الملكة

"إني نذرتُ لك ما في بطني محررًا" كيف تربي طفلك كما يحب الله

نورهان محمود كاتب المحتوى: نورهان محمود

14/07/2024

"إني نذرتُ لك ما في بطني محررًا" كيف تربي طفلك كما يحب الله

يقول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾، ويعني بذلك -تبارك وتعالى- أن الذرية إذا كانت في درجة نازلة عن الآباء في الجنة فإنهم يلحقون بهم في الدرجات العليا حتى يجتمعوا معًا في الآخرة كما اجتمعوا معًا في الدنيا.

ويقول رسول الله -صل الله عليه وسلم-: "كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ"

وقد قال الإمام الغزالي -رحمه الله تعالى-: (الصبيُّ أمانةٌ عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرةٌ نفيسةٌ خاليةٌ عن كل نقشٍ وصورة، وهو قابلٌ لكل نقش، ومائلٌ إلى كل ما يُمالُ إليه، فإن عُوِّد الخيرَ نشأ عليه، وسَعِدَ في الدنيا والآخرة أبواه، وإن عُوِّد الشر وأًهْمِلَ إهمال البهائم، شَقِيَ وهَلَكَ، وكان الوِزر في رقبة القيِّم عليه).

إن تربية الأطفال ليست بالأمر السهل ولا يجب أن يعتبرها الآباء والأمهات هكذا، فكما أن الجسم في بداية خلقه لا يكون كاملًا ويكمل ويقوى بالغذاء، فكذلك النفس تُخلق ناقصة ولكنها قابلة للكمال، وهي تكمل بالتربية وتهذيب الأخلاق وتزويدها بالعلم والدين.

ومن أهداف تربية الأطفال أن يتعلم الطفل كيفية الامتثال لأوامر الله واجتناب ما نهى الله عنه، فإذا ارتبط الطفل منذ صغره بأحكام الشريعة فإنه لن يعرف سوى الإسلام تشريعًا ومنهاجًا، مما سيجعله يحترم القيم والأخلاق ويكون سعيدًا في دنياه وآخرته ويسعد معه والديه وأهله أجمعين.

كما أن تربية الطفل كما يحب الله ويرضى ستجعله متعاطف مع الآخرين وذكي في التعامل معهم ويشعر بالراحة والثقة تجاه نفسه مما سيجعله شجاعًا وجريئًا في الحق، ولا يخاف في الله لومة لائم!

وقد أشار سبحانه وتعالى إلى الذرية الصالحة بكلمة " قرة أعين" فقال: ﴿ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾.

يقول الإمام البغوي في تفسير كلمة ﴿ قُرَّةَ أَعْيُنٍ ﴾: أي: أولادًا أبرارًا أتقياء، وقال القرظي: "ليس شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وأولاده مطيعين لله عز وجل".

مخاطر الإهمال في تربية الأطفال

إن إهمال الطفل وعدم تربيته تربيةً صالحةً منذ نعومة أظفاره لها أثر سيئ على سلوكه، حيث أنه في الغالب عندما يكبر ويشب سيقع في المحرمات والموبقات ويعِق والديه ولا يبرهما لأنهما هما من ربياه هكذا، ويقطع الأرحام ولا يصلها ويضر المجتمع بأكمله! وقد قال ابن القيم -رحمه الله-: "وكم ممن أشقى ولده وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله وترك تأديبه وإعانته على شهواته وهو بذلك يزعم أنه يكرمه وقد أهانه، ويرحمه وقد ظلمه، ففاته انتفاعه بولده وفوت على ولده حظه في الدنيا والآخرة".

تربية الأطفال في القرآن الكريم

اشتمل القرآن الكريم على جميع طرق الهداية للعالمين، فمن شاء اهتدى ومن أعرض فهو من الضالين، فقد اعتني القرآن بهداية الإنسان منذ طفولته بل من قبل وجوده، ولذلك نجد الأنبياء يدعون بالولد الصالح، وقد قص علينا القرآن الكريم بعضًا من سير الأنبياء والصالحين في تربية أولادهم، مثل إبراهيم وإسماعيل ويعقوب ولقمان عليهم السلام وغيرهم.

فقد دعا إبراهيم -عليه السلام- الله أن يرزقه من الصالحين في قوله تعالى: ﴿ رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾، وبعد ما استجاب الله له ورزقه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام وجعل الله في ذرية إبراهيم النبوة والكتاب بعد نوح عليه السلام، فأكثر الأنبياء من صلب إسحاق عليه السلام، وخاتم الأنبياء والمرسلين من صلب إسماعيل عليه السلام.

وقصة رؤيا إبراهيم تدل على أن ابنه إسماعيل كان طائعًا صابرًا لا يسعه إلا التسليم لأمر الله! ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾، هل هناك تربية أعظم من هذه التربية؟! إنه يعرض على ابنه رؤياه التي يأمر الله فيها بذبحه فيقول هذا الإبن الصابر يا أبتي افعل ما يأمرك الله به، فلا شك أن وراء هذا الاستسلام تربية عظيمة!

وقد ذكر الله لنا تربية إسماعيل عليه السلام لأهله وأولاده: ﴿ وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة ﴾، فالأمر بالصلاة والزكاة مهم جدًا في تربية الأطفال لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتزكي الإنسان من الدنس والخطايا، كما أنها سبب لطهارة جسم الإنسان ولباسه وبيته، والزكاة تطهر مال الإنسان وتنميه حتى يكون حلالًا طيبًا ثم يتغذى بالحلال وينبت به أهله نباتًا حسنًا. 

وأما يعقوب فيوصي أولاده في لحظاته الأخيرة ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾، تدل هذه الآية على أن يعقوب -عليه السلام- كان حريصًا شدة الحرص على تربية أولاده، لأنه يوصي أولاده في اللحظة الأخيرة بتوحيد الله، ولهذا ما فشل نبينا يعقوب -عليه السلام- في تربية أولاده وإن كان قد دخل في قلوبهم الحسد ليوسف في البداية لكنهم تابوا من ذلك واستغفروا الله فغفر الله لهم وسامحهم أبوهم وأخوهم يوسف أيضًا.

ومن أهم القصص التي قصها علينا الله في كتابه الكريم عن تربية الأبناء والنصح لهم هي قصة لقمان ونصائحه الثمينة لابنه، فقد قال تعالى عن وصايا لقمان لابنه: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ * وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ * وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾.

وقد دعت امرأة عمران ربها في قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾، إن هذه الآية تعلمنا كيف يهيئ الصالحين أبنائهم في مهمات الحياة قبل حتى أن يولدوا! وعلى رأس هذه المهمات خدمة الدين وتبليغ الدعوة والسعي في استمرارها وبقائها.

ولما ولدت الأنثى لم تسخط ولم تتذمر بل رضيت بقضاء الله وسلمت له، وقال تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ﴾، والقبول هو أخذ الشيء برضا، والحَسَن شيء فوق الرضا، ﴿ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ﴾، والإنبات الحسن في حياة السيدة مريم -عليها السلام- نجده في أمرين؛ أولهما أنها كانت تحت التربية الربانية منذ بدايتها في بطن أمها؛ وثانيهما أن إجابة الله لامرأة عمران كانت دليل على إخلاصها، لأن الله اختص مريم بالتربية التي هي من خصائص الربوبية، من الإنبات الحسن، وكفالة زكريا لها.

كيف أقوي علاقة إبني بالله

1) لا تستخدمي لفظ الجلالة "الله" كتهديد

"الله سوف يعاقبك!" هذه العبارة لن تساعد أي طفل على التقرب إلى الله، لا تحاولي تخويف طفلك من الله -عز وجل- ولكن بدلًا من ذلك ذكّريه أنه -سبحانه وتعالى- يحبه أكثر منك! فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: "قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِسَبْي فَإِذَا امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْي تَبْتَغِي إِذَا وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْي أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَتَرَوْنَ هَذِهِ الْمَرْأَةَ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ؟ قُلْنَا لاَ وَاللَّهِ وَهِي تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا" رواه مسلم، أخبريه أن الله يحبه أكثر من حبك له وهو أرحم الراحمين!

2) تحدثي معه عن أشياء مذهلة عن الله 

قصص الأنبياء مليئة بالأمثلة العظيمة التي تدل على قدرة وعظمة الله -سبحانه وتعالي-؛ فمثلًا حين أمر الله النار أن تكون بردًا وسلامًا على سيدنا إبراهيم، أو حين فلق الله البحر لسيدنا موسى، وغيرها من معجزات الأنبياء!

3) تفكري معه في خلق الله

يقول الله -عز وجل- في كتايه الكريم: ﴿الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. 

انظري معه إلى الأشجار أو الطيور أو الغيوم أو الحيوانات أو أي شيء يعجبه وتأملي روعته معه، أخبريه كيف تتجلى عظمة الله في كل شيء في الطبيعة، اجعليه يقضي بعض الوقت في مشاهدة الطبيعة، وأخبريه أنه يمكنه تعلم الكثير عن المبدع من خلال النظر إلى خلقه والتفكر فيه. 

قولي له: "هل تعلم يا صغيري، كنت أفكرفي مدى روعة عينيّ! فأنا أستطيع رؤية كل هذه التفاصيل والألوان، وأستطيع رؤية الأشخاص الذين أحبهم، وأتخيل لو لم يكن لدي هذه النعمة؟ أنا أشكر الله وأحمده ليلًا ونهارًا أن أنعم عليّ وعليك بهذه النعمة العظيمة!" 

أخبريه عن عظمة خلق الله في الكون، وكيف بدأ الله الخلق وكيف أنه يمسك السماء أن تقع علينا وينزل الغيث رحمةً بنا، استمري في سرد الأشياء الكثيرة التي ننعم بها في حياتنا، وخاصةً تلك الأشياء التي يشعر بها هو ليكون شاكرًا لله عليها.

4) اسأليه عن شيء جديد يشعر بالامتنان له

اسأليه كل يوم عن شيء جديد يشعر بالسعادة لامتلاكه إياه أو لوجوده في حياته، هذا الأمرسيقربه من الله، ويجعله دومًا شاكرًا وذاكرًا لله.

5) علميه التوكل

إذا تمكنت من تعليم أطفالك التوكل على الله -سبحانه وتعالى- فسوف تتغير حياتك وحياتهم للأفضل إن شاء الله! علميهم أن يثقوا تمامًا في خطة الله لكيفية حدوث الأمور، قيّمي معهم كل موقف في ضوء هذا الأمر، فعندما يعلمون أن الله هو المسؤول عنهم وأنهم لا يحتاجون إلى أحد غيره، يصبح التعامل مع تحديات الحياة أسهل ويبدأون في الشعور بحضوره في كل ما يفعلونه.

حللي معه المواقف بطرق هادئة، مثلًا قولي له: "حسنًا، لم يسير الأمر كما هو مخطط له، ولكن ما الذي تعتقد أن الله يريدك أن تفعله؟ هل يمكن أن تكون الطريقة المختلفة أفضل بالنسبة لك؟ ألا تثق في أن الله يريد الأفضل لك؟"

6) علميه الاهتمام بقضايا الأمة الإسلامية

في ظل الظروف العصيبة التي تمر الأمة الإسلامية بها الآن، لا يجب أن يكون طفلك غائبًا عنها، فمن شب على شيئًا شاب عليه، وإذا لم يعرف طفلك ما الذي يحدث وأين الحق وأين الباطل منكِ أنتِ فسوف يتعلمه من غيرك، وقد كثرت الفتن حولنا بشكل لا يصدق! 

يجب أن يعرف طفلك ما الذ يحدث الآن في فلسطين من ظلم وعدوان وبغيٍ بغير حق، ويرى ما الذي يحدث للأطفال والرضع الذين لا حيلة لهم ولا مفر مما هم فيه إلا إلى الله -عز وجل-، حتى يكبر طفلك وهو يشعر بالواجب تجاه هؤلاء الأطفال الذين دفعوا طفولتهم وحياتهم الهنيئة والهادئة ثمنًا لتحيا هذه الأمة وتظل صامدة.

أخبريه عن أهمية المسجد الأقصى في إسلامنا، فهو أولى القبلتين وثالث الحرمين، وثاني مسجد بُني في الإسلام بعد المسجد الحرام، لذا فهو يحظى بقدسية عظيمة في نفوس المسلمين، إليه أُسريَ بالنبي -صل الله عليه وسلم- ومن صخرته الموجودة في ساحة حرمه المقدس عُرج به -صل الله عليه وسلم- إلى السماء، في ليلة الإسراء والمعراج، ووصل إلى سدرة المنتهى تحت عرش الرحمن، وإليه يُشد الرحال.

دور الأسرة في غرس القضية الفلسطينية

1) التربية بالقدوة الحسنة

قد يعتقد الأهل أن الصراخ والأمر هو ما سيجعل الطفل ينفذ ما يُملى عليه، ولكن الحقيقة أن الطفل يتعلم بالقدوة أكثر مما يتعلمه بغيرها من الطرق بنسبة تصل إلى 70%! لذلك يجب أن تؤمن الأسرة نفسها أولًا بقضية فلسطين وتقدر أهميتها وتتابع أخبارهم وتدعو لهم وتساعدهم بكل ما أتيح لهم، وبالتالي سيهتم الطفل بما تهتم به أسرته.

2) التربية بالدعاء

خصصي جزءًا يوميًا من دعاء الأسرة لفلسطين والقدس وأهلها، وبالتكرار سيترسخ في ذهن وروح طفلك أهمية وقداسة فلسطين للمسلمين، واجعليه إمامكم في الدعاء ذات مرة، وشاهدي بنفسك أثر هذا الأسلوب التربوي الرائع على طفلك!

3) اللعب معه 

لا تنسي أنه طفل وأن اللعب من أولى أولوياته! يمكنك استغلال ذلك بتصميم ألعاب ذات أهداف تخدم الرسالة التي تريدين إيصالها له، كتلوين صورة للمسجد القبلي أو قبة الصخرة، أو تصميم مسابقة حول معالم الأقصى واختبار معلوماته، ولكن بالطبع يجب أن تكوني قد أطلعتِه عليها مسبقًا حتى يسهل الإجابة عنها ويستمتع باللعب والتنافس معكِ ومع إخوته.

4) استخدمي الفن لصالحك

يميل الصغار غالبًا إلى الاستماع للأغاني وترديدها، ولا يخفى علينا حال أطفال اليوم وحفظهم للعديد من الأغاني والمهرجانات الشعبية وكلماتها البذيئة، لذلك ملكتي ننصحك باستغلال ميول الطفل بشكل هادف، يمكنك مثلًا أن تستمعي معه لأغانٍ عن فلسطين والقدس تناسب عمره، ويمكن توضيح الكلمات له حتى يفهم ما يسمع ويردد، كما يمكن إقامة مسابقات بين أطفالك وتخصيص فقرة ليغني الطفل ما حفظه هذا الأسبوع وتشجيعه بهدية جميلة، ويمكن أن تدربيه على عرض مسرحي بسيط يقدمه أمام الأسرة، وبذلك تكوني قد نميتِ حواسّه واكتشفتِ مواهبه لتستطيعي توجيهه لفنٍ هادف.

5) لا تنسي دور التكنولوجيا!

لا بد أن تواكب الأسرة مستحدثات العصر؛ فلا تمنعها البتة ولا تتركها أيضًا دون مراقبة، بل يجب أن توجه وتقوم وتراقب وتشجع، فمثلًا يمكنك توجيه طفلك لاستخدام "التيك توك" و"اليوتيوب" و"سناب شات" وغيرها من التطبيقات التي يفضلها بمشاهدة الأعمال المرتبطة بفلسطين، ويمكنك مساعدته في اختيار المحتوى الذي يشاهده وتغرسي فيه دومًا أننا نستخدم كل شيء بهدف محدد ونبيل ونواكب العصر أيضًا لكن مع حفاظنا على هويتنا الإسلامية ووعينا.

6) علميه العطاء

يمكنك أن تغرسي قيمة العطاء لدى طفلك بنصحه اقتسام جزء من مصروفه لإخوانه بفلسطين، وهناك فرق بين الاقتسام والتبرع؛ فالتبرع قد يشعره وكأنه تفضل عليهم بينما الأحق أنه واجبنا تجاههم، لذلك يجب توضيح ذلك للطفل، وتحفيز شعور المؤاخاة مع أطفال فلسطين، وأننا كما نسعد كثيرًا بهدايا أصدقائنا لنا فيجب أيضًا أن نسعد أطفال فلسطين ونشعرهم بأنهم ليسوا وحدهم، وهذه وسيلة سهلة وبسيطة لتعلمي طفلك فضل الإنفاق فى سبيل الله وأن الله يضاعف لمن يشاء!

وفي النهاية ملكتي يجب أن تعلمي أن ما تقومين به هو أمرٌ عظيم وأن الله قد اختاركِ لتعمري في الأرض واستعملكِ في تنشأة جيل ينصر الحق ويزهق الباطل، فإذا شعرتِ بالحزن أو الهم مما ترينه من أحداث أليمة تصيب إخواننا في فلسطين فاجعليه وقودًا لكِ ليحفزكِ على تربية ابنك وبنتك تربية صالحة يرضاها الله ورسوله والمؤمنون، ولا تنسي قول الله -عز وجل-: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

ذات صلة

أسرار العباقرة الصغار: قومي باكتشاف وتنمية مواهب طفلك!

أسرار العباقرة الصغار: قومي باكتشاف وتنمية مواهب طفلك!

سنخبرك بعلامات تشير إلى العبقرية في مرحلة الطفولة المبكرة، وكيف تدعمي طفلك الموهوب، وتتأكدي من العلامات المبكرة للعبقرية والتفوق العقلي! 

كيف تساعدي طفلك على اجتياز الاختبارات المدرسية بنجاح

كيف تساعدي طفلك على اجتياز الاختبارات المدرسية بنجاح

قد تكون الاختبارات الدراسية مرهقة للغاية، حيث يعيش كل طالب تقريبًا تحت ضغط يبدأ قبل أسابيع قليلة من موعد الامتحان وحتى نهايته!

12
تعزيز انتباه الاطفال: أفكار وأنشطة لتعزيز تركيز طفلك

تعزيز انتباه الاطفال: أفكار وأنشطة لتعزيز تركيز طفلك

إن زيادة انتباه الاطفال وتركيزهم يعد أمرًا هامًا في عصرنا الحديث الذي يشهد تشتتًا وانشغالًا كبيرًا وصعوبات التعلم، ويعد التركيز الجيد أساسًا لتحقيق

إستشارات الملكة الذهبية

نخبة من الأطباء المختصين في أمراض النسا والولادة مع تطبيق الملكة

الأكثر مشاهدة

حكايات قبل النوم~الأصيص الفارغ! وقيمة الصبر والصدق والإرادة

سن المدرسة

حكايات قبل النوم~الأصيص الفارغ! وقيمة الصبر والصدق والإرادة

ولكن لم تنمو أي زهرة منهم! لقد حاول كثيرًا على مدار العام لتنمو هذه الزهرة ولكن لم ينجح في ذلك كبقية الابناء الصغار الآخرين

اتركوا أطفالكم يربونكم من جديد

سن المدرسة

اتركوا أطفالكم يربونكم من جديد

هنا سنتحدث عن كيفية تمهيد ومساعدة طفلك على النمو ليصبح شخصًا تحبيه حقًا دون أن تفقدي نفسك في هذه العملية التربوية.

اكتشفي شخصية طفلك وموهبته في خَمس خطوات!

سن المدرسة

اكتشفي شخصية طفلك وموهبته في خَمس خطوات!

معظم الاطفال عباقرة، ولكن إذا حكمت على سمكة من خلال قدرتها على تسلق شجرة، فسوف تعيش طوال حياتها معتقدة أنها غبية. 

Powered by Madar Software