في زمن تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية وتتصاعد متطلبات الحياة اليومية، يطفو على السطح سؤالٌ حساس: هل مصروف البيت والانفاق على الأسرة مسؤولية مشتركة بين الزوجين أم أنّه عبء إضافي يقع على عاتق الزوجة بجانب مسؤولياتها الأخرى؟
هذا الموضوع لم يعد مجرد نقاش اجتماعي، بل أصبح قضية أسرية تؤثر على استقرار الحياة الزوجية وجودة العلاقة بين الطرفين.
في هذا المقال، سنناقش مسألة الانفاق من منظور اجتماعي واقتصادي ونفسي بل وديني، مع محاولة الوصول إلى توازن يحقق مصلحة الأسرة كلها.
وفقًا للشرع: فإن راتب الزوجة لها والانفاق على الزوج، وإذا اصطلحا أنها تنفق بعض الشيء فلا بأس، وإلا فالنفقة على الزوج، ومالها لها، سواء راتب وإلا غير راتب.
فالله يقول جل وعلا: فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا [النساء:4]، إن طابت نفسها وإلا فمالها لها، ليس له إلزامها، إلا إذا كان ذلك عن شرط بينهما بأن سمح لها بالوظيفة بشرط أن يكون الراتب بينهما، فالمسلمون على شروطهم.
أما إن كان مشروط عليه في الزواج، مشروط عليه أنها في عملها وهي موظفة أو مدرسة، قد التزم بالشرط فراتبها لها معاشها لها، إلا إذا سمحت بشيء عن طيب نفس.
الجواب الواضح: لا.
نعم، فإنفاق المرأة على زوجها وأولادها على سبيل الصدقة فيه الجمع بين الصدقة والصلة، ففي الصحيحين عن زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما أنها قالت: يا رسول الله، أيجزئ عنا أن نجعل الصدقة في زوج فقير، وأبناء أخ أيتام في حجورنا، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: لك أجر الصدقة، وأجر الصلة.
وقد روى الترمذي والنسائي وابن ماجه عن سلمان بن عامر الضبي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي القرابة اثنتان: صدقة وصلة. وهو حديث صحيح.
منذ القدم، كان الرجل هو المسؤول الأول عن الانفاق، حيث يوفّر المأكل والملبس والمسكن، بينما تتكفّل الزوجة برعاية الأبناء والبيت، وهذا التقسيم كان يتماشى مع طبيعة المجتمعات الزراعية أو التقليدية التي يقوم فيها الرجل بدور العائل الأساسي.
لكن مع تغيّر شكل الحياة ودخول المرأة سوق العمل، أصبح السؤال يطرح نفسه: هل من العدل أن تستمر مسؤولية الانفاق على الرجل وحده، أم أنّ المشاركة مطلوبة؟
لا يمكن إنكار أنّ عمل المرأة بات واقعاً، وأنّ راتبها لم يعد مجرد دخل إضافي بل عنصر أساسي في ميزانية الأسرة، خصوصاً مع ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف المعيشة.
إلا أنّ هذا الواقع يخلق أحياناً جدلاً داخلياً: هل مشاركة الزوجة في مصروف البيت واجب أم اختيار؟
بعض النساء يرين أن مشاركتهنّ دليل على التقدير والمساندة للزوج.
فيما ترى أخريات أنّ الراتب حق شخصي للمرأة، لا يُفرض عليها الانفاق منه على البيت إلا برغبتها.
من منظور نفسي، تلعب المشاركة المالية دوراً في تقوية روح الشراكة الزوجية، لكنّها قد تتحوّل إلى عبء نفسي إذا لم تكن برضا الزوجة.
فإذا شاركت الزوجة برغبة، شعرت أنّها جزء من القرارات الكبيرة للأسرة، أما إذا كان الأمر مفروضاً عليها، فقد يتولد لديها شعور بالاستغلال أو غياب التقدير، وهو ما يهدد الاستقرار العاطفي.
تشير دراسات اجتماعية حديثة إلى أنّ الأسر التي تتشارك في المصروف غالباً ما تتمتع بمرونة مالية أكبر، إذ يسهل عليها مواجهة الأزمات الاقتصادية.
لكن الجانب الآخر يكشف أنّ الخلافات حول المال تُعدّ من أبرز أسباب الطلاق، خصوصاً إذا شعر طرف ما أنّه يتحمل العبء الأكبر دون تقدير.
إذن، تكمن المعادلة في العدل والشفافية: الاتفاق المسبق وتحديد مسؤوليات كل طرف بشكل واضح.
قد تتحوّل مشاركة الزوجة في المصروف إلى عبء إذا:
في هذه الحالة، قد تشعر الزوجة أنّها تقوم بدور مزدوج: موظفة خارج البيت وربّة منزل داخله، وهو ما يؤدي إلى إنهاك نفسي وجسدي.
عندما تمر الأسرة بظرف مالي صعب.
إذا كان الزوج صريحاً وطلب المساعدة لا من باب الفرض بل من باب المشاركة المؤقتة.
حينما ترى الزوجة أن مشاركتها ستخفّف الضغط عن زوجها وتزيد من روح التعاون الأسري.
عندما يطالب الزوج زوجته بكل راتبها، فهذا قد يشير إلى أبعاد أخرى:
هنا لا بد أن يتعامل الزوجان مع الموضوع بحكمة وهدوء، بعيداً عن الاتهامات أو فرض السيطرة.
من أكبر أسباب الطلاق في عصرنا هو الخلاف المالي.
فإذا لم يتم التعامل معه برفق واحترام، فإنه يتحول إلى بذرة للشقاق؛ لذلك، على الزوجين أن ينطلقا من الفهم الصحيح للشرع:
المعادلة الناجحة تقوم على: وضوح شرعي + حوار هادئ + احترام متبادل.
الوصول إلى التوازن في الانفاق بين الزوجين ليس مجرد تقسيم أرقام على الورق، بل هو فن إدارة العلاقة الزوجية بما يحافظ على المودة والاحترام، وإليكِ بعض الحلول:
المال من أكثر الأمور التي قد تثير التوتر بين الزوجين إذا لم تكن هناك صراحة.
ليس شرطاً أن يدفع الطرفان نفس المبلغ، بل العدالة تقوم على مراعاة قدرة كل طرف.
فإذا كان دخل الزوج أعلى بكثير، فمن الطبيعي أن يتحمّل الجزء الأكبر.
وإذا كانت الزوجة عاملة وراتبها جيد، يمكنها المساهمة بنسبة تتناسب مع دخلها، لا أن تتحمل النصف دائماً.
مثال عملي: لو كان دخل الزوج 10,000 جنيه والزوجة 5,000 جنيه، يمكن أن يساهم الزوج بنسبة ⅔ والزوجة بنسبة ⅓، بحيث يشعر كل طرف أنه يقوم بواجبه دون ظلم.
الأسر التي تعيش من راتب إلى راتب غالباً ما تواجه أزمات كبيرة عند أي طارئ، مثل مرض مفاجئ أو فقدان وظيفة.
الحل هو الاتفاق على تخصيص جزء ثابت من الدخل للادخار، ولو كان بسيطاً (5 – 10%).
يمكن فتح حساب ادخار مشترك أو صندوق أسري للطوارئ.
المدخرات ليست رفاهية، بل ضمان لاستقرار الأسرة وتخفيف للضغوط عند الأزمات.
حتى لو ساهمت الزوجة بمبلغ صغير، فإنّ كلمة تقدير من الزوج تجعلها تشعر أن جهدها محل احترام.
الخلاصة أن العدالة في مصروف البيت ليست في المساواة الحسابية بقدر ما هي في المراعاة الإنسانية، فإذا كان هناك شفافية وصراحة، وتقسيم متوازن للمصاريف، وحرص على الادخار، مع احترام متبادل، عندها يتحول المال من سبب للخلاف إلى وسيلة لتعزيز الشراكة الزوجية.
في النهاية، يبقى مصروف البيت مسؤولية مشتركة من حيث الجوهر، حتى لو كان التنفيذ يختلف باختلاف الظروف، لكن ليست المشاركة المالية واجباً مفروضاً على الزوجة، لكنها قد تكون خياراً واعياً يرسّخ روح التعاون والشراكة.
القاعدة الذهبية هنا هي التفاهم: كلما كان الحوار صريحاً والاتفاق عادلاً، تحققت السعادة الزوجية، وتحوّل المصروف من عبء ثقيل إلى وسيلة لبناء حياة مستقرة ومليئة بالاحترام المتبادل.
غير مرتاح نفسيا مع زوجتي ! لماذا قد يشتكي الزوج ؟
لم اكن اتخيل يومًا أن اقول : أنا غير مرتاح نفسيا مع زوجتي ! أشعر أنّكِ تتجاهلينني، وتتخذين القرارات وحدكِ، وتعتبرينني مجرد مصرف للمال وحسب.
هل يجب على الزوجين تبادل كلمة السر لهواتفهم
يمكن أن يؤدي انعدام الثقة إلى رغبتنا في مراقبة سلوك الشخص الآخر من خلال مشاركة كلمة السر، بينما يمكن للأساس المتين من الثقة أن يجعل المراقبة
أهل زوجي يسيئون معاملتي.. فما الحل
كم من استشارات تصلني على شكل تساؤلات، كيف اخلي اهل زوجي يحسبون لي الف حساب ؟ أو نفسيتي تعبانه من اهل زوجي أو أهل زوجي يدخلون بيتي بدون استئذان