خطوات هامة لحماية عضلات الحوض و ولادة بدون قص عجان

عندما تبدأ المرأة رحلة الحمل، يبدأ جسدها يتغيّر ويتهيّأ لاستقبال حياة جديدة، ومن أكثر العضلات التي تعمل بصمت وتضحية طوال هذه الرحلة: عضلات الحوض .

قد لا نشعر بوجودها يوميًا، لكنها مسؤولة عن الكثير من الوظائف الحيوية التي تؤثر مباشرة في الراحة، وشكل الجسم، والثقة بالنفس بعد الولادة.

الولادة الطبيعية، رغم كونها المعيار الذهبي، تحمل في طياتها تحديًا كبيرًا يتمثل في الضغط الهائل الذي يقع على هذه العضلات الحيوية ومنطقة العجان، مما قد يسبب ضعفًا طويل الأمد أو تمزقات هي في الواقع "أكبر عيب" يخشاه الجميع.

لذا، في هذا المقال، لن نتحدث فقط عن لحظة الولادة، بل سنقدم لكِ شرحًا دقيقًا وكاملًا لكيفية العناية بهذه العضلات وتقويتها، مع خطوات وتمارين سهلة التطبيق لضمان ولادة بدون قص عجان ، وتعافٍ سريع وكامل.

فاستعدي لرحلة تعرفك على أقوى عضلات جسدك وكيف تجعلينها حليفك الأهم في تجربة الحمل والولادة!

مم تتكون عضلات الحوض ؟

يتكوّن قاع الحوض من عضلات وأربطة وأنسجة تدعم المثانة والرحم والأمعاء.

ويُعدّ العجان جزءًا من قاع الحوض، وهو منطقة النسيج الواقعة بين فتحة المهبل وفتحة الشرج.

ومن الممكن أن يصبح قاع الحوض ضعيفًا أو يتعرّض للتلف خلال الحمل والولادة.

ويمكنكِ تجهيز قاع الحوض للحمل والولادة من خلال القيام بالنصائح والخطوات التي سنخبرك بها.

ما الذي تفعله عضلات الحوض ؟

تشكل حزامًا داعمًا عريضًا يمتد من مقدمة الحوض إلى الخلف.

وتقوم بالآتي:

1. تساعد في التحكم بالمثانة والأمعاء.
2. تُبقي المثانة والرحم والأمعاء في أماكنها.
3. تُعدّ مهمة لحياتك الجنسية.
4. إنها تشكّل حزام دعم واسع من مقدمة الحوض إلى الخلف.

ماذا لو لم اهتم بـ عضلات الحوض خلال الحمل ؟

تقوم عضلات الحوض بدعم طفلكِ الذي ينمو أثناء الحمل، ثم تتمدّد خلال المخاض، ما قد يجعلها أضعف، وقد لا تعمل بالكفاءة نفسها كما كانت قبل ولادة طفلك.

يمكن أن تؤدي عضلات الحوض الضعيفة إلى:

• سلس البول الإجهادي ، وهو تسرب البول عند السعال أو العطس أو الجري أو الضحك.
• نقص الإحساس أثناء ممارسة العلاقة الزوجية .
• هبوط أحد الأعضاء أو أكثر، حيث يمكن أن يضغط أحد الأعضاء على جدار المهبل مسببًا بروزًا.

لذا فإن تدريب هذه العضلات يمكن أن يجعلها أقوى، مما يقلّل احتمال تعرضك لمشكلات مثل سلس البول الإجهادي بعد الولادة.

هل يمكن أن تحدث ولادة بدون قص عجان ؟

أثناء الولادة الطبيعية، يتمدّد العجان وقد يتعرّض للتمزق، وغالبًا ما تكون هذه التمزقات غير خطيرة وتلتئم بشكل طبيعي.

فهل يمكن أن تحدث ولادة بدون قص عجان ؟

قد تُقدّم لكِ القابلة أو الطبيبة مادة دافئة لوضعها على العجان عند بدء تمدّده خلال الولادة، مما قد يساعد على تقليل خطر حدوث تمزق شديد.

حيث قد تؤثر التمزقات الأكثر خطورة على عضلات قاع الحوض أو العضلات المحيطة بالشرج، مما يجعل التعافي أكثر صعوبة.

شق العجان (Episiotomy)

في بعض الحالات، قد يطلب الطبيب أو القابلة إجراء قطع في العجان أثناء الولادة، يسمى هذا الإجراء "شق العجان"، ويُستخدم لتوسيع فتحة المهبل، مما يمنح طفلك مساحة أكبر للخروج.

إذا أوصى الطبيب أو القابلة بشق العجان، فسوف يشرحون لكِ الإجراء، ويتطلب ذلك موافقتك قبل القيام به.

وستوجّهك القابلة حول أفضل طريقة للتعافي من تمزقات العجان أو القطع.

لـ ولادة بدون قص عجان كيف استعد ؟

يمكنكِ المساهمة في إعداد قاع الحوض والعجان؛ لـ ولادة بدون قص عجان من خلال تدريب العضلات أو تدليك العجان .

ويمكن لهذه الخطوات أن تساعد في منع المشكلات بعد الولادة.

1. أداء تمارين كيجل لـ عضلات الحوض

تساعد تمارين كيجل على تقوية العضلات ، لأن تقوية هذه العضلات يساعدك على منع تسرب البول أو خروج الغازات أو البراز بالخطأ، وتُبقي عضلات الحوض أعضائك في مكانها، كما يمكن لتمارين كيجل تحسين صحتك الجنسية والمساهمة في تعزيز النشوة.

فتمارين كيجل تعمل بطريقة مشابهة لرفع الأثقال لتقوية عضلات الجسم، حيث يمكن أن تضعف هذه العضلات بسبب التقدم في العمر أو بفعل الحمل والولادة أو الجراحة.

تمارين كيجل أثناء الحمل

إذا كنتِ حاملًا، فقد تجدين أن الولادة تصبح أسهل عند ممارسة تمارين كيجل خلال الحمل؛ وذلك لأنها قد تمنحك تحكمًا أكبر في العضلات أثناء المخاض والولادة.

كيف أعثر على عضلات الحوض؟

للعثور على العضلات ، جرّبي إيقاف تدفّق البول داخل المرحاض، لكن لا تكرري ذلك إلا عند التعلم فقط (لأن تكراره قد يؤدي إلى عدوى)، يمكنك أيضًا تخيّل أنك تحاولين منع نفسك من إخراج الغازات.

قد يساعدك تخيّل العضلات كـ"آلة المخالب" التي تلعبين بها في صالات الألعاب: مخلب معدني ينزل ويفتح، ثم يلتقط لعبة ويُغلق ثم يرتفع، هذه الحركة من الانغلاق والرفع تماثل حركة كيجل.

كيف أُنفّذ تمارين كيجل بطريقة صحيحة؟

• تؤدين تمارين كيجل من خلال شدّ ورفع ثم إرخاء العضلات .
• ابدئي بعدد قليل ثم زيدي المدة والعدد تدريجيًا في كل جلسة.
• يجب عليك أداء مجموعتين إلى ثلاث مجموعات يوميًا.

جدول نموذجي لبدء تمارين كيجل

عند بدء الروتين، تذكّري أنك ستتدرجين، فلا تتوقعي القدرة على إمساك الانقباض 5 أو 10 ثوانٍ مباشرة، ولا تتوقعي نتائج فورية.

الجدول النموذجي:

1. ابدئي بشدّ عضلات الحوض لمدة 3 ثوانٍ ثم إرخائها 3 ثوانٍ (هذا كيجل واحد).
2. كرّري ذلك 10 مرات.
3. وإن كان صعبًا، اخفضي العدد إلى 5 حتى تقوى العضلات. (هذا يُسمّى مجموعة).
4. مارسي مجموعة صباحًا وأخرى مساءً.
5. مع الوقت، زيدي المدة إلى 5 ثوانٍ شدّ و5 ثوانٍ استرخاء.
6. زيدي عدد الكيجل إلى 10 متتالية.
7. زيدي عدد المجموعات من مرتين يوميًا إلى ثلاث مرات.
8. والهدف هو الوصول إلى 10 كيجل في المجموعة الواحدة (5 ثوانٍ شد + 5 ثوانٍ استرخاء) مع أداء 3 مجموعات يوميًا.

كيف أعرف أنني أقوم بتمارين كيجل بشكل صحيح؟

يجب ألا تسبب تمارين كيجل ألمًا، فإذا شعرتِ بألم في البطن أو أسفل الظهر أو الرأس، فربما تحبسِين أنفاسك أو تشدّين عضلات غير صحيحة.

وإذا واجهتِ صعوبة في العثور على عضلات الحوض أو شعرتِ بألم أو انزعاج، فقد تكون التمارين خاطئة. 

وإذا كنتِ تقومين بها بشكل صحيح، ستلاحظين تحسنًا تدريجيًا خلال أسابيع، مثل قلة تسرّب البول.

ما هي علامات قوة عضلات الحوض ؟

تشمل العلامات:

• عدم الشعور بالحاجة المتكررة للتبول أو التبرز.
• الشعور بالتحكم في المثانة والأمعاء.
• القدرة على أداء كيجل بسهولة.

كم يجب أن أضغط أثناء كيجل؟

يجب أن تشدّي بدرجة تكفي للشعور بالتمرين، دون استخدام عضلات الفخذ الداخلية أو الظهر أو الأرداف أو البطن، فاستخدام هذه العضلات يعني أنك لا تؤدين كيجل بشكل صحيح.

كما يجب ألا تشدّي لدرجة تحبس الأنفاس، بل عليك الاستمرار في التنفس طبيعيًا، وقد يساعد العدّ بصوت مرتفع.

هل الأفضل أداء كيجل جلوسًا أم وقوفًا؟

يمكن أداء تمارين كيجل وأنتِ مستلقية أو جالسة أو واقفة، وإذا كانت عضلاتك ضعيفة، قد يكون الاستلقاء أسهل في البداية.

كم ثانية يجب أن تستمر تمارين كيجل؟

عند البداية، مارسي عددًا قليلًا فقط مما يمكنك القيام به بسهولة، مثل 5 مرات لمدة 3 ثوانٍ مرتين يوميًا.

ثم زيدي الأعداد تدريجيًا، والهدف النهائي هو إمساك كيجل لمدة 5 ثوانٍ ثم الاسترخاء 5 ثوانٍ، وتكرارها 10 مرات، من مرتين إلى ثلاث مرات يوميًا.

ما أفضل تمرين كيجل؟

لا يوجد "أفضل" تمرين كيجل، فجميعها مفيد عند القيام به بالشكل الصحيح.

يمكنك أداؤه جلوسًا أو وقوفًا أو استلقاءً، الأهم هو التركيز على حركة الشدّ والرفع، كما لو أنك تلتقطين شيئًا بعضلات الحوض.

ولا تخافي من التواصل مع الطبيب إذا كنتِ غير متأكدة أو تجدين صعوبة، فهم موجودون للمساعدة.

2. تدليك العجان

يمكن لتدليك العجان أن يساعد في تمديد هذه المنطقة وتقليل خطر التمزق أثناء الولادة.

وإذا كنتِ تخططين لولادة طبيعية، يمكنك بدء تدليك العجان في الأسبوع 34 من الحمل تقريبًا، والاستمرار حتى الولادة.

تحدّثي مع طبيبك أو القابلة للحصول على إرشادات إذا رغبتِ في البدء بتدليك العجان.

معلومات مهمّة للسلامة

لا يناسب تدليك العجان النساء اللواتي لديهن:

1. تمزق الأغشية (نزول الماء).
2. نزيف مهبلي.
3. قصر عنق الرحم.
4. المشيمة المنزاحة.
5. عدوى تناسلية مثل الهربس التناسلي أو التهابات المهبل الفطرية.
6. مشاكل ضغط الدم خلال الحمل.

3. كمادات المياه الساخنة أثناء الولادة

تُعَدّ الكمّادات الدافئة واحدة من أقدم الوسائل الطبيعية التي اعتمدت عليها النساء لتخفيف آلام الولادة؛ ولـ ولادة بدون قص عجان ، ودعم خروج الجنين بسلاسة، وبرغم بساطتها، إلّا أنّها تُحدث فرقًا حقيقيًّا وقت الولادة، وتمنح الأم شعورًا أكبر بالراحة والسيطرة.

1. تخفيف الألم بشكل ملحوظ

تعمل الحرارة على زيادة تدفّق الدم إلى منطقة العجان، مما يقلّل التشنّجات والشدّ العضلي، وهذا يسهم في تخفيف الألم الذي تشعر به الأم في المرحلة المتقدمة من الولادة.

2. تقليل احتمالية حدوث التمزقات

وهي من أكثر النقاط التي تقلق النساء، حيث أثبتت الدراسات أنّ استخدام الكمّادات الدافئة أثناء دفع الجنين يزيد من مرونة الأنسجة لـ ولادة بدون قص عجان ، ويقلّل من احتمالية التمزّق أو الحاجة إلى إجراء قص العجان.

3. مساعدة الأم على الاسترخاء

تُساعد الحرارة الدافئة على تهدئة العضلات وتخفيف التوتر، مما يجعل عملية الدفع أسهل وأكثر تحكّمًا، ويقلّل من الشعور بالخوف في اللحظات الحاسمة.

4. تخفيف الإحساس بالحرقة عند خروج رأس الجنين

تمرّ الكثير من النساء بمرحلة يوصف فيها الألم بأنّه "حرقة شديدة"، وهنا الكمّادات الدافئة تعمل على تخفيف هذا الإحساس والحدّ من الضغط، مما يجعل تجربة ولادة بدون قص عجان أكثر احتمالًا.

5. وسيلة طبيعية وآمنة تمامًا

لا تحتاج الكمّادات الدافئة إلى أدوية أو تدخلات طبية، ولا تسبب آثارًا جانبية، مما يجعلها خيارًا مثاليًّا للنساء الراغبات في الاعتماد على طرق طبيعية لتخفيف الألم.

6. تسريع التعافي بعد الولادة

نظرًا لتقليلها شدة التمزّقات والاحتقان، فإن الكمّادات الدافئة تساعد على تخفيف الألم في الأيام الأولى بعد الولادة، وتسرّع من عملية التئام الأنسجة.

متى تُستخدم الكمّادات الدافئة؟

غالبًا ما تُطبَّق أثناء المرحلة الثانية من الولادة، عندما يبدأ رأس الجنين بالنزول والضغط على منطقة العجان.

هل يمكن للمرأة طلبها؟

نعم، وبكل بساطة.

يمكنكِ طلبها من القابلة أو الممرضة بقولك: "هل يمكن استخدام كمّادات دافئة على العجان أثناء مرحلة الدفع؟"

وغالبًا ستتجاوب الفرق الطبية، لأنّ فائدتها مثبتة وسلامتها عالية.

4. أهمية عدم الدفع المفرط أثناء الولادة

من الأخطاء الشائعة التي تقع فيها العديد من النساء أثناء الولادة الطبيعية هو الدفع بقوة أو بشكل مبكر قبل أن يكون الجسم جاهزًا لذلك، وعلى عكس ما يبدو، فالدفع المفرط لا يسرّع الولادة، بل قد يجعلها أصعب ويزيد من مخاطرها.

وإليكِ أهم الأسباب التي تجعل التحكم في الدفع ضرورة لصحة الأم والجنين:

1. حماية عضلات الحوض والعجان من التمزقات

عندما تدفع المرأة بقوة قبل أن يكتمل توسّع عنق الرحم أو قبل أن ينزل رأس الجنين بشكل كافٍ، يتعرض العجان والأنسجة المحيطة إلى ضغط شديد يفوق قدرتها على التمدد، مما يزيد احتمال:

• التمزقات من الدرجة الثالثة أو الرابعة
• الحاجة إلى التدخل الطبي أو الخياطة
• ألم ما بعد الولادة وإطالة فترة التعافي

لذا فالتحكم في الدفع يساعد الأنسجة على التمدد تدريجيًّا وبشكل آمن.

2. الوقاية من إرهاق عضلات الحوض

الدفع المتكرر أو القوي يرهق العضلات ، ما قد يؤدي إلى ضعفها مؤقتًا أو طويل المدى؛ لأنه قد يسبب:

• سلس البول بعد الولادة
• شعورًا بالثِقَل أو الهبوط
• صعوبة التحكم بالبراز أو الغازات

الحوض يحتاج للدعم لا للعنف، والدفع الهادئ الموجّه يحافظ على قوته.

3. تحسين وصول الأكسجين للجنين

الدفع المفرط، خصوصًا مع حبس النفس، يقلل من وصول الأكسجين إلى الجنين.

وهذا قد يؤدي إلى:

• انخفاض نبض الجنين
• الحاجة إلى تدخلات مثل الشفط أو الولادة الطارئة

لذا فالدفع المتوازن يساعدك على الحفاظ على تنفس طبيعي وإيصال أكسجين كافٍ لطفلك.

4. تقليل مدة المرحلة الثانية من الولادة بشكل فعلي

بعكس المفهوم الخاطئ، الدفع العشوائي لا يسرّع الولادة، بل يرهق الأم ويؤدي إلى ضعف فعالية الدفع عند الحاجة الفعلية.

أمّا الدفع الموجّه، الذي يحدث عندما تشعرين بالرغبة الطبيعية للدفع أو عندما تطلب القابلة ذلك، فهو أكثر كفاءة ويساعد الجنين على النزول بسلاسة.

5. تخفيف الألم وجعل التجربة أكثر تحكمًا

حين تتجنّبين الدفع المفرط، يبقى جسمك متماسكًا وأكثر قدرة على التعامل مع الانقباضات، كما يساعدكِ ذلك على:

• تخفيف الإحساس بـ "الحرقة" عند خروج الرأس
• جعل عملية الولادة أقل توترًا
• الشعور بأنكِ صاحبة القرار والتحكم في كل خطوة

كيف تتجنّبين الدفع المفرط؟

• اتّبعي تعليمات القابلة أو الممرضة بدقة.
• ركّزي على التنفس العميق خلال الانقباضات.
• انتظري الإحساس الطبيعي بالدفع بدلًا من الاعتماد على أوامر خارجية.
• استخدمي أوضاعًا مريحة تساعد الجنين على النزول دون ضغط زائد.

خاتمة

الاهتمام بـ عضلات الحوض ليس رفاهية، بل خطوة بسيطة لكنها تصنع فرقًا كبيرًا في راحتك وثقتك بعد الولادة؛ فهذه العضلات تعمل في الخفاء، لكنها تحمل مسؤوليات ضخمة.

ومن خلال ممارسة التمارين بانتظام، ستلحظين فرقًا حقيقيًا في التحكم، والراحة، وجودة حياتك اليومية.