هل تنامين بشكل خاطئ أثناء الحمل ؟ إليك وضعية النوم المثالية

كانت «ياسمين» في الشهر السادس من الحمل ، تستيقظ كل ليلة متعبة، ظهرها يؤلمها، وتشعر بدوخة خفيفة لا تفهم سببها.

جرّبت تغيير الوسائد، وتهوية الغرفة، وحتى شرب الأعشاب قبل النوم، لكن شيئًا لم يكن يُجدي، لم يخطر ببالها أن المشكلة لم تكن في قلة النوم… بل في وضعية النوم نفسها.

وفي إحدى زيارات المتابعة، أخبرتها الطبيبة أن وضعية النوم أثناء الحمل ليست تفصيلًا بسيطًا كما تظن كثير من النساء، وأن تغيير وضعية النوم قد يحدث فرقًا حقيقيًا في راحتها وصحة جنينها.

وبالفعل، بعد أيام قليلة من الالتزام بوضعية النوم الصحيحة، بدأت ياسمين تنام بهدوء أطول، واختفى الألم تدريجيًا، وعاد شعورها بالراحة والاطمئنان.

لذا إذا كنتِ تعانين من الأرق أو التعب الليلي خلال الحمل، فربما تكون وضعية النوم هي القطعة المفقودة في الصورة.

واليوم في هذا الدليل، سنساعدكِ على فهم أفضل وضعيات النوم أثناء الحمل، ونفكك الخرافات ونوضح الحقائق الطبية، ونشرح كيف يمكن لوضعية نومكِ أن تؤثر في صحتكِ وصحة جنينكِ، كما سنجيب على السؤال الأهم : هل تسببي الضيق لجنينك بوضعية نوم بعينها ؟

• ما هي أفضل وضعيات النوم أثناء الحمل ؟

• لماذا يُنصح بالنوم على الجانب؟

الأمر كله يتعلق بتدفق الدم، فمع ازدياد حجم الجنين، تزداد احتمالية الضغط على الأوعية الدموية التي تنقل الدم إلى الرحم.

• النوم على الجانب الأيسر أثناء الحمل

غالبًا ما يُشار إلى النوم على الجانب الأيسر باعتباره الوضعية "المثالية" أثناء الحمل.

فالنوم على الجانب الأيسر يساعد على تحقيق أفضل تدفق دم عبر الوريد الأجوف السفلي (IVC)، وهو وريد كبير يمتد بمحاذاة العمود الفقري من الجهة اليمنى، وينقل الدم إلى القلب، ومنه إلى الجنين.

كما أن النوم على الجانب الأيسر يخفف الضغط عن الكبد والكليتين، مما يمنحهما مساحة أفضل للعمل بكفاءة، ويساعد ذلك أيضًا في تقليل التورم في اليدين والكاحلين والقدمين.

• النوم على الجانب الأيمن أثناء الحمل: هل هو آمن؟

النوم على الجانبين الأيسر والأيمن متساويان من حيث الأمان، وقد يكون هناك خطر طفيف للضغط على الوريد الأجوف السفلي عند النوم على الجانب الأيمن، لكن في الغالب يعود الأمر إلى الوضعية التي تشعرين فيها بالراحة أكثر.

• كيف تجعلين النوم على الجانب أكثر راحة؟

إذا لم يكن النوم على الجانب مريحًا لكِ بطبيعته، فإليكِ بعض الطرق التي قد تساعدكِ على التكيف معه:

• الثلث الأول من الحمل

في بداية الحمل، يكون النوم بأي وضعية آمنًا عمومًا، لكن إذا رغبتِ في التعود مبكرًا على النوم على الجانب، يمكنكِ وضع وسادة بين ساقيكِ لتخفيف الضغط عن الوركين وأسفل الجسم.

وإذا كنتِ ترغبين في دعم إضافي، فاقترح علبكِ استخدام وسادة طبية مخصصة للركبة مصنوعة من الإسفنج المرن (Memory Foam).

• الثلث الثاني من الحمل

مع نمو البطن، يصبح من المهم أن تكون مرتبتكِ متوسطة الصلابة حتى لا ينحني ظهركِ أثناء النوم، فإذا كانت المرتبة ناعمة جدًا، قد يساعد وضع لوح خشبي بين المرتبة وقاعدة السرير.

كما يمكنكِ التفكير في استخدام وسائد الحمل، والتي تأتي بأشكال U أو C، وتحيط بالجسم بالكامل لدعم النوم على الجانب.

• الثلث الثالث من الحمل

استمري في استخدام مخدة الحمل للحصول على الدعم، وإذا شعرتِ بأنها كبيرة أو غير مريحة مع كبر حجم البطن، يمكنكِ تجربة الوسائد الإسفينية (Wedge Pillows)، حيث توضع أسفل البطن وخلف الظهر لمنع التقلب على الظهر.

وإذا لم تتمكني من التعود على النوم على الجانب، جربي رفع الجزء العلوي من جسمكِ بزاوية 45 درجة باستخدام الوسائد، بحيث لا تكونين مستلقية تمامًا على ظهركِ، مما يقلل الضغط على الوريد الأجوف السفلي.

• هل يمكنكِ النوم على بطنكِ أثناء الحمل ؟

نعم، ولكن حتى الأسابيع 16 إلى 18 من الحمل، ثم بعد ذلك يبدأ البطن في النمو بشكل يجعل هذه الوضعية غير مريحة، وقد تشعرين وكأنكِ تحاولين النوم فوق كرة كبيرة.

• النوم على الظهر : هل يسبب الضيق لجنينك ؟

يُعد النوم على الظهر آمنًا خلال الثلث الأول من الحمل، لكن لاحقًا تشير بعض الدراسات إلى وجود ارتباط بين النوم على الظهر طوال الليل وزيادة خطر الإملاص.

ورغم أن هذه الدراسات صغيرة وقد تتداخل عوامل أخرى مثل انقطاع النفس أثناء النوم، فإنها لا يمكن تجاهلها تمامًا؛ لذا قد يقلل تجنب النوم على الظهر بعد الأسبوع 28 من الحمل خطر الإجهاض بنسبة تُقدّر بنحو 5.8%.

إضافة إلى ذلك، قد يؤدي النوم على الظهر إلى:

• آلام الظهر.
• البواسير.
• مشكلات في الهضم.
• ضعف الدورة الدموية.
• الشعور بالدوار أو الدوخة.

• ما الذي قد يسبب زيادة خطر ولادة الجنين ميتًا ؟

تلعب وضعية النوم في الثلث الثالث من الحمل دورًا مهمًا، فعند النوم على الظهر، يضغط الوزن المشترك للجنين والرحم على أعضاء أخرى في جسمك.

لا يعرف الباحثون على وجه اليقين السبب الدقيق وراء زيادة خطر ولادة الجنين ميتًا، لكننا نعرف بالفعل ما يلي، والذي قد يكون له دور:

• عند النوم أو الاستلقاء على الظهر، يضغط الجنين والرحم على الأوعية الدموية الرئيسية التي تغذي الرحم، ما قد يقيّد تدفق الدم والأكسجين إلى الجنين والمشيمة.
• أظهرت دراسات أخرى أنه عندما تستلقي المرأة على ظهرها في أواخر الحمل (مقارنةً بالاستلقاء على الجانب)، يكون الجنين أقل حركة، وتظهر تغيّرات في أنماط ضربات القلب، ويُعتقد أن ذلك ناتج عن انخفاض مستويات الأكسجين لدى الجنين عندما تستلقي المرأة الحامل على الظهر.

نصائح لوضعيات نوم مريحة أثناء الحمل

قد يكون تغيير وضعية النوم التي اعتدتِ عليها أمرًا صعبًا، لكن خذي نفسًا عميقًا واطمئني: الأمر ممكن، وغالبًا ما يتكيّف جسمكِ تلقائيًا مع وضعيات نوم أكثر راحة أثناء الحمل كلما كبر بطنكِ.

• اثني ركبتيكِ

إذا كنتِ تعانين من ألم في الوركين أو الساقين أو الظهر أثناء الحمل، توصي الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG) بثني الركبتين أثناء النوم.

للحصول على دعم إضافي، يمكنكِ وضع وسادة:

• تحت الساقين
• أو بين الركبتين
• أو أسفل البطن

• التزمي بعادات نوم صحية

قد تجدين أن النوم في وضعية جديدة أثناء الحمل يصبح أسهل إذا كان جسمكِ مهيأً للراحة من الأساس عبر عادات نوم صحية.

يوصي مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بما يلي:

• تقليل تناول الكافيين قبل النوم
• الحد من استخدام الشاشات
• تجنب الأكل أو الشرب في وقت متأخر من الليل
• الالتزام بجدول نوم منتظم
• إيجاد طرق للاسترخاء وتخفيف التوتر

فالدخول في طقس صحي قبل النوم أثناء الحمل يضمن لكِ الحصول على نوم جيد باستمرار، مثل أخذ حمام دافئ، أو شرب كوب من اللبن، وممارسة تقنيات الاسترخاء، كلها أدوات مفيدة لتعزيز نوم هانئ.

• كوني لطيفة مع نفسكِ

إذا شعرتِ بعدم الراحة، فقد تحتاجين إلى وسائد إضافية أو بعض تمارين التمدد لتخفيف الانزعاج، حاولي إيجاد الوضعيات الأكثر راحة لكِ، وكوني رحيمة بنفسك، وإذا استيقظتِ وأنتِ على الجانب الأيمن أو على ظهرك، أعيدي تموضعكِ على الجانب الأيسر دون شعور بالذنب.

واعتبري أن طفلكِ هو من أيقظكِ ليخبركِ بأن تغيّري وضعيتكِ!

الأسئلة الشائعة حول وضعيات النوم أثناء الحمل

• لماذا لا يُنصح بالنوم على الجانب الأيمن أثناء الحمل؟

في الواقع، يُعد النوم على الجانب الأيمن آمنًا في معظم الحالات، حيث يُوصى عمومًا بالنوم على أحد الجانبين ابتداءً من الأسبوع 28 من الحمل.

• متى يجب التوقف عن النوم على الظهر أثناء الحمل؟

عادةً ما ينصح الأطباء بالبدء في النوم على الجانب اعتبارًا من الأسبوع 28 من الحمل، أو عندما يصبح حجم البطن كبيرًا بما يكفي ليجعل النوم على الظهر غير مريح.

وإذا استيقظتِ على ظهركِ ليلًا، فلا داعي للقلق؛ ما عليكِ سوى العودة برفق للنوم على الجانب.

• هل يمكن الاستلقاء على البطن أثناء الحمل؟

يُعد النوم على البطن آمنًا في المراحل المبكرة من الحمل، لكنه يصبح غير مريح مع نمو البطن.

• هل يجب استخدام وسادة الحمل أثناء النوم؟

ليست إلزامية، لكنها أداة رائعة إذا كانت تجعلكِ أكثر راحة وتساعدكِ على الوصول إلى وضعية النوم المثالية أثناء الحمل، بحسب رأي الخبراء، حيث توفر وسائد الحمل دعمًا إضافيًا للبطن المتنامي، والظهر، والركبتين، والوركين، مما يمنحكِ راحة أكبر ونومًا أعمق.

ونقترح استخدام ثلاث وسائد منفصلة أو وسادة طويلة واحدة توضع:

• بين الذراعين
• وتحت البطن
• وبين الركبتين

• إلى متى يمكن الاستلقاء على الظهر أثناء الحمل؟

يعتمد ذلك على عدة عوامل، مثل عمر الحمل، والوزن، ومدى الراحة، وللأسف لا يوجد عدد محدد من الدقائق ثبت أنه آمن أو غير آمن.

وكما ذكرنا من المقبول طبيا الاستلقاء على الظهر خلال الثلث الأول من الحمل، لكن في منتصف الثلث الثاني وحتى أواخره، يُنصح بتجنب الاستلقاء مسطّحة على الظهر لفترات طويلة؛ لأنه قد يقلل تدفق الدم إلى الجنين، مما قد يؤثر في نموه وصحته العامة.

الخلاصة

قد يحمل الحمل الكثير من الأمور التي تستدعي القلق، لكن وضعية النوم لا يجب أن تكون في صدارة هذه القائمة؛ فاختاري وضعية النوم التي تمنحكِ أكبر قدر من الراحة، واستعيني بالوسائد عند الحاجة، ولا تترددي في استشارة طبيبكِ إذا كانت لديكِ أي تساؤلات إضافية.

ولمزيد من المقالات الطبية الموثوقة والنصائح العملية لكل مرحلة من مراحل الحمل، ندعوكِ بكل حب لزيارة الصفحة الرئيسية لموقع تطبيق الملكة ، حيث تجدين محتوى مُعدّ خصيصًا لدعمكِ في رحلتكِ نحو أمومة مطمئنة.