هل المناعة تتقلّب مع تقلباتكِ الشهرية؟

هل لاحظتِ من قبل أنكِ قبل دورتكِ الشهرية تشعرين بالتعب أسرع؟ أو ربما تعانين من نقص مناعة الجسم وتصابين بنزلات برد خفيفة، أو تخرج بثور مزعجة في وجهكِ دون سبب واضح؟

لا، الأمر ليس مجرد مصادفة. الحقيقة أن جهازكِ المناعي يتأثر مباشرة بتقلبات الهرمونات الأنثوية طوال الشهر.

 

اكتشفي العلاقة بين الدورة الشهرية ونقص مناعة الجسم 

في هذا المقال، سنأخذكِ في جولة داخل جسمكِ، لنتعرف على العلاقة بين الدورة الشهرية و نقص مناعة الجسم، ولماذا تصبحين أكثر عرضة للالتهابات أو البثور أو حتى الحساسية في أوقات معينة. وسنخبركِ كيف تحمين نفسكِ بالغذاء والعادات اليومية السليمة، لتكوني أقوى وأجمل، رغم كل التقلّبات!

 

أولاً: جهازكِ المناعي... ليس ثابتًا!

جهاز المناعة هو درعكِ الطبيعي ضد الفيروسات والبكتيريا والالتهابات. لكنه، عكس ما نظن، ليس ثابت الأداء دائمًا.

عند النساء، يتأثر الجهاز المناعي بالدورة الهرمونية الشهرية، خاصة بمستويي هرموني الأستروجين والبروجستيرون.

كيف يحدث ذلك؟

على مدار الشهر، يمر جسدكِ بمراحل هرمونية مختلفة:

1. الطور الجُريبي (من اليوم 1 حتى الإباضة): يرتفع الأستروجين تدريجيًا.

2. فترة الإباضة (منتصف الدورة): الأستروجين في قمّته.

3. الطور الأصفري (ما بعد الإباضة وحتى بدء الحيض): يرتفع البروجستيرون.

4. وقت الحيض: تنخفض الهرمونات فجأة.

لكل مرحلة من هذه تأثير مباشر على المناعة. فلنقترب أكثر.

 

ثانيًا: متى تضعف المناعة خلال الدورة؟

أظهرت دراسات عديدة أن جهاز المناعة يتراجع قليلًا في الأسبوع الأخير من الدورة، أي في الطور الأصفري.

وهذه بعض الأسباب:

 

1. ارتفاع البروجستيرون:

- البروجستيرون يُضعف الاستجابة المناعية مؤقتًا ليسمح بتهيئة الجسم لاحتمال حدوث الحمل.

- هذا يجعل الجسم أكثر عرضة للفيروسات أو التهابات الجلد أو المهبل.

 

 2. انخفاض الأستروجين:

- الأستروجين يعزز المناعة الطبيعية.

- حين ينخفض مستواه، تقل مقاومة الجسم.

 

3. ارتفاع نسبة الالتهابات الصامتة:

- قبل الدورة، يزداد إفراز بعض المواد الالتهابية في الجسم مثل "الإنترلوكين-6".

- وهذا ما يفسر آلام الجسم، انتفاخ البطن، المزاج المتقلب وحتى زيادة ظهور حب الشباب.

إذًا:

خلال الأسبوع السابق للدورة الشهرية، يصبح الجسم في حالة "هشة مناعيًا"، ومعرّض أكثر للإصابة.

 

ثالثًا: علامات تدل على تراجع المناعة قبل الدورة

انتبهي لهذه الإشارات التي قد تعني أن مناعتكِ منخفضة:

- ظهور بثور أو التهابات جلدية.

- الشعور بالتعب السريع أو الخمول.

- آلام الحلق أو بداية نزلة برد.

- التهابات المهبل أو المثانة.

- اضطرابات في الهضم أو القولون.

- ضعف التركيز أو ما يُعرف بـ"ضباب الدماغ".

 

رابعًا: كيف تحمين نفسكِ؟... التغذية كخط دفاع

لا يمكننا التحكم في هرموناتنا تمامًا، لكننا نستطيع دعم جهاز المناعة بالتغذية المناسبة.

إليكِ قائمة بأفضل الأطعمة في الأيام السابقة للحيض:

 

 أغذية تقوّي المناعة وتقلل الالتهاب:

- السبانخ والكرنب: غنيان بفيتامين C ومضادات الأكسدة.

- الزنجبيل والكركم: مضادان طبيعيان للالتهاب.

- الثوم: مضاد بكتيري ومقوٍ للمناعة.

-الزبادي الطبيعي: يحتوي على البروبيوتيك المهم لصحة الأمعاء والمناعة.

- الأسماك الدهنية (السلمون، السردين): غنية بأوميغا 3 التي تخفف الالتهاب.

- المكسرات النيئة (اللوز، الجوز): غنية بفيتامين E والزنك.

ماذا عن الشوكولاتة؟

- الداكنة فقط (أكثر من 70%) مفيدة، فهي غنية بمضادات الأكسدة وتُحسن المزاج.

 

خامسًا: العادات الصحية التي تُحدث فرقًا

 

1. النوم الكافي:

- احرصي على 7-9 ساعات نوم، خاصة قبل الدورة.

- النوم العميق يُحفز إنتاج خلايا المناعة.

 

2. التقليل من الكافيين:

 الإفراط في القهوة قبل الدورة يُجهد الجسم ويُضعف الاستجابة المناعية.

 

3. ممارسة الرياضة المعتدلة:

- المشي أو ممارسة تمارين الاسترخاء يمكن أن تساهم في تقليل الالتهاب وتحسين المناعة.

 

4. تجنبي السكريات المفرطة:

 السكر يُضعف مناعة الجسم مؤقتًا ويزيد من الالتهابات.

 

5. التقليل من التوتر:

- القلق يرفع هرمون الكورتيزول الذي يثبط المناعة. جربي تمارين التنفس أو التأمل.

 

سادسًا: هل تحتاجين للمكملات؟

إذا كنتِ تعانين من التهابات متكررة قبل الدورة، قد يفيدك استشارة الطبيب بشأن تناول:

فيتامين C

الزنك

فيتامين D

المغنيسيوم

لكن لا تتناولي أي مكمل دون تقييم طبي، فبعض الفيتامينات الزائدة قد تكون ضارة.

 

سابعًا: من تجارب النساء

 "قبل كل دورة، أُصاب بالتهاب حلق خفيف… لم أكن أعرف أن المناعة تتأثر، لكن بعد تحسين أكلي ونومي، خفّت هذه الأعراض".

 "كنت أظن أن البثور التي تظهر قبل الحيض مجرد هرمونات، لكن حين أضفت الزنك إلى نظامي الغذائي، لاحظت فرقًا كبيرًا".

 "جربت الصيام المتقطع قبل دورتي بأسبوعين، وتحسنت مناعتي ومزاجي!"

 

ثامنًا: نصائح فعّالة لدعم مناعتكِ قبل الدورة

قد تشعرين أحيانًا أن جسدكِ يبعث بإشارات تعب خفية مع اقتراب موعد الدورة الشهرية… ربما إرهاق غير مبرر، أو شحوب بسيط، أو حتى بثور مزعجة على البشرة.

والسر في كثير من هذه الأعراض يكمن في أن المناعة تتراجع طبيعيًا قليلاً خلال هذه الفترة بسبب تغير مستويات الهرمونات، خاصة هرموني الأستروجين والبروجستيرون كما ذكرنا سلفًا.

لكن الخبر الجميل أن بعض الخطوات الصغيرة قادرة على مساعدتكِ في رفع كفاءة جهازكِ المناعي، ودعم جسدكِ ليواجه هذه التغييرات بكل لطف.

 

أولًا: احرصي على شرب الماء بوفرة

لا تستهيني بقوة الماء!

الماء ليس مجرد وسيلة لإرواء العطش، بل هو أحد أهم أسرار صحة الجهاز المناعي.

عندما تحرصين على شرب كمية كافية من الماء يوميًا، تساعدين جسدكِ في طرد السموم، وتنشيط الدورة الدموية، وتنظيم العمليات الحيوية، مما يقلل من فرص الالتهابات الخفية التي قد تزداد قبل الدورة.

حاولي جعل الماء صديقكِ، ويمكنكِ إضافة شرائح الليمون أو أوراق النعناع لمزيد من الانتعاش.

 

ثانيًا: لا تهملي الخضروات الورقية

السبانخ، الجرجير، الكرنب، الخس… كلها ليست فقط خضروات لطبق السلطة، بل مخزون طبيعي من العناصر التي يحتاجها جهازكِ المناعي ليؤدي وظيفته بكفاءة.

هذه الخضروات غنية بفيتامين C، الحديد، والمغنيسيوم، وهي عناصر ضرورية لتقوية المناعة، دعم خلايا الدم، والمساعدة في الحفاظ على توازن الهرمونات الأنثوية، خاصة مع اقتراب موعد الدورة الشهرية.

تناولي طبقًا من السلطة يوميًا أو أضيفيها لعصيركِ الأخضر الصباحي.

 

ثالثًا: نامي جيدًا… النوم علاج طبيعي

في الأيام السابقة للدورة، يميل الجسم إلى الشعور بالخمول أو الأرق أحيانًا، لكن حاولي قدر الإمكان الالتزام بروتين نوم مريح.

النوم العميق والمنتظم يعزز من إنتاج خلايا الجهاز المناعي، ويساعد الجسم على التجدد وإعادة التوازن الهرموني.

إذا وجدتِ صعوبة في النوم، جربي الابتعاد عن الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بساعة، واستخدمي إضاءة خافتة، وربما رش القليل من رذاذ اللافندر الطبيعي على الوسادة.

 

رابعًا: التأمل وتمارين الاسترخاء… لمناعة قوية ومزاج متزن

ربما تتفاجئين، لكن التوتر هو من أكثر الأشياء التي تُضعف المناعة قبل الدورة، من خلال زيادة مستويات هرمون الكورتيزول الذي يثبط نشاط الجهاز المناعي ويزيد من الالتهابات الخفية بالجسم.

ممارسة التأمل أو تمارين الاسترخاء البسيطة لمدة 10 دقائق يوميًا تُعد وسيلة رائعة لتصفية الذهن، تخفيف حدة القلق، وتحسين الحالة المزاجية، وكل ذلك ينعكس إيجابًا على المناعة.

لا تحتاجين لصالة رياضية… فقط مساحة هادئة ووقت لنفسكِ.

 

خامسًا: راقبي طعامكِ… فأنتِ تبنين مناعتكِ من الداخل

مع اقتراب موعد الدورة الشهرية، تزيد رغبتنا أحيانًا في تناول السكريات أو الأطعمة السريعة، وهو أمر طبيعي لكنه يُضعف المناعة.

السكر المفرط، وفقًا للأبحاث الطبية، يؤثر سلبًا على كفاءة خلايا الدم البيضاء التي تحارب العدوى، كما يزيد من الالتهابات الصامتة داخل الجسم.

لذلك، حاولي تقليل السكريات قدر الإمكان، وركزي على تناول البروتينات الصحية مثل البيض، الدجاج، الأسماك، والبقوليات، فهي تُحسن من أداء جهازكِ المناعي وتمنحكِ طاقة مستقرة.

 

نصيحة لكِ:

جهازكِ المناعي يحتاج منكِ القليل من العناية اليومية، خصوصًا في الأيام التي تسبق الدورة الشهرية. لا تنتظري أن تشعري بالتعب لتدركي أهمية هذه النصائح، بل اجعليها جزءًا روتينيًا من يومكِ، وستلاحظين الفرق في طاقتكِ، مزاجكِ، وصحة بشرتكِ قبل الدورة وخلالها.

 

 

تاسعًا: افهمي جسدكِ... وامنحيه ما يحتاج

جسمكِ لا يخونكِ، بل يرسل إشارات. انخفاض المناعة قبل الدورة هو أمر طبيعي لكنه ليس حتميًا.

مع القليل من الاهتمام بالتغذية، النوم، والراحة النفسية، يمكنكِ تقليل التأثر، بل والتحوّل إلى نسخة أقوى منكِ.

 

 

دورتكِ ليست عدوًا… بل إيقاع فطري يحتاج انسجامكِ

عزيزتي، الوعي بالتغيرات التي يمر بها جسدكِ هو أول خطوات التوازن.

حين تعرفين أن جهازكِ المناعي يتراجع قليلًا قبل الحيض، ستعرفين متى تعتنين بنفسك أكثر، متى ترتاحين، ومتى تحمين بشرتكِ وغذاءكِ ومزاجكِ.

كل شهر، يمنحكِ جسدكِ فرصة جديدة لتصبحي أقوى. فلا تهدريها.