وبالتالي فقدانه ونزوله في دم الحيض، ويقدر حجم الدم والسوائل المفقودة من جسم المرأة أيام الحيض بـ 34 ملي/ لتر من الدم ومثله من السوائل، ولو أدت الحائض الصلاة فإنها تتسبب في هلاك الجهاز المناعي بجسمها، لأن كريات الدم البيضاء التي تقوم بدور مهم في المناعة، تضيع عبر دماء الطمث المفقودة من الجسم.

لماذا تحتاج الحامل إلى الحفاظ على الصلة الروحانية بالله عز وجل ؟

ترجع الحاجة إلى الصلة الروحانية بالله أثناء فترة الحمل بالذات - فترة وهن وضعف- إلى حاجة الإنسان كمخلوق ضعيف لأن يستمد القوة ممن هو أكبر منه، ممن يسيطر ويهيمن على الكون وبيده سلامته ونجاته من كل ما يخيف ويقلق! لذا فحتى من لا يدينون بدين معين، يبحثوا عن تلك الصلة التي تُسكٌن من الآمهم وتطمئن أرواحهم.

ما هي المشاعر الروحانية ؟

الروحانية هي مفهوم شامل يتعلق بالاعتقاد في شيء يفوق الذات، كالإيمان بالله عز وجل، وممارسة الروحانية تشمل أعمال كالصلاة والصيام، وأثناء تعبدك وقيامك بتلك الممارسات فأنتِ تؤمني بأن هناك المزيد في الحياة بعيدًا عما يشعر به الناس على المستوى الحسي والجسدي، هناك شيء أعظم يربط جميع الكائنات ببعضها البعض وبالكون نفسه.

ما أهمية الصلاة بحياتنا ؟!

لطالما كانت الصلة بالله تمثل مصدرًا للراحة والتخفيف من التوتر، وفي حين يستخدم الناس طرقًا متعددة للعثور على الله ، أظهرت الأبحاث أن أولئك الذين هم أكثر تدينًا يستخدمون روحانيتهم للتكيف مع التحديات في الحياة مما يمنحهم القدرة على التعافي والشعور بالسعادة(2).

كما أظهرت الأبحاث أن الدين والروحانية يمكن أن يساعدا الأشخاص في التكيف مع تأثيرات التوتر اليومية، حيث وجدت أحد الدراسات أن التجارب الروحية اليومية، وهي المتمثلة عندنا في الإسلام في الصلوات الخمس يوميًا، ساعدت البالغين على التكيف بشكل أفضل مع المشاعر السلبية وعلى زيادة المشاعر الإيجابية (3).

تأثير الصلة بالله على الصحة العقلية

تؤثر الصلة الروحانية والاتصال الدائم بالخالق عز وجل على العديد من القرارات التي يتخذها الناس، فهي تشجع الناس على إقامة علاقات أفضل مع أنفسهم ومع الآخرين وحتى مع المجهول. 

التأثيرات الإيجابية للروحانية، هناك عدة طرق يمكن للروحانية أن تدعم من خلالها صحتك العقلية:

1. الشعور بالسلام والأمل وبأن للحياة معنى.
2. تزداد ثقتك بنفسك والشعور بالتقدير الذاتي والسيطرة على النفس.
3.  فهم تجاربك في الحياة.
4. عندما تكوني في حالة مرضية أو حالة وهن كالحمل، يمكن أن تساعدك الصلاة في الشعور بالقوة الداخلية وتؤدي إلى مرور الفترات الصعبة أسرع.

هل يمكن اعتبار الحمل رحلة روحية؟

الجواب هو "نعم وبقوة" ! حيث يشكل الحمل بداية حياة جديدة داخل الرحم، تقوم الأم فيها بالاستعداد لترك ما أزعجها في حياتها السابقة لتولد من جديد، تنطوي هذه الرحلة الروحية للحمل على قوة أكبر منك.. رب يخلق شيء لا يخضع لسيطرتك، وفي هذه اللحظة تحتاجي إلى التخلص من القلق والاستسلام للمولى عز وجل والاطمئنان به.

 لذا فإن الحمل يقربك بلا شك من الله عز وجل، حيث تفكري في خالق الحياة التي نعرفها والذي يخلق بداخلك حياة جديدة بقدرته؛ وهو وقت مناسب للعمل على التعافي من صدمات الحياة التي نحملها جميعًا وللتخلص من القلق قبل قدوم الطفل، حتى لا تمرري أنماطك السلبية للأجيال القادمة.

كيف تركز الحامل على تجربتها بعيدًا عن صخب الحياة ؟

حسنًا إلى جانب الالتزام بالصلاة والحصول على فوائدها الروحانية خلال أيام العشر من ذي الحجة، فإليكِ بعض النصائح لتتمتعي بالسكينة والهدوء ..

1. أطفئي التلفاز وخذي استراحة من وسائل التواصل الاجتماعي

كتب إيكهارت تول في كتاب "أرض جديدة" أن الأمريكي البالغ من العمر 60 عامًا يقضي 15 عامًا يحدق في شاشة تلفزيون (وهذا لا يشمل ساعات استخدام فيسبوك!)

برأيك ملكتي ماذا يمكن لنا أن نفعل في تلك الـ 15 عامًا؟

أعتقد أنه وبالإضافة إلى توفير الكثير من الوقت، سيتيح لكِ إيقاف وسائل الإعلام أن تكوني أكثر انتقائية في المعلومات والطاقة التي تجلبيها إلى حملك، ففي كل مرة نشغل فيها جهازًا، نتعرض لما يريده الآخرون بثه من معلومات.

2. تعاملي مع الحمل كرحلة تجدد صلتك بخالقك

الولادة هي سر أكبر منا جميعًا؛ لذا اقضي وقتًا في التأمل والصلاة، اقضي وقتًا مع أي شيء يجلب لكِ الفرح ويزيد صلتك بالمولى، وما أحلى أن تستغلي المواسم والأيام المباركة في العشر من ذي الحجة في زيادة الأعمال الصالحة ولا سيما حضور قلبك في الصلاة.

3. ابحثي عن مجتمع داعم

تحتاج الأمهات إلى الأشخاص الأكبر سناً والمرشدين والأخوات للتنقل في رحلة الأمومة، وإيجاد هؤلاء الأشخاص حتى قبل الحمل سيوفر لكِ الدعم والموارد لتسهيل الانتقال إلى دور الأم بسهولة.

4. اهتمي بعلاقتك مع طفلك

اقضي وقتًا في تغذية علاقة حب مليئة بالفرح مع طفلك في الرحم - تحدثي إليه، غني له، اقرأي له، أو قومي بتدليك بطنك، حتى في منتصف يوم مزدحم، يمكنكِ أن تهدأي وتتنفسي لحظة وتتواصلي مع طفلك في الرحم.. أغلقي عينيكِ وتنفسي بعمق إلى بطنك، اشعري بالهواء الذي يملأ صدرك، اشعري بالتنفس يخفف من توتر جسمك.

5. ارسمي رؤيتك للولادة و للأسرة

اقضي وقتًا وحدك ومع زوجك للتأمل في دور الأبوة والأمومة الجديد، فمن الأفضل أن يكون إنشائكم للأسرة عملًا واعيًا ومخطط له بحكمة. 

6. ثقي بأن لديك كل ما يلزم لمواجهة كل لحظة تأتي في طريقك

هذا أكثر عمقًا من ثقتك بالولادة أو حتى بثقتك بجسدك، أنتِ أقوى مما تتصوري.

7. تخلصي من الصدمات الماضية

أثناء الولادة، تكون النساء في حالة استقبال قوية وهي تضع لطفلها؛ لذا يجب أن تتحرري من أي توترات قديمة قد تكوني قد تعرضتي لها لضمان ولادة مريحة وآمنة لكِ ولطفلك.

8. ابحثي عن المشاعر الروحانية في الروتين اليومي

الاكتفاء بالمهام الروتينية للعيش (مثل تحضير الطعام وتنظيف المنزل) ليست ممارسة سطحية إذا تم القيام بها بوعي، ففي أيام العشر من ذي الحجة يمكن لكل فعل تقومي به أن تأخذي عليه حسنات، فقط تحتاجي إلى استحضار النية ثم العمل.

9. استمتعي بـ لحظة الولادة

لا تدعي القلق بشأن المستقبل أو الشكوك بشأن الماضي يبددوا الفرح باللحظة الحالية، الآن هو وقتك لتتغلبي على مخاوفك وتشرق روحك فيه.