في أي شهور الحمل تصبح العلاقة الحميمة خطرًا على الجنين

وصلتني رسالة من قارئة تقول فيها: "أنا في بداية حملي، وزوجي يتجنب الاقتراب مني خوفًا على الجنين… فهل الجماع في شهور الحمل قد يؤذي الطفل فعلًا؟"

سؤال تطرحه معظم الزوجات في بداية رحلة الحمل، بين مشاعر الخوف والفضول؛ فالكثير من النساء يشعرن بالقلق من فكرة الجماع خلال شهور الحمل ، خاصة في الأشهر الأولى، ويعتقدن أن أي حركة قد تسبب ضررًا للجنين أو تؤدي إلى الإجهاض، لكن الحقيقة مختلفة تمامًا عما تتخيله الكثيرات.

هل العلاقة الحميمة آمنة طوال شهور الحمل ؟

من الآمن ممارسة العلاقة الحميمة خلال شهور الحمل التسعة الكاملة من الحمل الطبيعي، ولكن إذا كنتِ تعانين من حالة طبية كامنة أو كنتِ معرضة لخطر حدوث مضاعفات، فسوف ينصحكِ الطبيب بموعد وطريقة ممارسة العلاقة الحميمة بأمان، أو بالامتناع عنها تمامًا.

في كثير من الأحيان، يمكن أن يبدو الثلث الأول من الحمل هو الأصعب، إذ تشعرين بالغثيان والإرهاق وتقلبات الهرمونات، مع القلق المستمر بشأن كل ما قد يؤثر في الجنين الغالي، بما في ذلك العلاقة الحميمة، وقد يجعلكِ ذلك تتساءلين إن كانت جميع الأمور "محظورة" خلال شهور الحمل الطويلة التسعة.

إن القلق بشأن العلاقة الحميمة أثناء الحمل أمر شائع جدًا، لكن الجنين في أمان تام داخل الرحم أكثر مما تتخيلين (حتى عندما تمارسين العلاقة مع زوجك!).

هل يمكن أن يسبب الجماع الإجهاض خلال الأسابيع الـ12 الأولى؟

إذا كان هذا هو أكثر ما يقلقك، فلنبدأ بالخبر السار: في الحمل الطبيعي، العلاقة الحميمة آمنة طوال شهور الحمل التسعة، بما في ذلك الثلث الأول من الحمل.

ما لم يخبركِ الطبيب بضرورة الامتناع عن العلاقة، فلا يوجد أي سبب لتجنّبها، بغض النظر عن مدى تقدم شهور الحمل .

فالعضلات المحيطة بالرحم، بالإضافة إلى السائل الأمنيوسي بداخله، تعمل على حماية الجنين أثناء العلاقة، كما أن السدادة المخاطية في عنق الرحم تمنع الجراثيم من المرور.

(وللتوضيح: لا، العضو الذكري لا يمكن أن يلمس أو يؤذي الرحم أثناء العلاقة).

هل النزيف بعد العلاقة الحميمة في أول 12 أسبوعًا أمر مقلق؟

هناك العديد من الأسباب التي قد تؤدي إلى تبقّع دموي خفيف في شهور الحمل الأولى، ومعظمها لا علاقة له بالعلاقة الحميمة.

حوالي 15٪ إلى 25٪ من النساء الحوامل يعانين من نزيف في الثلث الأول، وهذه الإحصائية لا ترتبط بالنشاط الجنسي للمصابات به.

قد يكون التبقّع الدموي في الأسابيع الأولى علامة على انغراس البويضة المخصبة ، وهذه علامة إيجابية!

(ومن الجدير بالذكر أن كثيرًا من النساء لا يحدث لديهن نزيف الانغراس إطلاقًا).

أما النزيف الغزير فقد يشير إلى مشكلات مثل المشيمة المنزاحة أو الحمل خارج الرحم، وهذه الحالات ليست أخبارًا سارة، لكنها أيضًا ليست ناتجة عن العلاقة الحميمة.

لكن يجب أن نعلم أن عنق الرحم يمر بتغيرات كبيرة أثناء شهور الحمل ؛ فالتغيرات الهرمونية قد تجعله أكثر جفافًا أو هشاشة، مما يجعل الأوعية الدموية فيه أكثر عرضة للتمزق.

ولهذا، قد يسبب الجماع بعض التهيج الخفيف في المهبل ينتج عنه تبقّع وردي أو أحمر فاتح أو بني اللون، وهو أمر طبيعي ويزول خلال يوم أو يومين.

لماذا قد يكون الجماع مؤلمًا ؟

قد تشعرين بالألم أثناء العلاقة في أي مرحلة من شهور الحمل ، وغالبًا ما يكون ذلك نتيجة تغيرات طبيعية في الجسم، وليس بسبب مشكلة صحية.

ما لم يكن هناك عدوى، فإليكِ بعض الأسباب المحتملة للألم في هذه الفترة:

• جفاف المهبل بسبب التغيرات الهرمونية
• ضغط على المثانة أو شعور بالحاجة للتبول
• حساسية أو ألم في الثديين أو الحلمات

إذا كان الألم شديدًا لدرجة تمنعك من العلاقة، تحدثي مع طبيبك، فقد يكون هناك سبب طبي يحتاج علاجًا، أو قد يكون الحل ببساطة تغيير وضعية الجماع.

لماذا أشعر بتقلصات بعد الجماع ؟

قد تشعرين بتقلصات خفيفة بعد العلاقة أثناء الحمل المبكر، وهناك سببان رئيسيان لذلك:

• النشوة الجنسية تُفرز هرمون الأوكسيتوسين الذي يسبب تقلصات في الرحم.
• السائل المنوي يحتوي على مادة البروستاغلاندين التي قد تحفّز أيضًا التقلصات.

وإذا قام زوجك بتحفيز الحلمات أثناء العلاقة، فقد يسبب ذلك تقلصات إضافية، لكن هذه التقلصات طبيعية تمامًا طالما أنها خفيفة وتزول بعد ساعات قليلة.

فقط استريحي، واتصلي بطبيبك إذا لم تختفِ بعد ذلك.

حقائق عن النشوة الجنسية أثناء شهور الحمل

• تخفّف التوتر

تُعدّ النشوة الجنسية وسيلة طبيعية لتخفيف الضغط النفسي؛ إذ تؤدي إلى اندفاع الأدرينالين في الجسم، مما يحسّن المزاج ويُقلّل من مستويات التوتر ويساعدك على النوم بشكل أفضل خلال شهور الحمل ، كما أنها قد تُساهم في ضبط مستوى السكر في الدم وتعمل كوسيلة فعالة للاسترخاء والتوازن النفسي.

• تقوية العضلات الملساء

مع نمو الجنين واتساع الرحم، يزداد الضغط على الأعضاء الداخلية، خصوصًا المثانة، مما يسبب الحاجة المتكررة للتبول، وتساعد النشوة الجنسية على تقوية العضلات التي تتحكم في تدفق البول، فتُساهم في تحسين السيطرة على المثانة وتقليل الإزعاج الناتج عن ذلك.

• التقلبات المزاجية

نتيجة تغيّر الهرمونات أثناء شهور الحمل ، تمرّ العديد من النساء بتقلبات مزاجية وقد يشعرن أحيانًا بالحزن أو الضيق، والجماع والوصول إلى النشوة الجنسية يمكن أن يُعيدا إليك الشعور بالسعادة والراحة النفسية، فهما يحفزان إفراز هرمونات السعادة في الجسم.

• قد تُسبب تقلصات خفيفة

من الشائع أن تشعري بتقلصات بسيطة بعد النشوة أثناء شهور الحمل ، وتختلف شدتها من امرأة لأخرى، هذه التقلصات تشبه آلام الدورة الشهرية وتختفي من تلقاء نفسها بعد فترة قصيرة، ولا تُعدّ أمرًا مقلقًا طالما أنها لا تستمر طويلًا أو تزداد في القوة.

• تهيئة الجسم للولادة

تساعد النشوة الجنسية على تقوية عضلات قاع الحوض، وهي العضلات التي تلعب دورًا أساسيًا أثناء الولادة الطبيعية، ففي وقت المخاض، تتمدد هذه العضلات لتساعد على خروج الجنين، لذا فإن النشوة تعمل بمثابة تمرين طبيعي خلال شهور الحمل يساعد على تقويتها واستعدادها ليوم الولادة.

متى تصبح العلاقة الحميمة خطرًا على الجنين وعليكِ ؟

كما ذكرنا، العلاقة آمنة خلال شهور الحمل ما لم ينصح الطبيب بخلاف ذلك، لكن في بعض الحالات، يمكن أن تؤدي العلاقة إلى انقباضات رحمية، وهي مؤقتة وغير ضارة في الحمل منخفض الخطورة، لكنها قد تشكّل خطرًا في حالات الحمل المعقدة.

لذلك، يجب استشارة الطبيب إذا كنتِ تعانين من أي مما يلي:

1. تاريخ من الإجهاض المتكرر

يعرف الكلية الأمريكية لأطباء النساء والتوليد (ACOG) الإجهاض المتكرر بأنه حدوث حالتين أو أكثر من فقدان الحمل، ويصيب حوالي 1٪ من النساء.

ومع أن العلاقة الحميمة لا تسبب الإجهاض، فقد يُطلب منكِ اتخاذ احتياطات إضافية لتجنب أي انقباضات في الرحم.

2. الحمل بتوأم أو أكثر

في حالة الحمل المتعدد، قد يوصي الطبيب بـ الراحة الحوضية لتقليل خطر الولادة المبكرة، وهذا يعني الامتناع عن إدخال أي شيء في المهبل، بما في ذلك العلاقة الحميمة والفحوصات المهبلية المتكررة.

ولا يعني ذلك دائمًا الراحة التامة في السرير، لذلك من المهم فهم تعليمات الطبيب بدقة، وحتى إن طُلب منكِ تجنّب العلاقة، هناك طرق أخرى للحفاظ على القرب العاطفي والحميمية مع الزوج .

3. عنق رحم ضعيف أو مفتوح مبكرًا

في بعض الحالات، قد يفتح عنق الرحم في وقت مبكر جدًا من الحمل، مما يزيد من خطر الإجهاض أو الولادة المبكرة.

وهنا، غالبًا ما يُنصح بتجنّب الجماع نهائيًا حتى نهاية شهور الحمل .

4. علامات الولادة المبكرة

تحدث الولادة المبكرة بين الأسبوعين 20 و37 من الحمل.

ورغم أنها نادرة في الثلث الأول، إلا أن ظهور أعراض مثل الانقباضات أو آلام الظهر أو الإفرازات المهبلية غير الطبيعية يستدعي مراجعة الطبيب فورًا.

5. المشيمة المنزاحة

عندما تتكوّن المشيمة أسفل الرحم وتغطي عنق الرحم، تُسمّى هذه الحالة المشيمة المنزاحة، وقد تسبب نزيفًا خلال شهور الحمل وربما نزيفًا خطيرًا أثناء الولادة.

لذلك، في هذه الحالة يُمنع الجماع تمامًا لتجنب أي خطر.

متى يجب مراجعة الطبيب؟

يعتمد قرار زيارة الطبيب على مدة وشدة الأعراض.

فالألم الخفيف أو النزيف البسيط أو التقلصات بعد العلاقة يُعد أمرًا طبيعيًا طالما يزول خلال يوم أو يومين.

لكن إذا لاحظتِ:

• نزيفًا غزيرًا
• ألمًا أو تقلصات شديدة
• أو أعراض عدوى مثل الحمى؛ فاتصلي بطبيبك فورًا.

ولا تترددي في استشارة الطبيب إذا ساورك أي قلق، حتى لو لم تتوفر هذه الأعراض.

خلاصة القول

من الطبيعي أن تشعري بالقلق من ممارسة العلاقة الحميمة أثناء الحمل، خصوصًا في بدايته، لكن ما لم تكوني معرضة لخطر المضاعفات، فالعلاقة آمنة تمامًا خلال شهور الحمل .

وإذا كنتِ تعانين من حالة طبية مرتبطة بالحمل، فلا تترددي في سؤال طبيبك عن الأنشطة المسموح بها خلال شهور الحمل ، فكل حالة تختلف عن الأخرى، والأهم دائمًا هو سلامتك وسلامة طفلك.