هل تعلمي ملكتي، أنه وفقًا لتقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية عام 2021، يولد واحد من كل خمسة أطفال حول العالم الآن عن طريق الولاده القيصريه، ورغم ذلك يفضل الأطباء الولادة الطبيعية في معظم الحالات، لكن عندما يتعلق الأمر بالولادة، من المهم أن تدرسي جميع خياراتك بحكمة.

لماذا أصبحت الولاده القيصريه أكثر شيوعًا؟

بما أن كثيرات منا ينجبن في سن متأخرة، فإن المزيد من الأمهات الحوامل يعانين من مشكلات صحية مرتبطة بالعمر تزيد من المخاطر، مثل: السكري، ارتفاع ضغط الدم، وزيادة الوزن.

في الواقع، أظهرت إحدى الدراسات أن الأمهات فوق سن الأربعين أكثر عرضة بمقدار أربع مرات للخضوع لعملية قيصرية لأسباب صحية مقارنةً بالأمهات تحت سن الثلاثين، لكن العمر ليس السبب الوحيد لزيادة الولادات القيصرية، فبعض النساء يخترن الولادة القيصرية دون سبب طبي.

وقد وجدت الأبحاث أن كثيرات يطلبن الولاده القيصريه لأنهن يعتقدن أنها ستكون أسرع، أكثر راحة، أقل ألمًا، وأقل رعبًا من الولادة الطبيعية، كما أن بعضهن يظنن أن التعافي من الولاده القيصريه سيكون أسهل، أو أنها وسيلة "حديثة" للولادة.

لماذا تُعدّ الولاده القيصريه قرارًا كبيرًا؟

معظم الوقت، تمر العمليات القيصرية بسلاسة، ومع ذلك، تُظهر بيانات الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد أن خطر حدوث مضاعفات خطيرة أعلى بثلاث مرات في الولادة القيصرية (2.7%) مقارنة بالولادة الطبيعية (0.9%).

لهذا السبب تُستخدم الولاده القيصريه عندما تفوق المخاطر المحتملة على صحة الأم أو الطفل مخاطر العملية ذاتها، بعبارة أخرى: إذا كان هناك خطر على حياتك أو حياة طفلك، فسيوصي طبيبك بالولاده القيصريه.

ما الفرق بين الولاده القيصريه الاختيارية والطارئة؟

هناك نوعان من الولادة القيصرية:

• الولاده القيصريه المخطط لها (الاختيارية): يتم تحديد موعدها قبل بدء المخاض.
• الولاده القيصريه غير المخطط لها (الطارئة): تحدث أثناء المخاض أو قبله إذا ظهرت مشكلة طبية غير متوقعة، وقد تكون أحيانًا حالة طارئة.

على سبيل المثال، قد تُحدد لك عملية قيصرية مسبقًا إذا كنتِ تعانين من المشيمة المنزاحة (عندما تغطي المشيمة فتحة الرحم)، وهو ما يمنع الولادة الطبيعية، في هذه الحالة، تكون مخاطر العملية أقل من خطر النزيف الحاد أثناء الولادة الطبيعية، بالإضافة إلى خطر تعثر خروج الطفل.

أما إذا كان معدل ضربات قلب طفلك سريعًا جدًا أو بطيئًا جدًا أثناء الولادة الطبيعية، فقد يجري الطبيب الولاده القيصريه الطارئة لإنقاذ حياة الطفل.

لماذا يختار الأطباء الولاده القيصريه ؟

قد يقرر الطبيب إجراء الولاده القيصريه المجدولة مسبقًا قبل موعد الولادة، أو قد تصبح ضرورية أثناء المخاض بسبب حالة طارئة.

وفيما يلي بعض أكثر الأسباب الطبية شيوعًا لإجراء الولادة القيصرية:

• المخاض المطوّل

المخاض المطوّل — المعروف أيضًا باسم فشل التقدم أو تعثر المخاض، هو السبب وراء ما يقارب ثلث الولادات القيصرية، وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

يحدث هذا عندما تستمر ولادة الأم لأول مرة لمدة 20 ساعة أو أكثر، أو 14 ساعة أو أكثر لدى الأمهات اللواتي أنجبن من قبل.

قد يؤدي كبر حجم الطفل بالنسبة لقناة الولادة، أو بطء ترقق عنق الرحم، أو الحمل بتوأم أو أكثر، إلى إطالة المخاض، وفي مثل هذه الحالات، ينظر الأطباء في خيار القيصرية لتجنب المضاعفات.

• الوضع غير الطبيعي للجنين

لضمان ولادة طبيعية ناجحة، يجب أن يكون الطفل متجهًا برأسه أولًا نحو قناة الولادة.

لكن في بعض الأحيان، يتخذ الطفل وضعيات مختلفة:

• قد يتجه بالقدمين أو المؤخرة نحو قناة الولادة، وهو ما يُعرف بـ الولادة المقعدية.
• أو قد يتخذ وضعية يكون فيها الكتف أو الجانب أولًا، وهو ما يُعرف بـ الوضع العرضي.

في هذه الحالات، قد تكون الولادة القيصرية هي الطريقة الأكثر أمانًا، خصوصًا عند الحمل بتوأم أو أكثر.

• ضيق التنفس الجنيني (إجهاد الجنين)

قد يقرر الطبيب اللجوء إلى القيصرية الطارئة إذا لم يحصل الطفل على كمية كافية من الأكسجين أثناء الولادة.

• العيوب الخلقية

عند تشخيص الجنين بعيوب خلقية معينة، مثل زيادة السوائل في الدماغ أو أمراض القلب الخِلقية؛ يفضل الأطباء الولادة القيصرية لتقليل المضاعفات المحتملة أثناء الولادة.

• الولادة القيصرية المتكررة

وفقًا لجمعية الحمل الأمريكية، فإن حوالي 90% من النساء اللواتي خضعن لولادة قيصرية يمكنهن الولادة طبيعيًا في المرة التالية، وهو ما يُعرف باسم الولادة الطبيعية بعد القيصرية (VBAC).

لكن على الأمهات الحوامل التحدث مع طبيبهن لتحديد ما إذا كانت الولادة الطبيعية بعد القيصرية أو تكرار العملية هو الخيار الأكثر أمانًا.

• الأمراض المزمنة

قد يوصي الأطباء بالولادة القيصرية للنساء اللواتي يعانين من حالات صحية مزمنة مثل: أمراض القلب، ارتفاع ضغط الدم، أو سكري الحمل، إذ قد تكون الولادة الطبيعية خطيرة في هذه الحالات.

كما يوصى بالقيصرية إذا كانت الأم مصابة بفيروس HIV، أو الهربس التناسلي، أو أي عدوى أخرى قد تنتقل إلى الطفل عبر الولادة الطبيعية.

• تدلي الحبل السري

يحدث تدلي الحبل السري عندما ينزلق الحبل السري عبر عنق الرحم قبل ولادة الطفل، ما قد يقلل تدفق الدم إلى الجنين ويعرض حياته للخطر.

وعلى الرغم من أن هذه الحالة نادرة، إلا أنها خطيرة وتتطلب ولادة قيصرية طارئة.

• عدم التناسب بين حجم رأس الجنين وحوض الأم (CPD)

يُعرف بـ Cephalopelvic Disproportion، ويحدث عندما يكون حوض الأم صغيرًا جدًا لمرور الجنين، أو إذا كان رأس الطفل كبيرًا بالنسبة لقناة الولادة.

في هذه الحالة، يستحيل مرور الطفل عبر المهبل بأمان، وتصبح القيصرية ضرورية.

• مشاكل المشيمة

يلجأ الأطباء إلى الولادة القيصرية في حالتين شائعتين متعلقتين بالمشيمة:

• المشيمة المنزاحة (Placenta previa): عندما تغطي المشيمة عنق الرحم كليًا أو جزئيًا.
• انفصال المشيمة (Placenta abruption): عندما تنفصل المشيمة عن جدار الرحم، مما يقلل وصول الأكسجين إلى الطفل.

ووفقًا لجمعية الحمل الأمريكية، فإن المشيمة المنزاحة تصيب حالة واحدة من بين كل 200 امرأة حامل، بينما يحدث انفصال المشيمة لدى حوالي 1% من الحوامل.

• الحمل بتوأم أو أكثر

قد يسبب الحمل المتعدد مخاطر مختلفة أثناء الحمل، مثل المخاض المطوّل الذي قد يضع الأم تحت ضغط كبير، كما قد يكون واحد أو أكثر من الأجنة في وضعية غير طبيعية.

في هذه الحالات، تكون الولادة القيصرية غالبًا الخيار الأكثر أمانًا للأم والأطفال.

ما الذي يجب التفكير فيه قبل اختيار الولاده القيصريه ؟

إذا كان لديك خيار في تحديد طريقة ولادتك، فكيف تضمنين أنكِ تتخذين القرار الأكثر أمانًا لكِ ولطفلك؟

• اقرئي عن مخاطر وفوائد الولادة الطبيعية والقيصرية.
• تحدثي مع طبيبك لفهم وضعك الخاص: هل ستكون القيصرية أكثر خطورة؟ أم الولادة الطبيعية؟
• إذا ساورك أي شك في توصية طبيبك، احصلي على رأي ثانٍ من طبيب آخر.

ما هو الخيار الأمثل للولادة ؟

من الطبيعي أن ترغبي في بعض السيطرة على تجربة حياتية قد تبدو غير متوقعة.

فبعض النساء قد يطلبن الولاده القيصريه لأسباب تتعلق بالصحة النفسية، مثل المرور بولادة طبيعية صادمة في حمل سابق. (إذا كان هذا حالك، لا تترددي في التحدث مع طبيبك. فهم مدربون على دعمك والاستماع لمخاوفك، وسيساعدونك في وضع خطة ولادة تناسبك).

إذا أوصى طبيبك بالولاده القيصريه لأسباب صحية، فغالبًا سيكون هذا هو الخيار الأمثل؛ لأن الطبيب قد حدد أن المخاطر على صحتك أو صحة طفلك تفوق مخاطر القيصرية نفسها، لكن في الوقت نفسه، تذكري أنه من حقكِ أن تطرحي جميع أسئلتك.

وإذا كنتِ في موقف يسمح لك بالاختيار، فإن تسليح نفسك بالمعرفة سيمنحك أفضل فرصة لاتخاذ القرار الصحيح لكِ ولطفلك.

نصائح للتعافي بعد الولادة القيصرية

استشرنا أطباءً وأمهات مررن بتجربة الولادة القيصرية حول ما يساعد على تسريع التعافي بعد الولاده القيصريه وما لا يساعد.. وهذه أبرز نصائحهم:

• جهّزي نفسك قبل العملية

إذا كانت الولاده القيصريه مخططًا لها مسبقًا، فحضري منزلك قدر المستطاع قبل الجراحة، حيث قد تكون الأسرة العالية غير مريحة، وقد تصبح صعوبة صعود الدرج عائقًا.

لذا فاختيار مكان النوم وتجهيز المستلزمات الأساسية مسبقًا سيساعدك كثيرًا خلال أول أسبوعين بعد العملية.

• خذي الأمور بروية

ربما تكون هذه النصيحة الوحيدة التي يتفق عليها الجميع، من طبيبك إلى حماتك!

الراحة ضرورية جدًا في مرحلة التعافي بعد الولاده القيصريه، ومع ذلك، فإن "خذي الأمور بروية" لا تعني "البقاء في السرير طوال الوقت".

المشي القصير والبطيء داخل المنزل أو الحديقة أو حول المبنى يساعد على تسريع التعافي.

• جربي حزام البطن

تعمل المشدات أو الأحزمة الخاصة بالولادة القيصرية على دعم عضلات البطن، وهي ليست ضرورية، لكن بعض النساء يشعرن براحة أكبر معها، بينما تجدها أخريات مزعجة أو غير فعالة.

قد يوفر المستشفى بعض الخيارات مجانًا، لذا اسألي طبيبك عنها.

• اشربي الكثير من الماء

السوائل تساعد على تقليل الإمساك وتسهيل حركة الأمعاء أثناء التعافي من الولاده القيصريه.

• احصلي على قسط من النوم

من المهم أن تتذكري أنك لكي تكوني أمًا جيدة، عليكِ أن تعتني بنفسك أولًا، وهذا يعني: إذا كان بإمكان شخص آخر حمل الطفل بينما تنالين قسطًا من الراحة، فافعلي ذلك بلا تردد.

• اقبلي المساعدة

سواء كان الأمر يتعلق باستئجار مساعدة ما بعد الولادة، أو ممرضة ليلية، أو قبول عرض أحد أفراد العائلة للبقاء معكِ، لا تترددي.

كوني واقعية بشأن احتياجاتك أثناء التعافي، وعبّري بوضوح عندما تحتاجين يدًا إضافية.

• تحدثي عن مشاعرك

التقلبات الهرمونية بعد الولادة حقيقية، وقد تكون أقسى إذا لم تكن الولادة القيصرية ضمن خطتك الأصلية.

فإذا شعرتِ بالحزن أو اليأس أو الذنب أو الغضب، تحدثي مع طبيبك، فهو سيساعدك على وضع خطة العلاج الأنسب.

متى يجب التواصل مع الطبيب؟

أثناء التعافي من الولاده القيصريه، احرصي على تفقد جرح العملية باستمرار لملاحظة أي علامات للعدوى.

اطلبي الرعاية الطبية إذا كان جرحك أحمر أو متورمًا أو يخرج منه سائل.

وتوجهي إلى طبيبك إذا واجهتِ أيًّا مما يلي:

• نزيف ما بعد الولادة يكون غزيرًا جدًا لأكثر من 4 أيام، أو يستمر لأكثر من 4 أسابيع، أو يترافق مع جلطات دموية كبيرة.
• انتفاخ في ساق واحدة مع احمرار وسخونة.
• ارتفاع شديد في درجة الحرارة.
• ألم في البطن.
• تورم في الأطراف والوجه.
• آلام في الجسم.
• تغيّرات في الرؤية.
• صداع مستمر لا يزول.

الخلاصة

ملكتي الجميلة، في النهاية تذكّري أن قرار الولادة – سواء كانت طبيعية أو قيصرية – ليس مقياسًا لقوتك كأم، فأنتِ بطلة بكل الأحوال.

الأمومة لا تبدأ بطريقة الولادة، بل تبدأ عندما تحملين صغيرك بين يديك، فلا تستعجلي التعافي، فالجسد يحتاج وقتًا والروح تحتاج حبًا وطمأنينة.

كوني رحيمة مع نفسك، تقبلي المساعدة، واستمعي إلى إشارات جسدك، وإذا واجهتِ أي قلق أو علامة غير طبيعية، فطبيبك هو شريكك الأول في هذه الرحلة.

أنتِ أم عظيمة، وجسدك أنجز معجزة، فخذي الأمور بروية، وامنحي نفسك الحب والصبر الذي تستحقينه.