في ليلةٍ شتويةٍ هادئة، جلست "سندس" في ركنها المفضل، تُحيط بطنها الصغير بيديها وهي تتأمل انعكاس ضوء المصباح الخافت.
كان كل شيء من حولها يوحي بالسكينة، والمدفأة تملأ الغرفة بوهجٍ دافئ، غير أن سندس حين تحسست سندس كفيها، فإذا بهما كقطعتين من الجليد، وكذلك أطراف قدميها رغم جواربها الصوفية السميكة.
تذكرت كلمات صديقاتها عن " توهج الحمل " وحرارة الجسم المرتفعة التي تجعل الحوامل يهرعن إلى النوافذ بحثًا عن نسمة هواء، فتساءلت في قلق: "لماذا أشعر أنا بنقيض ذلك؟ هل برودة الأطراف تخبئ خطرًا على صغيري؟"
أحكمت سندس غطاءها وهي تشعر بتلك المفارقة العجيبة؛ ففي أحشائها نبضٌ يتدفق بالحياة والدفء، لكن أطرافها ترتجف كأنها في مهب ريحٍ قطبية.
لم تكن تعلم حينها أن جسدها ليس إلا محركًا عظيمًا يعمل بأقصى طاقته، وأن برودة أطرافها قد تكون لغةً خاصة يعبر بها جسدها عن رحلة التغيير الكبرى التي يخوضها.
عندما تكونين حاملًا، يعمل جسمكِ بكامل طاقته، حيث ترتفع الهرمونات، ويتسارع معدل ضربات القلب، ويزداد تدفق الدم، وما زلنا في البداية فقط !
ومع كل هذا النشاط الداخلي، يصبح من السهل فهم سبب لجوء كثير من النساء إلى الملابس الخفيفة والمراوح أثناء الحمل، حتى في ذروة الشتاء القارس.
إذا كانت معظم الحوامل يشعرن بالحر أكثر من البرد، فلماذا تشعرين أنتِ بـ برودة الأطراف ؟ وهل الإحساس بالبرد أثناء الحمل أمر طبيعي؟
صحيح أن معظم الأمهات الحوامل يشعرن بالدفء، لكن الشعور بالبرد لا يعني بالضرورة وجود مشكلة لديكِ أو لدى جنينكِ.
قد يكون نظام تنظيم الحرارة في جسمكِ فعّالًا جدًا في تبريد هذا "المحرّك" المتعب، أي جسمكِ الحامل، أو قد يكون السبب حالة بسيطة وقابلة للعلاج، وغالبًا ما تكون مؤقتة.
ونعلم جيدًا كيف يمكن للقلق أن يتسلل إلى خيالكِ مع كل ألم أو عرض جديد أثناء الحمل، لذلك نطمئنكِ من البداية: الشعور بالبرد ليس علامة على فقدان الحمل .
خذي نفسًا عميقًا، ولفّي نفسكِ بالبطانية، فهناك عدة أسباب شائعة نسبيًا قد تجعلكِ تشعرين بـ برودة الأطراف أثناء الحمل، ومعرفة أسبابها وأعراضها تقرّبكِ خطوة من راحة البال، وربما من العلاج المناسب.
هل توقعتِ أن تكوني "حاملًا تشعر بالحرارة والسخونة" بكل معنى الكلمة، لكنكِ لستِ كذلك؟
قد يكون السبب هو ضغط الدم !
في حين تعاني بعض الحوامل من ارتفاع ضغط الدم، فإن نحو 10٪ من الأمهات الحوامل لديهن انخفاض في ضغط الدم، أي قراءة 90/60 أو أقل.
وغالبًا ما ينتج انخفاض ضغط الدم أثناء الحمل عن زيادة متطلبات الدورة الدموية، إذ يحاول جسمكِ توفير كمية كافية من الدم لكِ ولجنينكِ.
كثير من النساء لا يعانين من أعراض، لكن عندما يعمل الجسم بجهد لتوصيل الدم إلى الأنسجة والأعضاء - بما في ذلك الرحم والمشيمة - قد تلاحظين برودة الأطراف ورطوبة الجلد، إلى جانب أعراض مثل:
إذا شعرتِ بأي من هذه الأعراض، فاستشارة الطبيب ضرورية لتقييم الحالة.
أما إذا كانت قراءات ضغطكِ منخفضة لكنكِ تشعرين بحالة جيدة، فلا داعي للقلق.
ففي الغالب لا تحتاجين إلى علاج، إذ يعود ضغط الدم إلى مستواه الطبيعي تقريبًا بحلول الأسبوع الرابع والعشرين من الحمل، وفقًا لجمعية القلب الأمريكية.
يحدث فقر الدم عندما لا ينتج الجسم عددًا كافيًا من خلايا الدم الحمراء الحاملة للأكسجين، وبما أن الأكسجين ضروري لكل أنظمة الجسم، يمكنكِ تخيّل حجم التأثير، خاصة على تنظيم حرارة الجسم.
ويعد النوع الأكثر شيوعًا لدى الحوامل هو فقر الدم الناتج عن نقص الحديد ، حيث يحتاج جسمكِ إلى الحديد لإنتاج خلايا الدم الحمراء، وخلال الحمل تحتاجين إلى ضعف الكمية المعتادة لتوفير الأكسجين لكِ ولطفلكِ.
فإذا لم يكن لديكِ مخزون كافٍ من الحديد قبل الحمل، أو لم تحصلي عليه من الغذاء، فقد تصابين بفقر الدم، خاصة في الثلثين الثاني والثالث من الحمل، عندما ينمو الجنين بسرعة.
من أبرز أعراض فقر الدم:
يتم فحص فقر الدم بشكل دوري أثناء الحمل، لكن إن لاحظتِ هذه الأعراض بين المواعيد، أخبري طبيبكِ فورًا.
قصور الغدة الدرقية يعني أن جسمكِ لا ينتج ما يكفي من هرمونات الغدة الدرقية، وقد يحدث ذلك بسبب أمراض مناعية ذاتية مثل التهاب الغدة الدرقية ، أو نتيجة تلف الغدة، أو نقص بعض العناصر الغذائية، خاصة اليود.
كثير من النساء يعانين من قصور بسيط لا يُلاحظ إلا عندما ترتفع المتطلبات الهرمونية أثناء الحمل.
لماذا هرمونات الغدة الدرقية مهمة ؟
هي ضرورية لنمو دماغ الجنين وجهازه العصبي، كما تنظم معدل الأيض وضربات القلب ودرجة حرارة الجسم، وعند نقصها قد تشعرين بـ:
جدير بالذكر أن قصور الغدة الدرقية يصيب ما يصل إلى 5٪ من الحوامل، فإذا ظهرت عليكِ هذه الأعراض، أخبري طبيبكِ لإجراء الفحوصات اللازمة.
الاستيقاظ المتكرر ليلًا ليس مفاجئًا، فآلام الظهر، الحموضة، وكثرة التبول لا تتوقف عند الليل، ما يجعل النوم العميق تحديًا حقيقيًا، رغم أهميته لتنظيم حرارة الجسم.
لكن لا تقلقي فاضطرابات النوم تشيع في بداية الحمل بسبب التغيرات الهرمونية، وفي نهايته بسبب صعوبة إيجاد وضعية مريحة للنوم.
نعم، الحمل ثم رعاية طفل لسنوات طويلة مسؤولية كبيرة، ومن الطبيعي أن يسبب ذلك القلق.
هذا القلق قد يفعّل آلية "الكرّ أو الفرّ" في الجسم، فيتجه الدم إلى الأعضاء الحيوية مثل القلب، ويقل وصوله إلى الجلد، ما يجعلكِ تشعرين بالبرد.
تشمل أعراض القلق:
وتشير الدراسات إلى أن القلق يصيب قرابة ربع النساء الحوامل.
إذا صاحَبَ الإحساس بـ برودة الأطراف ، تعب عام أو آلام بالجسم، فقد تكونين مصابة بعدوى فيروسية أو بكتيرية.
فالقشعريرة هي استجابة كيميائية من الجسم لمحاربة الجراثيم، وتختلف الأعراض حسب نوع العدوى.
لذا تواصلي مع طبيبكِ إذا شعرتِ بالقلق تجاه حالتكِ.
تقول الأساطير المتداولة قديماً إن المرأة التي تشعر ببرودة دائمة في أطرافها (اليدين والقدمين) خلال أشهر الحمل الأولى ، فذلك قد يكون إشارة إلى أنها تحمل ذكراً، وعلى العكس من ذلك، يُقال إن الشعور الدائم بالحرارة والتوهج يشير إلى الحمل بأنثى.
الحقيقة العلمية والطبية
بالرغم من انتشار هذه الأقاويل، إلا أنه من الناحية الطبية والعلمية لا توجد أي علاقة مثبتة بين شعور الحامل بالبرد ونوع الجنين ؛ فالحقيقة هي أن جنس المولود يتحدد لحظة الإخصاب عبر الكروموسومات، ولا يؤثر ذلك بشكل مباشر على تنظيم حرارة جسم الأم.
وتظل هذه المعتقدات جزءاً من "دردشات" الأمهات الجميلة، لكن الطريقة الوحيدة والمضمونة لمعرفة نوع الجنين هي الفحص بالموجات فوق الصوتية (السونار) لدى الطبيب المختص، عادةً بين الأسبوعين الثامن عشر والعشرين من الحمل.
عادة لا يحتاج إلى علاج ما لم يكن شديدًا، عليكِ بالحرص على شرب السوائل، والانتقال ببطء من الجلوس أو الاستلقاء إلى الوقوف.
تحتوي معظم فيتامينات الحمل على الحديد، لكن قد لا يكون ذلك كافيًا.
يُعالج بنجاح بأدوية تعويض هرمون الغدة الدرقية، وهي آمنة لكِ ولجنينكِ، لكن لا يجب تناولها في الوقت نفسه مع فيتامينات الحمل.
جربي التحدث مع الزوج أو شخصية مقرّبة منك لتخفيف العبء كثيرًا، كما يمكن إذا ذهبتِ للطبيبة أن تحيلك إلى مختصة نفسية عند الحاجة.
أي عدوى محتملة يجب تقييمها طبيًا، وإلى أن يتم ذلك:
بإمكانكِ تقليل خطر الشعور بالبرد المزعج أثناء الحمل من خلال:
نعم، قد يكون طبيعيًا وله أسباب متعددة، ولا يعني بالضرورة وجود مشكلة.
لا، الشعور بالبرد ليس علامة على فقدان الحمل.
في معظم الحالات نعم، خاصة عند اكتشاف السبب مبكرًا.
إذا كنتِ تشعرين بالبرد أثناء الحمل، فمن الجيد التحدث مع طبيبك حول ذلك في موعد المتابعة القادم، حتى وإن لم تكوني تعانين من أعراض مزعجة أخرى.
يمكنكِ أن تقولي: أشعر بالبرد بشكل غير معتاد، وهذا ليس أمرًا طبيعيًا بالنسبة لي، وقد يكون ذلك مدخلًا لإجراء بعض الفحوصات، بما في ذلك إعادة فحص مستويات الدم وربما إجراء اختبار لوظائف الغدة الدرقية.
لكن إذا كنتِ تعانين من الحمى نتيجة القشعريرة أثناء الحمل، فمن الأفضل الاتصال بطبيبك على الفور.
الشعور بالبرد من وقت لآخر أمر طبيعي تمامًا، ولكن إذا كنتِ تشعرين بالبرد باستمرار أثناء الحمل، أو كنتِ قلقة بشأن أعراضك لأي سبب آخر، فتأكدي من مراجعة الطبيب.
رغم أنكِ قد تكونين من القلّة التي تشعر بـ برودة الأطراف ، فإن الشعور بالبرد أثناء الحمل ليس أمرًا يستدعي الذعر، فهناك أسباب طبيعية وشائعة، وأخرى قابلة للعلاج بسهولة؛ لذا تحدثي مع طبيبتكِ، واطمئني، وامنحي نفسكِ العناية التي تستحقينها.
وإذا رغبتِ في المزيد من المقالات الطبية والنفسية الموثوقة التي تهمّكِ كامرأة وأمّ، ندعوكِ بكل حب لزيارة موقع تطبيق الملكة ، حيث تجدين كل ما يدعمكِ في رحلتكِ بكل وعي وطمأنينة.
هل المشروبات الساخنة مشروبات ممنوعة للحامل
اكتشفي الدليل الذكي لاختياراتكِ اليومية أثناء الحمل، ما بين مشروبات ممنوعة للحامل قد تضر جنينكِ، و مشروبات مفيدة للحامل في الشهور الأولى تمنحكِ طاقة
هل تنامين بشكل خاطئ أثناء الحمل ؟ إليك وضعية النوم المثالية
هل وضعية النوم قد تكون السبب وراء شعورك بالتعب أثناء الحمل ؟ تعرفي على الوضعية المثالية للنوم، مع نصائح الخبراء لتغيير عادات نومك الخاطئة بفعالية
المشيمة توصل الادوية اثناء الحمل لجنينك .. فاحذري
هناك بطل صامت يعمل بلا كلل، قلّما نلتفت إليه رغم دوره الجوهري في استمرار حياة الجنين: الأ وهو عضو يسمى : المشيمة، هذا العضو المؤقت يشبه بوابة الحياة