أنصف الإسلام المرأة ورفع مكانتها، فقد كانت مظلومة في الجاهلية بين العرب، وفي اليهودية والنصرانية وغير ذلك من سائر الأديان الباطلة، والإسلام هو الذي رفعها وعظم شأنها وأنصفها وأعطاها حقوقها، فجعلها أمًا كريمة، وزوجة كريمة، وبنتًا مرحومة معطوفًا عليها، ينفق عليها، ويحسن إليها، حتى تستقل بنفسها أو تتزوج وأمر بالإنفاق عليها وألزم والدها بالإنفاق عليها وزوجها بالإنفاق عليها وإحسان عشرتها، وأمر الدولة الإسلامية أن تنصفها وأن تعطيها حقوقها وأن تمنع من العدوان عليها، وجعل لها قيمة متى قُتلت قَتل بها الرجل، ومتى أُصيب منها شيء أُعطيت حقها في ذلك، سواء كان المصاب عضوًا، أو غير ذلك.

أما قوله سبحانه: "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" فالأمر فيها واضح، الله سبحانه فضل الرجال على النساء؛ لأن جنس الرجال أقوى في الجملة على أداء الحقوق، وعلى جهاد الأعداء وعلى رفع الظلم وعلى الإحسان إلى الأولاد والنساء وحمايتهم من الأذى والظلم، إلى غير هذا مما هو معروف شرعًا وفطرة، أن الرجال أقوى وأقدر عادةً على ما ينفع المجتمع من النساء في الجملة.

ثم الرجال ينفقون أموالهم في الزواج بإعطاء المهور وفي الإنفاق على الزوجات وفي حمايتهن مما يؤذيهن والعطف عليهن، فالرجال لهم حق كبير من الجهتين؛ من جهة تفضيل الله لهم على النساء لما هو معلوم من كون الرجال أكمل وأقدر على كل شيء في الجملة.

فالمعنى هو أن الرجال يقومون على شئون النساء بالحفظ والرعاية والكلاءة والحماية، فيقوم الآباء على رعاية بناتهم والمحافظة على أنفسهن وأخلاقهن ودينهن، والأزواج يقومون على شئون زوجاتهم بالحفظ والرعاية والحماية والصيانة، ومن هنا تجيء الرياسة، بل إن قيام الرجل على شئون الزوجة ليس فيه رياسة، إنما فيه حماية ورعاية وهو من قبيل توزيع التكليفات، فإذا كان للرجل رياسة عامة، فللمرأة أيضا رياسة نوعية، ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: " كُلُّكُمْ رَاعٍ ومَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ؛ فَالإِمَامُ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ في أهْلِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ في بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وهي مَسْؤُولَةٌ عن رَعِيَّتِهَا، والخَادِمُ في مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وهو مَسْؤُولٌ عن رَعِيَّتِهِ".

وقد ذكر سبحانه وتعالى سبب تكليف الرجل هذه الرعاية دون المرأة، وقال فيه بما فضل الله بعضهم على بعض والتفضيل هو الزيادة في القوة الجسمية والمعرفة، واختصاص الرجل بالرسالة الإلهية والولايات الكبرى وقد تبع هذا تكليفات كثيرة على الرجل منها الجهاد ودفع الأعداء، وما عرف التاريخ أن امرأة قادت الحروب، ومهما يكن من عمل للمرأة في الحروب فهو من قبيل الأعمال الثانوية، لا الأعمال الأصلية، والتفضيل هو تفضيل الجنس على الجنس لا تفضيل أشخاص، فمن النساء من هي أقوى من الرجال عقلًا ومعرفةً، بل قوة جسم في بعض الأحيان.

وكم لله من امرأة أفضل من رجل بسبب علمها ودينها واستقامتها وبصيرتها، ومن نظر في صفات الصحابيات والتابعيات، وعلماء هذه الأمة من النساء عرف أن هناك نساءً طيبات يفضلن على كثير من الرجال، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا: آسية ابنة مزاحم -زوجة فرعون-، ومريم ابنة عمران وجاء في فضل فاطمة بنت النبي ﷺ وفضل خديجة -رضي الله عنها- وعائشة -رضي الله عنها-، ما يدل على اختصاصهن بالفضل أيضًا، فهؤلاء الخمس هن أفضل النساء: خديجة وعائشة من أمهات المؤمنين، وفاطمة ابنة النبي ﷺ، ومريم بنت عمران أم المسيح عيسى -عليه الصلاة والسلام-، وآسية ابنة مزاحم زوجة فرعون، هؤلاء النسوة الخمس هن خير النساء، وهناك نساءٌ كثيرات لهن فضل، ولهن علم، ولهن تفضيل على كثير من الرجال.

لكن حكمة الله اقتضت تفضيل الرجل على المرأة في أشياء معينة أيضًا: كالإرث، فإن البنت تعطى نصف ما يعطى الذكر من الأولاد، والأخت من الأبوين أو الأب تعطى نصف ما يعطاه الأخ الشقيق، أو الأخ لأب، والزوجة تعطى النصف مما يأخذه الزوج، فإذا أخذ الزوج النصف صار لها الربع، وإذا أخذ الزوج الربع صار لها الثمن، وهذه لحكمة بالغة، ومعانٍ إذا تدبرها ذو البصيرة عرف وجاهتها، وحكمة الله فيها، وأنه سبحانه هو الحكيم العليم، فكل موضع فُضل فيه الرجل على المرأة له وجاهته وله أسبابه، وله حكمته لمن تدبر وتعقل.

والآن ملكتي في اليوم العالمي للمرأة، 8 مارس 2023، هيا نتعرف عن بعض الحقائق العالمية التي تخص المرأة:

• تشكل النساء 22% فقط من العاملين في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى العالم.
• وجد تحليل عالمي لـ133 نظامًا للذكاء الاصطناعي عبر الصناعات أن 44.2% تظهر تحيزًا بين الجنسين.
• وجدت دراسة استقصائية للصحفيات من 125 دولة أن 73% من النساء عانين من العنف عبر الإنترنت أثناء عملهن.

منذ الأيام الأولى للحوسبة إلى العصر الحالي للواقع الافتراضي والذكاء الاصطناعي، قدمت النساء مساهمات لا حصر لها في العالم الرقمي الذي نعيش فيه بشكل متزايد، لقد صمدت إنجازاتهن ضد كل الصعاب، في مجال لم يرحب بهن أو يقدرهن تاريخيًا!

واليوم، تمنع الفجوة المستمرة بين الجنسين المرأة من إطلاق العنان لإمكاناتها في التكنولوجيا، لا تزال الفكرة غير المكتملة عنهن في تعليم ومهن العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات عادةً ما تمثل عائقًا رئيسيًا أمام مشاركتهن في تصميم التكنولوجيا وغيرها. 

والتهديد المنتشر للعنف القائم على النوع الاجتماعي عبر الإنترنت -إلى جانب الافتقار إلى سبل الانتصاف القانوني- عادةً ما يجبرهن في كثير من الأحيان على الخروج من المساحات الرقمية التي يشغلنها بالفعل.

في الوقت نفسه، تفتح التكنولوجيا الرقمية أبوابًا جديدة للتمكين العالمي للنساء والفتيات والفئات المهمشة الأخرى، من التعلم الرقمي المستجيب للنوع الاجتماعي إلى الرعاية الصحية والإنجابية الميسرة بالتكنولوجيا، ويمثل العصر الرقمي فرصة غير مسبوقة للقضاء على جميع أشكال التفاوت وعدم المساواة.

في الثامن من مارس الحالي ندعو الحكومات والنشطاء والقطاع الخاص على حد سواء إلى مواصلة جهودهم لجعل العالم الرقمي أكثر أمانًا وشمولية وإنصافًا للمرأة، في مواجهة العديد من الأزمات العالمية لدينا فرصة لخلق مستقبل أفضل ليس فقط للنساء والفتيات ولكن للبشرية جمعاء ولكل أشكال الحياة على الأرض.

كيف يتم الاحتفال بهذا اليوم حول العالم؟

يتم الاحتفال باليوم العالمي للمرأة عادةً باعتباره عطلة وطنية من قبل بعض البلدان في جميع أنحاء العالم، حيث تقدم النساء في كثير من الأحيان الزهور والهدايا وهناك مناسبات وحفلات تقام لليوم العالمي للمرأة في المدن الكبرى في جميع أنحاء العالم.

في 8 مارس 1914، كانت هناك مسيرة نسائية للاقتراع في لندن للمطالبة بحق المرأة في التصويت حيث ألقي القبض على الناشطة البارزة "سيلفيا بانكهورست".

في الذكرى المئوية في عام 2011 دعا الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" إلى أن يُعرف شهر مارس باسم شهر المرأة، وقال: "يُظهر التاريخ أنه عندما تتاح للنساء والفتيات فرصة الحصول على الفرص تكون المجتمعات أكثر عدلًا، ومن المرجح أن تزدهر الاقتصادات ومن المرجح أيضًا أن تلبي الحكومات احتياجات جميع شعوبها".