في عالمنا المعاصر، تواجه الأمهات تحديات متزايدة في حماية أطفالهن من مخاطر التحرش الجنسي، والذي يُعد من أكثر التهديدات التي تهدد سلامة الأطفال النفسية والجسدية، ويمكن أن يحدث التحرش الجنسي في أي مكان، سواء في المنزل أو المدرسة أو حتى عبر الإنترنت! لذلك، من الضروري أن تكون الأمهات على دراية بكيفية الوقاية والتعامل مع مثل هذه الحالات لحماية أطفالهن.
ما هو التحرش الجنسي؟

التحرش الجنسي هو أي سلوك جنسي غير مرغوب فيه يُفرض على الطفل، سواء كان ذلك من خلال اللمس، أو الكلمات، أو الإيماءات، أو حتى عبر الإنترنت.
ويمكن أن يحدث هذا التحرش من قبل بالغين أو حتى من قبل أطفال آخرين، وبالرغم من أنه قد لا تكون هناك طريقة مضمونة لحماية الأطفال من التحرش الجنسي، إلا أن هناك خطوات يمكن اتخاذها لتقليل هذا الخطر.
لكن قبل الخوض في طرق الحماية من التحرش الجنسي، من الضروري أن نفهم جيدًا أن الأمر لا يقتصر الأمر على الاعتداء الجسدي الصريح، بل يشمل أيضًا أي سلوك أو اتصال جنسي غير مرغوب فيه، سواء كان لفظيًا (مثل المزاح الجنسي المسيء أو التعليقات ذات الإيحاءات الجنسية).
أو غير لفظي (مثل النظرات الفاحصة أو الإيماءات الجنسية)، أو جسديًا (مثل اللمس غير اللائق أو محاولة الاعتداء)، وقد يقع التحرش الجنسي من قبل أشخاص غرباء، أو من أشخاص يعرفهم الطفل ويثق بهم جيدًا، وهذا ما يزيد من صعوبة اكتشافه والتعامل معه!
كيف تظهر علامات التحرش الجنسي على الطفل؟

علامات سلوكية
- الارتداد: العودة إلى سلوكيات سابقة مثل مص الإبهام، والتبول اللاإرادي (بعد التدرب على استخدام المرحاض)، والخوف من الظلام، أو التشبث بالأم ومقدمي الرعاية (مثل المعلمين أو المربية).
- الانسحاب: أن يصبح الطفل هادئًا أو منعزلًا بشكل غير عادي، أو يفقد الاهتمام بالأنشطة التي كان يستمتع بها.
- تغيرات في السلوك الاجتماعي: صعوبة تكوين صداقات، أو أن يصبح عدوانيًا أو معاديًا، أو يُظهر خجل أو خوف مفرط حول أشخاص معينين.
- اضطرابات النوم والكوابيس: حيث يواجه الطفل صعوبة في النوم، وكوابيس متكررة، أو فزع ليلي.
- تغيرات في الأداء المدرسي: انخفاض مفاجئ في الدرجات، وصعوبة في التركيز، أو رفض الذهاب إلى المدرسة.
- الخوف من أشخاص أو أماكن معينة: إظهار خوف أو قلق غير عادي من شخص معين، حتى لو كان فردًا من العائلة أو صديقًا، أو تجنب أماكن معينة.
- سرية السلوك: أن يصبح الطفل سريًا بشكل غير عادي بشأن أنشطته، خاصةً عبر الإنترنت، أو مع أفراد معينين.
- زيادة القلق أو الخوف: أن يصبح الطفل أكثر قلقًا أو خوفًا أو الإصابة بنوبات هلع مستمرة.
- إيذاء النفس: محاولة جرح الجسم وإصابة نفسه متعمدًا أو أشكال أخرى من إيذاء الذات.
- تعاطي المواد المخدرة: لدى الأطفال الأكبر سنًا والمراهقين، يمكن أن تكون هذه آلية للتكيف!
- الهروب من المنزل: قد يشعر الطفل بالخوف والخجل ويعتقد أن هروبه من المنزل هو الحل الأفضل.
- تغيرات في عادات الأكل: تناول كميات أكبر أو أقل بكثير من المعتاد، أو الإصابة باضطرابات الأكل.
- سلوك أو معرفة جنسية غير لائقة: إظهار سلوكيات جنسية أو استخدام لغة جنسية تتجاوز مرحلتهم العمرية، ويمكن أن يشمل ذلك الاستمناء المفرط، أو اللعب الجنسي مع أطفال آخرين بشكل يبدو قسريًا أو غير لائق، أو إظهار معرفة بأفعال جنسية لا ينبغي أن يمتلكوها!
- الانشغال بمواضيع جنسية: إبداء اهتمام غير عادي بمواضيع جنسية أو رسم صور ذات طبيعة جنسية صريحة.
- الخوف من الاتصال الجسدي: الظهور بمظهر غير مرتاح أو تجنب اللمس الجسدي، حتى من الأشخاص المألوفين للطفل.
- تغيرات مفاجئة في الحالة المزاجية: تقلبات مزاجية حادة، أو تهيج، أو غضب، أو اكتئاب.
- التشبث: أن يصبح الطفل متشبثًا أو كثير المطالبة بالاهتمام من الوالدين أو مقدمي الرعاية بشكل مفرط.
- الامتثال المفرط أو الحرص على الإرضاء: محاولة إرضاء البالغين بشدة، ربما بدافع الخوف.
علامات عاطفية

- الشعور بالخجل والذنب: التعبير عن مشاعر الخجل أو السوء أو المسؤولية عن شيء ليس خطأهم.
- الاكتئاب والحزن: الظهور بمظهر منعزل أو التعبير عن مشاعر اليأس.
- القلق والخوف: إظهار قلق أو عصبية أو رهاب مفرط من أحد الأشخاص أو الأماكن.
- تدني احترام الذات: التعبير عن مشاعر سلبية تجاه أنفسهم وقيمتهم.
- عدم الثقة بالآخرين: صعوبة تكوين علاقات قائمة على الثقة.
- التبلد العاطفي: الظهور بمظهر قاسي أو غير مستجيب عاطفيًا.
- الغضب والعدوانية: إظهار نوبات غضب أو سلوك عدواني.
- الشعور بالعجز واليأس: الشعور بعدم القدرة على التحكم فيما يحدث لهم.
علامات جسدية
- صعوبة في المشي أو الجلوس: قد يشير هذا إلى إصابة في منطقة الأعضاء التناسلية أو فتحة الشرج.
- الشعور بألم أو حكة أو نزيف أو كدمات في منطقة الأعضاء التناسلية أو الشرج.
- إصابات غير مفسرة: كدمات أو جروح أو حروق أو إصابات أخرى، خاصةً في مناطق الأعضاء التناسلية أو الشرج أو الفم.
- الأمراض المنقولة جنسيًا (STIs): لدى الأطفال، تعتبر الأمراض المنقولة جنسيًا مؤشرًا قويًا على الاعتداء الجنسي!
- ألم أو عدم راحة أثناء التبول أو التبرز.
- التهابات متكررة في المسالك البولية أو الإصابة بعدوى الخميرة.
- تغيرات في الشهية أو فقدان أو زيادة الوزن.
- التبول أو التبرز اللاإرادي: خاصةً إذا كان هذا سلوكًا جديدًا.
دور الأم في الوقاية من التحرش الجنسي

الأم هي خط الدفاع الأول لحماية أطفالها! وذلك لأن دوركِ حيوي في خلق بيئة آمنة ومفتوحة وتشجيع التواصل الصريح بينكِ وبين أطفالك، لذلك إليكِ خطوات عملية يمكنكِ اتخاذها لوقاية أطفالك من التحرش الجنسي:
1. بناء علاقة ثقة وتواصل مفتوح
- استمعي بإنصات: خصصي وقتًا يوميًا للتحدث مع أطفالكِ والاستماع إليهم بانتباه دون مقاطعة أو استهزاء بمشاعرهم، وشجعيهم على مشاركة أي شيء يقلقهم أو يجعلهم غير مرتاحين.
- كوني متواجدة عاطفيًا: أظهري لهم حبكِ ودعمكِ باستمرار ليشعروا بالأمان والراحة في اللجوء إليكِ عند الحاجة.
- شجعي التعبير عن المشاعر: علمي أطفالكِ أنه من الطبيعي أن يشعروا بمختلف المشاعر، وأنهم يستطيعون التعبير عنها بحرية دون خوف من الحكم عليهم.
2. تعليم الأطفال حدودهم الشخصية وحقوقهم
- مفهوم "جسدي ملكي": علمي أطفالكِ أن أجسادهم خاصة بهم وأن لهم الحق الكامل في تحديد من يلمسهم وكيف يلمسهم، ويفضل أن تستخدمي لغة بسيطة ومناسبة لأعمارهم.
- "لا" تعني "لا": أكدي على حقهم في قول "لا" لأي لمسة أو طلب يجعلهم غير مرتاحين، وأن "لا" التي يقولونها يجب أن تُحترم دائمًا، سواء كان الشخص غريبًا أم يعرفونه.

- مناطق الجسم الخاصة: علميهم أسماء المناطق الخاصة وأكدي على أنها لا يجب أن تُلمس من قبل أي شخص باستثناء الوالدين أو الطبيبة عند الضرورة ولأسباب صحية وبوجودهما فقط!
- اللمسات الآمنة وغير الآمنة: اشرحي لهم الفرق بين اللمسات التي تعبر عن الحب والرعاية (مثل العناق من الأم والأب) واللمسات التي تجعلهم يشعرون بالخوف أو عدم الراحة.
3. توعية الأطفال بمخاطر التحرش الجنسي
- بطريقة مناسبة للعمر: ابدئي الحديث عن التحرش الجنسي بمفاهيم بسيطة تناسب أعمارهم، لا تخيفي أطفالكِ، بل زوديهم بالمعلومات الأساسية لحماية أنفسهم.
- استخدام القصص والسيناريوهات: استخدمي قصصًا أو مواقف افتراضية لمناقشة كيف يمكن أن يحدث التحرش الجنسي وكيف يمكنهم التصرف.
- التأكيد على عدم مسؤولية الطفل: أكدي لهم بوضوح أنهم ليسوا مسؤولين أبدًا عن أي تحرش قد يتعرضون له، وأن المتحرش هو المخطئ دائمًا.
- أهمية الإبلاغ: أخبريهم بالأشخاص الذي يجب أن يثقون بهم ليخبروهم فورًا إذا تعرضوا لأي موقف غير مريح أو إذا طلب منهم شخص بالغ الاحتفاظ بسر يخص لمسات أو كلمات غير لائقة.
4. خلق بيئة آمنة في المنزل والمدرسة والمجتمع
- مراقبة الأنشطة عبر الإنترنت: كوني على دراية بما يفعله أطفالكِ عبر الإنترنت ومن يتفاعلون معه دائمًا واستخدمي برامج الرقابة الأبوية إذا لزم الأمر.
- التواصل مع المدرسة: تحدثي مع إدارة المدرسة والمعلمين حول سياساتهم وإجراءاتهم لحماية الأطفال من التحرش الجنسي، وتأكدي من وجود آليات للإبلاغ والاستجابة الفعالة.
- اختيار الأنشطة والأماكن الآمنة: كوني حذرة عند اختيار الأنشطة الخارجية أو الأماكن التي يرتادها أطفالكِ، وتعرفي على المشرفين والمسؤولين.
- تعليم الأطفال مهارات الدفاع عن النفس البسيطة: قد تساعد بعض الدورات التدريبية البسيطة في تعليم الأطفال كيفية التصرف في المواقف الخطيرة.
ماذا أفعل إذا تعرض طفلي للتحرش الجنسي؟
في حال تأكدت الأم من تعرض طفلها للتحرش الجنسي، يجب عليها اتخاذ الخطوات التالية:

1. حافظي على هدوئك وقدمي الدعم الفوري
- تنفسي بعمق: قد يكون سماع هذا الخبر مدمرًا، لكن من الضروري أن تحافظي على هدوئك قدر الإمكان حتى تتمكني من دعم طفلك بشكل فعال.
- صدقي طفلك: أهم شيء هو أن تصدقي ما يقوله طفلكِ، قد يكون من الصعب عليه التحدث، لذا فإن شعوره بأنكِ تشكين فيه سيزيد من ألمه وصعوبة تعافيه، وقد لا يصارحكِ مجددًا!
- طمئني طفلك: أكدي له أنه ليس خطأه وأنه ليس وحده، وقولي عبارات مثل: "أنا أصدقك"، "هذا لم يكن خطأك أبدًا"، "أنا هنا لأحميك"، "أنا أحبك وسأساعدك".
- وفري بيئة آمنة: اجعلي طفلك يشعر بالأمان والحماية معكِ، قد يحتاج إلى عناق أو مجرد وجودكِ بجانبه.
- استمعي دون مقاطعة: دعي طفلكِ يروي ما حدث بالسرعة التي تناسبه وبالطريقة التي يختارها، واستمعي بانتباه دون مقاطعة أو الضغط عليه للحصول على تفاصيل أكثر مما هو مستعد لمشاركتها.
- لا تلومي نفسك أو الطفل: لا تبحثي عن أسباب أو أشياء كان يمكنكِ فعلها بشكل مختلف في الوقت الحالي، فالتركيز يجب أن يكون على دعم الطفل ومساعدته.
2. احصلي على مساعدة متخصصة على الفور
- تواصلي مع جهة متخصصة: اتصلي فورًا بخط ساخن لحماية الطفل، أو مركز متخصص في دعم ضحايا التحرش الجنسي، أو وحدة حماية الطفل في منطقتك، وسيقدمون لكِ الإرشادات والدعم اللازمين.
- استشيري أخصائيًا نفسيًا أو معالجًا متخصصًا في صدمات الأطفال: سيساعد الأخصائي طفلكِ على معالجة ما حدث والتعبير عن مشاعره بطريقة صحية، وتذكري أن العلاج النفسي ضروري لتعافي الطفل على المدى الطويل.
- لا تحاولي التحقيق بنفسك: قد يؤدي استجواب طفلكِ بشكل متكرر إلى إعادة إيذائه أو تضليل المعلومات، لذلك اتركي التحقيق للجهات المختصة.
3. أبلغي السلطات المختصة
- اتبعي نصيحة المختصين: بناءً على تقييم الأخصائيين القانونيين والاجتماعيين، قد يكون من الضروري إبلاغ الشرطة أو الجهات القانونية لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المتحرش وحماية أطفال آخرين محتملين.
- كوني مستعدة للإجراءات القانونية: قد تتطلب العملية بعض الوقت والجهد، لكن من المهم متابعتها لحماية حقوق طفلكِ.
4. وفري الدعم المستمر على المدى الطويل
- كوني صبورة: التعافي من التحرش الجنسي عملية طويلة وقد تستغرق وقتًا، لذلك كوني صبورة وداعمة لطفلكِ خلال هذه الفترة.
- شجعي التعبير عن المشاعر: استمري في تشجيع طفلكِ على التعبير عن مشاعره بأي طريقة يشعر بها بالراحة (مثل: الكلام، الرسم، اللعب).
- وفري روتينًا مستقرًا: الروتين يساعد الأطفال على الشعور بالأمان والسيطرة، لذلك حاولي الحفاظ على جدول يومي منتظم قدر الإمكان.
- راقبي علامات الضغط أو الانتكاس: كوني يقظة لأي علامات تدل على أن طفلكِ يعاني (مثل تغيرات في النوم أو الأكل أو السلوك) واطلبي المساعدة المتخصصة إذا لزم الأمر.
- اعتني بنفسك: إن دعم طفلكِ خلال هذه المحنة صعب عاطفيًا، لذلك تأكدي من الحصول على الدعم الذي تحتاجينه من زوجكِ أو عائلتكِ أو أصدقائكِ أو حتى أخصائي نفسي.
5. عززي قوة طفلك وثقته بنفسه
- ركزي على نقاط قوته: ذكِّري طفلكِ بإنجازاته وقدراته وساعديه على استعادة شعوره بالقوة والسيطرة.
- شجعيه على ممارسة الأنشطة التي يستمتع بها: الهوايات والأنشطة الإيجابية يمكن أن تساعد في بناء الثقة بالنفس مجددًا وتوفير منفذ صحي لإخراج المشاعر السلبية.
- أظهري له حبكِ غير المشروط: أكدي لطفلكِ باستمرار على حبكِ ودعمكِ له بغض النظر عما حدث أو سيحدث في المستقبل!

تذكري دائمًا أن حماية أطفالكِ من التحرش الجنسي هي مسؤولية مشتركة بين الأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية، لذلك كوني يقظة وواعية ومستعدة للتحدث والاستماع والدعم، وتذكري أيضًا أن قوة الأم وحبها هما أقوى درع لحماية أطفالها، ولا تترددي أبدًا في طلب المساعدة والدعم إذا شعرتِ بالحاجة لذلك، فأنتِ لستِ وحدكِ!
إذا أعجبك ما قرأته للتو؛ فتابعي تطبيق الملكة على Instagram Facebook Twitter لتصلك أحدث المقالات والتحديثات!