احترام الذات يعزز الصحة النفسية للاطفال، أما النرجسية يمكن أن تضر الصحة النفسية للاطفال والكبار

إن الثناء ضروري للإنسان، كما أن الشحوم ضرورية للحفاظ على دوران العجلات، وغالبًا ما يجد الناس في جميع أنحاء العالم أنفسهم يقدمون الثناء ويتلقونه في تفاعلاتهم اليومية، وقد يرفض البعض الإطراءات بشدة، بينما قد يتبنى الآخرون كل كلمة تقدير بكل فخر وشغف.

 يمدح الآباء اطفالهم لزيادة ثقتهم في أنفسهم، وتقديم التشجيع، وإظهار المودة، بينما يزدهر الاطفال من ثناء والديهم، ولكن الأبحاث تُظهر أن الأمر ليس بهذه البساطة، وأن الاستحسان الذي ينقله الآباء ببذخ لأطفالهم يمكن في الواقع أن يأتي بنتائج عكسية.

 العلاقة المعقدة بين الثناء والنرجسية، وما يتطلبه الاطفال حقًا لتنمية ثقتهم بأنفسهم بشكل صحي

   أحد أهم الأشياء التي أظهرتها الأبحاث هو أن النرجسية واحترام الذات مختلفان تمامًا، فبينما يساهم تقدير الذات في دعم الصحة النفسية للاطفال، عن طريق تقليل القلق والاكتئاب، والمساعدة في الحفاظ على علاقات صحية، وما إلى ذلك، يمكن أن تضر النرجسية بالصحة النفسية للاطفال منذ الصغر.

هل النرجسية سمة شخصية يولد بها بعض الاطفال، أم أنها تكتسب من خلال التنشئة الاجتماعية؟ 
 

 ▪  النرجسية مثل أي سمة شخصية أخرى لها شق وراثي.

بالفعل في سن ما قبل المدرسة، يكون الأطفال الذين يميلون إلى النرجسية في وقت لاحق يريدون أن يكونوا في مركز الاهتمام، وأن يكونوا غير مستقرين عاطفياً، ويغضبون وينزعجون عندما لا يحصلون على ما يريدون، ولكن عندما نقول أن شيئًا ما يحتوي على مكون جيني، فإننا نفترض تلقائيًا أنه ثابت وهذا سوء فهم.

▪  تتشكل النرجسية من خلال تجارب التنشئة الاجتماعية.

أظهرت الأبحاث أن الأطفال يطورون المزيد من السمات النرجسية عندما يبالغ آباؤهم في تقديرهم، وعندما يرى آباؤهم أنهم أفراد فريدون وغير عاديون يستحقون معاملة خاصة، حيث يميل الآباء إلى المبالغة في تقدير قدرات الأطفال والإفراط في تقديرهم والثناء عليهم، والضغط على الاطفال للتميز عن الآخرين، وبمرور الوقت في مثل هذه البيئة، قد يستنتج الاطفال أنهم بالفعل أفضل وأكثر استحقاقا من غيرهم.

ومع تقدم الاطفال النرجسيين في السن، فإنهم يميلون إلى الانجذاب إلى الأماكن التي تؤكد على التنافس وليس على التعاون، والتي تمكنهم من التميز، والحصول على الثناء والإعجاب من قبل الآخرين، فهم يختارون الإعدادات التي تعزز سماتهم النرجسية.

 كيف يمكنك التعرف على أن الطفل يفرط في الثقة بالنفس أم أنه نرجسي؟

   تظهر النرجسية لأول مرة في سن السابعة، وذلك عندما يكتسب الاطفال القدرة على إجراء تقييمات ذاتية من خلال المقارنات الاجتماعية.

  إذا طلبت من طفل صغير أن يصف نفسه، فسيقول عادةً: "أنا أخ أو أخت لطيفة" أو "يمكنني لعب كرة القدم جيدًا" 

هذه تقييمات ذاتية خاصة بالمجال تفتقر إلى المقارنة الاجتماعية.

النرجسية هي تقييم ذاتي يتضمن مقارنة اجتماعية: "أنا أفضل من الآخرين".

ما هي مفارقة المديح؟  كيف بالضبط يؤدي الثناء المبالغ فيه إلى نتائج سلبية؟

عندما نلاحظ أن الطفل يعاني من تدني احترام الذات، نشعر برغبة قوية لمساعدته على الشعور بتحسن تجاه نفسه، ولدينا هذه النظرية العامة القائلة بأن الثناء سيؤدي المهمة. 

يعطي الآباء المزيد من الثناء المبالغ فيه: "لقد أبليت بلاءً حسنًا!" للاطفال الذين يعانون من تدني احترام الذات ربما في محاولة لرفع تقديرهم لذاتهم.

  ولكن مثل هذا الثناء المبالغ فيه قد يكون له عواقب غير متوقعة. 

الاطفال الذين يعانون من تدني احترام الذات تلقوا الكثير من الثناء المبالغ فيه، ولكن كلما زاد الثناء المبالغ فيه انخفض تقديرهم لذاتهم، وبالنسبة لبعض الاطفال ارتفعت مستويات النرجسية لديهم فيما بعد.

 ما هي الطريقة الصحيحة للمدح؟

حاولي تركيز المديح على السلوك بدلاً من التركيز على الشخصية. 

لنفترض أن الطفل يحصل على درجة عالية، فمن الأكثر فاعلية أن تقولي: "هذا رائع حقًا، لأنني أعلم أنك درست بجد"

 لأن الأطفال يمكنهم ربط النجاح بالعمل الذي يضعونه في هذه العملية. 

كما أنني أقول للوالدين ألا يحاولوا المدح بطرق مبالغ فيها، لأنهم قد يضعون عن غير قصد معايير عالية جدًا يصعب على الطفل الالتزام بها.

أعتقد أنه من الجيد دائمًا أن تكوني على دراية بالرسائل الضمنية التي ترسليها إلى طفلك؛ حتى المديح يمكن أن يحتوي على رسائل لا تريدين نقلها للطفل. 

من ناحية أخرى، ضعي في اعتبارك أن الأشياء يمكن أن تتغير دائمًا، وأن هذه الشخصية ليست ثابتة، حتى عندما يكون الاطفال أكبر سنًا هناك العديد من التجارب التي يمكن أن تقلل أو تزيد من سمات معينة.

نصيحتي للآباء والأمهات لتربية اطفالهم بتقدير الذات السليم ومساعدتهم على الازدهار 

¤ ربما تكون أهمها هي إدراك أنه يمكنك أن تكوني دافئًة وعاطفيًة مع طفلك وأن ترفعي من تقديره لذاته دون وضع الطفل على قاعدة التمثال.

¤ يمكنك قضاء بعض الوقت مع الطفل، وجعله يشعر بتقديرك لمشاركته الوقت، واللعب معا، واللمس، والعناق.

¤ هناك أشياء تجعل الاطفال يشعرون أنك تقدريهم لشخصيتهم، وأنك تعتزين بعلاقتك بهم، دون أن تخبريهم في الواقع بشئ مثل:
"أعتقد أنك مميز ومتميز وأفضل بكثير من زملائك في الفصل، وأنت  تستحق معاملة خاصة ".

 عندما تعلمين أن طفلك لديه سمات نرجسية، فلا داعي للذعر 

¤ إنه شائع جدًا. 
لكن من المهم التعرف على المعتقدات التي تكمن وراء الصورة الذاتية النرجسية.

¤ حاولي أن تكتشفي هل يحب طفلك نفسه كما هي؟

أم أن صورته الذاتية هشة؟ 

¤ فكري في الرسائل التي ترسليها أنت أو البيئة إليه والتي قد تساهم في هذه المعتقدات.

¤ تحدثي عن القيم المهمة في الحياة وكيف أن البشر في جوهرهم متساوون وكيف أنه لا يستحق أي شخص معاملة خاصة.