البلوغ هو تلك المرحلة التي ينضج فيها الأطفال ليصبحوا شبابًا، وذلك من خلال تغيّرات جسدية وعاطفية، لا تحدث دفعة واحدة، بل تتم بشكل تدريجي على مدار الوقت.
وكثير من الأمهات والآباء يتساءلون عن كيفية دعم أطفالهم خلال هذه المرحلة؛ لذا سنساعدك اليوم على فهم ما يمكن توقّعه، لتتمكني من التحدث مع طفلكِ حول التغيّرات وعلامات البلوغ التي تطرأ على جسده، والإجابة عن أسئلته.
تبدأ معظم الإناث مرحلة البلوغ بين سن 8 إلى 13 عامًا، بينما يبدأ معظم الذكور بين سن 9 إلى 14 عامًا، ولكن من الطبيعي أيضًا أن تبدأ علامات البلوغ في وقت أبكر أو متأخر عن ذلك.
و علامات البلوغ تبدأ بفعل الهرمونات التي يفرزها الدماغ، والهرمونات هي رسائل كيميائية تخبر الجسم بما يجب عليه فعله.
كما أن هناك هرمونات أخرى للبلوغ تأتي من الغدد الكظرية، وهما غدتان تقعان فوق الكليتين، وتؤدي هذه الهرمونات إلى نمو شعر العانة وتحت الإبط، وظهور رائحة الجسم، وحب الشباب.
عادةً ما تبدأ علامات البلوغ لدى الذكور بتضخم الخصيتين، ثم ينمو شعر داكن وخشن ومجعد فوق العضو الذكري وعلى كيس الصفن، كما يكبر حجم القضيب والخصيتين، وتصبح الانتصابات أكثر تكرارًا.
يحدث القذف وهو خروج السائل المنوي الذي يحتوي على الحيوانات المنوية أيضًا، والقذف أثناء النوم يُعرف بـ"الحلم الرطب" أو الانبعاث الليلي.
ثم لاحقًا، ينمو الشعر تحت الإبط وفي منطقة اللحية، ويتغيّر الصوت ليصبح أكثر عمقًا، وقد يعاني بعض الذكور من نمو طفيف في الثديين (يُعرف بـ"تثدّي الذكور")، وهو أمر يختفي عادة خلال 6 إلى 18 شهرًا.
يتغير شكل أجسامهم مع اتساع الأكتاف وزيادة الوزن والكتلة العضلية، وغالبًا ما تحدث طفرة في النمو بين سن 12 و15 عامًا.
وبحلول سن 16، يكون معظم الذكور قد توقفوا عن النمو، لكن عضلاتهم تستمر في التطور.
بالنسبة لمعظم الإناث، تبدأ علامات البلوغ بتطوّر الثديين، حيث يبدأ ذلك بظهور كتل صغيرة، صلبة ومؤلمة قليلًا (تُعرف بـ"براعم الثدي") تحت إحدى الحلمتين أو كليهما، ثم يكبر الثديان خلال السنة أو السنتين التاليتين.
ويبدأ شعر داكن وخشن ومجعد في الظهور على الشفرين (ثنيات الجلد المحيطة بالمهبل)، لاحقًا ينمو المزيد من الشعر في منطقة العانة وتحت الإبط.
يتغير شكل أجسامهن مع اتساع الوركين وزيادة الوزن والدهون في الجسم، وتحدث أول دورة شهرية عادةً بعد سنتين تقريبًا من ظهور براعم الثدي، وغالبًا بين سن 9 إلى 16 عامًا.
تشهد معظم الإناث طفرة في النمو قبل الدورة بسنة أو سنتين، وبعد بدء الدورة، تنمو معظم الفتيات بمقدار 2.5 إلى 5 سنتيمترات تقريبًا، ثم يتوقف النمو.
وهو ما يسمح لها بأن تصبح إنسانة ناضجة، متعاطفة ومسؤولة، لكن في الوقت نفسه، تتعرض أجسام الفتيات وأدمغتهن لسيل من الهرمونات التناسلية، حيث تميل الإناث إلى امتلاك حساسية أعلى تجاه التوتر، ما يظهر في حاجتهن الشديدة إلى "الاندماج" مع الجماعة، والقلق حيال صورة الجسد، والانشغال الشديد برأي الآخرين فيهن.
أولًا، ضعي في اعتبارك أنه ليست كل الفتيات يمررن بمرحلة انتقال صعبة، فبعضهن يتجاوزن فترة المراهقة بسهولة وحماس.
ومع ذلك، من المحتمل أن تمرّي بأوقات تجدين فيها ابنتك أكثر جدالًا، ليس لأنها تتعمّد ذلك، بل لأن بيولوجيتها تدفعها نحو الاستقلال.
ومن علامات البلوغ أيضًا حاجتها المتزايدة إلى الخصوصية، فقد تُغلق باب غرفتها لساعات طويلة، لا تفزعي فهي بحاجة إلى اكتشاف هويتها بعيدًا عنكِ.
رغم أن حاجة الطفلة إلى الاستقلال أمر طبيعي، إلا أنه قد يكون مؤلمًا للأم، لأن جزءًا من ابنتكِ لا يزال تلك الصغيرة التي تلجأ إلى والدتها لتجعل كل شيء بخير، لكن هذا الجزء الجديد المتطور منها بدأ يدرك أن ذلك لن ينفع إلى الأبد، وأن عليها أن تطوّر استراتيجية للنضج والبقاء مع الحفاظ على رابط داخلي بالمنزل.
من العوامل التي تحاول بعض الأمهات تجنّب التفكير بها: بداية الوعي الجنسي لدى بناتهم؛ فالدافع الفطري في بلوغ الفتاة هو أن تجعل نفسها جذابة جنسيًا ومنافسة بين قريناتها من الإناث.
وقد لا تكنّ على وعي بهذا الدافع اللاواعي، لكنه السبب في تركيزهنّ الشديد على مظهرهن خلال فترة المراهقة، ففجأة تجدين تلك الفتاة التي كانت ترفض الاستحمام، قد أصبحت تحتل الحمّام، وتقف طويلًا أمام المرآة، وتلتقط صور "سيلفي" لنشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
وهذا أمر مهم، لأن دماغ الفتاة وجسدها يمران بتغيرات ضخمة، ويتم تشكيل مسارات عصبية جديدة؛ لذلك يجب تدريب المهارات التفاعلية مثل التواصل البصري والتعاطف، شجعيها على التفاعل وجهًا لوجه بشكل أكبر.
هناك مرحلتان في حياة الإنسان تحدث فيهما تغيّرات معرفية هائلة: حتى عمر الثلاث سنوات، وخلال فترة المراهقة؛ لذلك قد يساعدك التفكير في سلوك ابنتكِ المراهقة وكأنها طفلة صغيرة تحاول فهم عالمها بينما دماغها يمرّ بمرحلة إعادة تشكيل.
لذا من المهم ألا نتوقع من المراهقة أن تستجيب كالكبار، فهي لا تستطيع ذلك، فالانفجارات العاطفية لدى المراهقة قد تُربك الأم، التي تحاول استخدام المنطق في لحظة الغضب، لكن الأمر لا ينجح، لأن دماغ الفتاة يكون غارقًا في طوفان من المشاعر، ولا تسمعكِ أصلًا.
فإذا حدث انهيار عاطفي، حاولي التعامل معه بنفس الطريقة التي كنتِ تتعاملين بها مع نوبات الغضب في طفولتها، أحيانًا، التعاطف مع حالتها العاطفية يكون الخيار الأفضل.
أما إذا كانت تتصرّف كطاغية، فاثبتي على موقفك، وانتظري حتى تهدأ -وقد يستغرق ذلك ساعات أو حتى يومًا كاملًا- ثم حاولي فتح نقاش عقلاني معها حول الموقف.
قولي لها إن كل شيء سيكون على ما يُرام، وإنكِ هنا لدعمها، طمئنيها بأن المشاكل ستحل، لأنها في الغالب كذلك.
قد تُحلّ الأمور بمرور الوقت، لكنها غالبًا ما تمرّ بمطبّات؛ لذلك، كلما كنتِ أكثر هدوءًا واستعدادًا، كان دعمكِ لابنتكِ أفضل، ومروركِ بهذه المرحلة أسهل.
دعي إجاباتها ترشدكِ إلى التغيرات التي تجد صعوبة في التعامل معها.
استخدمي أسئلة مفتوحة تحتاج إلى إجابات مفصّلة، مثل:
خطّطي للذهاب في رحلة تسوّق لـ اختيار حمالات الصدر والفوط الصحية، هذا سيجنّبها الإحراج ويمنحها فرصة لطرح الأسئلة.
احكي لها كيف كانت تجربتكِ مع البلوغ، وكيف كان شعوركِ وأنتِ تنتظرينه، وابحثي عن صور قديمة لكِ في عمرها لتشاهدينها معها.
ستسمع ابنتكِ الكثير من الشائعات والمبالغات حول البلوغ؛ لذا ساعديها على التمييز بين الحقيقة والخيال من خلال تزويدها بالمعلومات الدقيقة وبأسلوب صريح.
تصفّحيه معها، أو اتركي لها قراءته على انفراد، ثم شجّعيها على التحدث إليكِ بعد ذلك.
وأخيرًا: خذي وقتًا لنفسكِ أيضًا، وذكّري نفسكِ أنكِ الطرف البالغ في هذه العلاقة.
يمكن أن تكون التغيرات العاطفية المصاحبة للبلوغ صعبة على الأطفال والأمهات معًا؛ لذا حاولي دعم طفلكِ/تك ولا تأخذي الأمور على محمل شخصي أثناء مرورهم بهذه المرحلة.
قد يلاحظ الأهل أن الطفل/ة:
وهذه الفترة أيضًا تشهد زيادة تأثير ضغط الأقران، راقبي علامات قد تشير إلى أن طفلكِ بحاجة إلى المساعدة.
فقد تكون فترة البلوغ وقتًا تظهر فيه مشاكل مثل القلق، والاكتئاب، واضطرابات الأكل؛ لذا تحدّثي مع طفلكِ عن المشاعر القوية، وساعديه على تطوير طرق للتعامل مع التوتر.
واستشيري الطبيب فورًا إذا بدا أن طفلكِ حزين للغاية، أو مضغوط نفسيًا، أو تغيرت شهيته أو نظامه الغذائي، أو فقد الاهتمام بالأشياء التي كان يستمتع بها، أو ظهرت عليه أي تغيّرات تقلقكِ.
مع نضوج الأطفال، قد تكون لديهم تساؤلات أو مخاوف حول التغيرات التي يمرون بها.
إليكِ أبرز المخاوف الشائعة:
قد يكون الحديث عن علامات البلوغ غير مريح لكل من الوالدين والأطفال، لكن هناك طرقًا لتقليل الإحراج وتعزيز أجواء إيجابية:
يمكن أن يكون طبيب الأطفال مصدرًا رائعًا خلال مرحلة المراهقة، وإليكِ كيف يمكنكما العمل سويًا:
وتذكري أن مساعدة طفلك في اجتياز فترة البلوغ هي واحدة من المهام المهمة في تربية الأبناء، باستخدام الأدوات المناسبة الإيجابية، يمكنك تحويل هذا الانتقال إلى تجربة مليئة بالدعم والتمكين لك ولطفلك.
إليك ملخص مراحل البلوغ وما يمكن توقّعه خلالها:
"مرحلة الإحماء" ، فرغم عدم وجود تغيّرات جسدية واضحة بعد، إلا أن جسم الطفل يبدأ بالتحضير، حيث تبدأ الهرمونات بالتغير خلف الكواليس، ولكنكِ على الأرجح لن تلاحظي أي تغيّر في هذه المرحلة.
هنا تبدأ العلامات الأولى الحقيقية للبلوغ بالظهور:
الفتيات: قد تلاحظ وجود كتل صغيرة تحت الحلمتين، وهي بداية نمو الثدي (تُعرف بـ"براعم الثدي")، وقد يبدأ شعر العانة بالظهور، مع ملاحظة زيادة في الطول.
الفتيان: قد يلاحظون تغيّرًا في حجم الخصيتين، مع ظهور بعض الشعيرات الخفيفة في منطقة العانة، وقد يمرون بطفرة نمو بسيطة، وقد يبدو أن أقدامهم أصبحت فجأة أكبر بمقاسين!
هذه هي المرحلة الوسطى، حيث تبدأ الأمور بالتسارع فعليًا، وقد يشعر الطفل وكأنه يتغير كل يوم.
الفتيات: يواصل الثديان النمو، ويُلاحظ ظهور شعر تحت الإبط وفي منطقة العانة، ويكون متوسط عمر بداية الحيض هو 12 سنة، ولكن يمكن أن يحدث ذلك في وقت أبكر أو لاحق — وكلاهما طبيعي.
بغضّ النظر عن التوقيت، فإن الحيض يُعد محطة كبيرة، ويحدث نمو سريع أيضًا؛ ففجأة تصبح سراويل الجينز قصيرة عليها كل بضعة أشهر!
الفتيان: قد تلاحظي تغيّرًا في الصوت (مرحلة "الصوت المبحوح") ثم يصبح أعمق، يكبر كلٌّ من الخصيتين والقضيب، ويظهر مزيد من الشعر في أماكن جديدة على الوجه، وتحت الإبط، وفي المناطق الحساسة، كما تبدأ الكتلة العضلية في الازدياد تدريجيًا.
تذكري يمكن أن يبدأ البلوغ في أوقات مختلفة لدى كل طفل، وهذا أمر طبيعي تمامًا، فكل شخص يتطور وفقًا لوتيرته الخاصة، ولا بأس إذا حدثت هذه المراحل مبكرًا أو متأخرًا مقارنة بأقرانهم.
في هذه المرحلة، يقترب الطفل من نهاية مرحلة البلوغ، حيث يبدأ الجسم بالاستقرار ليشبه أكثر شكل البالغين.
الفتيات: مع نهاية البلوغ، تكون معظم الفتيات قد طوّرن ثديين مكتملين وحصولًا منتظمًا على الدورة الشهرية، ووصلن إلى طولهن النهائي.
الفتيان: تستقر أصواتهم على نغمة أعمق، ويصبح شعر الوجه أكثر كثافة، وتواصل أجسامهم نموّها العضلي، لكن غالبًا ما يستمر الفتيان في النمو في الطول حتى بعد انتهاء معظم التغيرات الجسدية.
يمرّ جميع الأطفال بمرحلة البلوغ بطريقة مختلفة.
ولكن يُفضّل استشارة الطبيب إذا:
إنّ مرحلة البلوغ ليست مجرد مجموعة من التغيرات الجسدية والعاطفية، بل هي بوابة الدخول إلى عالم جديد، يحمل في طيّاته مشاعر متناقضة من القلق والحماس، والخوف والفضول، وإذا بدأت علامات البلوغ في الظهور مبكرًا، فلا داعي للذعر؛ فكل طفل له توقيته الفريد، والنمو ليس مسابقة.
المفتاح الحقيقي في هذه المرحلة هو الاحتواء، لا السيطرة… الإصغاء، لا التوبيخ… الفهم، لا الإنكار.
كلّما كنتِ مستعدة نفسيًا ومعلوماتيًا، استطعتِ أن تُشكّلي لابنتك أو ابنك مساحة آمنة يسكنون إليها في ظلّ هذه العاصفة الهرمونية؛ فراقبي بصمت، تحدّثي بحب، وتصرّفي بحكمة، فأنتِ لستِ فقط الشاهدة على نضج طفلكِ، بل أنتِ أيضًا اليد التي تمسك به برفق وتدفعه للأمام بثقة وطمأنينة.
ولا تنسي… أن التغيّرات قد تكون مربكة لهم، لكنها لا تقلّ توترًا عليكِ كأم، لذا خذي وقتكِ أيضًا لتتنفّسي، وتتعلمي، وتنضجي معهم خطوة بخطوة.
وإن شككتِ في أي مرحلة من مراحل نمو طفلكِ أو لاحظتِ أمرًا خارج المألوف، فلا تترددي في طلب الدعم من طبيب الأطفال المختص، فالدعم المبكر يصنع فرقًا كبيرًا.
تذكري البلوغ ليس "نهاية الطفولة"، بل بداية النضج… فكوني لابنتكِ أو ابنكِ البوصلة التي تهدي، لا الصخرة التي تُرهِق.
قصة سيدنا إسماعيل عليه السلام دروس ملهمة للأطفال
ومضت بذلك سنة النحر في الأضحى، ذكرى لهذا الحادث العظيم الذي يرتفع منارة لحقيقة الإيمان ، وعظمة التسليم ابتغاء رضا الله.
مشاكل المراهقين النفسية؛ اكتشفي كيف تتعاملين معها بحكمة
في حين أنه من الطبيعي أن يمر المراهق بمواقف ومشاعر مختلفة، لكن بالرغم من أن مشاكل المراهقين النفسية طبيعية إلا أنها في بعض الأحيان
شجار الاخوة؛ كل ما تحتاجين إلى معرفته
في هذا المقال، سنتناول جوانب شجار الاخوة وكيف يمكن تحويلها إلى فرصة لتعزيز العلاقات الأخوية وبناء تواصل صحي بين الأطفال.