هل تعلمين ملكتي أن الضوء والحالة المزاجية بينهما علاقة قوية ومستمرة، فكل مصدر للضوء سواءًا كان أشعة الشمس الساطعة أو ذلك التوهج الخافت لمصباح غرفة نومك، ينتج موجات ضوئية يتعرف عليها جسمك ويتفاعل معها، لذلك لا يمكن إنكار أهمية الضوء والحاجة إلى وجوده، وكما أن الضوء له تأثير جيد على الجسم فالضوء المزعج يمكن أن يكون ضارًا!
ولفهم سبب تأثير الإضاءة على الإنسان نفسيًا، يجب أن تفهمي سبب تأثيره على أجسامنا أولًا؛ يعمل جسم الإنسان وفق أنظمة بيولوجية مختلفة، أحد هذه الأنظمة هو نظامكِ اليومي، يستخدم هذا النظام إشارات الإضاءة لتنظيم الأنظمة الأخرى في الجسم والتأثير على العمليات مثل إطلاق المواد الكيميائية في الدماغ.
قبل الضوء الاصطناعي، ساعدت فترات النهار الطبيعية في تنظيم ساعاتنا البيولوجية، لكن الآن بعد أن تعرضنا لأشكال عديدة من الضوء الاصطناعي، تغيرت الأمور، حيث يؤثر الضوء الاصطناعي على إيقاعات الساعة البيولوجية لدينا بعدة طرق، سواء بشكل إيجابي أو سلبي.
فنحن نستخدم الإضاءة في منازلنا ليلًا ونزيد أو نقلل مصادر الإضاءة تدريجيًا مع شروق الشمس وغروبها، ونستخدم أضواء أكثر سطوعًا عندما نكون نشيطين، ونستخدم الأضواء الساطعة أو الإضاءة الخافتة عندما نكون مسترخين، ولسوء الحظ، يمكن أن يؤثر كلًا من الضوء الساطع والإضاءة الخافتة سلبًا على حياتنا المنزلية.
على سبيل المثال، يمكن أن تسبب الإضاءة الساطعة في غرف تناول الطعام قلة الشهية، في حين أن الإضاءة الخافتة تشجع على الإفراط في تناول الطعام، والجانب الأكثر أهمية في حياتنا المنزلية والذي يؤثر على الإضاءة هو نوعية نومنا.
يتطلب نظام إيقاع الساعة البيولوجية لدينا فترات من الظلام ليعمل بشكل صحيح، من الناحية المثالية، عندما يحل الليل يجب إبعاد أجسادنا عن مصادر الضوء حتى تتمكن إيقاعاتنا البيولوجية والأنظمة البيولوجية الأخرى من أداء وظائفها الحيوية، لكن لسوء الحظ إن أي تعرض للضوء خلال هذه الأوقات يعطل وظائف الجسم، وعلى الرغم من أن الشمس قد تكون غربت، إلا أن الضوء الاصطناعي غالبًا ما يكون موجودًا بشكل ما، ويمكن أن يؤثر ضوء السقف الساطع على دورة نومك، وكذلك الضوء الصادر من مصباحك المتواجد جانب سريرك.
عندما تتعطل دورات نومنا وإيقاعنا البيولوجي تتأثر صحتنا! لكن لماذا يؤثر شيء بسيط مثل النوم في الضوء بشكل كبير على صحتنا؟ منذ آلاف السنين، تطورت البيولوجيا البشرية لتعتمد على الدورات اليومية للضوء الطبيعي، لكن على مدار الـ150 عامًا الماضية أدخلنا الضوء الاصطناعي في حياتنا اليومي، وهذا الضوء الاصطناعي غير طبيعي بالنسبة لأجسامنا، وتشير الدراسات إلى أن الدورات اليومية المعطلة تضر بكل شيء بدءًا من ساعتنا الداخلية وأعضائنا وحتى الأداء الأساسي لجسمنا على المستوى الخلوي.
هل تعلمين أيضًا أن الإضاءة السيئة تقلل أو تغير الإنتاجية سلبًا في العمل، وذلك لأن غياب الإضاءة الكافية يضر بإنتاجية الموظف، بينما يمكن للإضاءة القاسية أو شديدة السطوع أن تنتج تأثيرات ضارة مماثلة، لا يتعلق الأمر بكمية الضوء المتوفرة لأن كثافة مصدر الضوء ونعومته ودرجة حرارته وحتى لونه يمكن أن تغير الإنتاجية بشكل كبير في مكان العمل!
إن الخروج في يوم مشرق ومشمس يمكن أن يجعلك تشعرين باليقظة والنشاط، بينما إذا كنتِ تحاولين النوم في إضاءة السقف الساطعة سيكون الأمر صعبًا للغاية، تعتبر شدة الضوء، بغض النظر عما إذا كانت طبيعية أو صناعية، قوة مؤثرة في حياتنا اليومية، سواء في المنزل أو في العمل، نحتاج إلى مساحات مضيئة لأداء مهامنا، لكن وما هي الآثار النفسية للإضاءة الساطعة جدًا؟
تشير إحدى الدراسات إلى أن العاطفة مرتبطة بسطوع الضوء، يعتقد الباحثون أن مستويات الإضاءة تجعلنا نشعر بالحرارة وتجعلنا نشعر بالدفء، مما يجعل مشاعرنا أكثر حدة، و"النظام العاطفي الدافئ" الناتج عن الضوء الساطع بشكل متزايد يمكن أن يجعلنا نشعر بقوة أكبر تجاه آرائنا ومشاعرنا.
يمكن أن تساعد طريقة العلاج النفسي المعروفة باسم العلاج بالضوء الساطع في علاج الأفراد المصابين بالاكتئاب، حيث يدرك الباحثون أهمية ضوء الشمس الطبيعي على نفسية الإنسان ويفترضون أن التعرض للضوء الساطع قد يكون له نفس التأثير على الاكتئاب مثل مضادات الاكتئاب، كما قد تكون "محاكاة الفجر" (وهي شكل مماثل من العلاج بالضوء) مفيدة أيضًا في علاج الاكتئاب الموسمي، يُقترح أيضًا أن العلاج بالتعرض للضوء الساطع الذي يتم التحكم فيه وفي الوقت المناسب خلال ساعات الصباح الباكر وأواخر فترة بعد الظهر يمكن أن يعالج مشاكل النوم.
العلاقة بين اللون والعاطفة مثيرة للغاية، فعلى الرغم من أن كل فرد لديه تصوره الخاص للون، إلا أن الارتباطات المشتركة الشائعة بين الناس تشمل التالي:
في حين أن لون الإضاءة يمكن أن يؤثر على حالتنا النفسية، إلا أن درجة حرارة اللون يمكن أن يكون لها تأثير كبير علينا أيضًا، فنحن نتفاعل عقليًا مع الإضاءة الملونة الدافئة والباردة، فمثلًا تعتبر الألوان الحمراء والبرتقالية والصفراء دافئة، بينما تعتبر الألوان الزرقاء والخضراء باردة، لذلك عند اختيار ألوان الإضاءة في منزلك، يجب أن تكوني على دراية بكلًا من درجة اللون ودرجة حرارته.
ضوء الشمس له فوائد عديدة، فإذا تعرضتِ -بكميات معتدلة- له يمكن أن يعزز مستويات فيتامين د لديك، ويقوي العظام، ويمنع السرطان، ويشفي الأمراض الجلدية وغيرها من الحالات الأخرى، لذلك ليس من المستغرب أن يكون لضوء الشمس تأثير أيضًا على صحتنا النفسية، في حين أن غياب الضوء الطبيعي يساعدنا على إنتاج الميلاتونين وإطلاقه، فإن الضوء الطبيعي يحفز إطلاق السيروتونين لدينا، ويمكن ربط انخفاض ضوء الشمس بنوبات الهلع والاضطرابات المرتبطة بالقلق.
تشير الأبحاث إلى أن الضوء الطبيعي له تأثير عميق على حالتنا المزاجية، وخاصةً مستوى سعادتنا! إن مجرد التعرض للضوء الطبيعي بانتظام طوال اليوم عبر نافذة المكتب قد يساعد على بقاء إيقاعات الجسم البيولوجية متزامنة، مما يحسن الحالة المزاجية والرفاهية العامة، وزيادة التعرض للضوء الطبيعي قد يعالج أيضًا أعراض الاكتئاب ونقص فيتامين د، على الرغم من أن الضوء الطبيعي وحده لا يمكنه علاج معظم الأمراض أو على الأقل علاجها بالكامل، إلا أن دمج الضوء الطبيعي في برنامج العلاج يمكن أن يساعد في تعزيز مشاعر السعادة وبالتالي تعزيز فرص الشفاء.
وجدت دراسة أجريت عام 2014 في مجلة علم نفس المستهلك أن الأضواء الأكثر شدة يمكن أن تجعل الناس يشعرون ليس فقط بمشاعر إيجابية أكثر حدة، ولكن أيضًا بمشاعر سلبية أقوى، لذلك إذا كنت ترغبين في مغادرة غرفة كانت أضواءها ساطعة جدًا، فقد تخبرك هذه الدراسة بالسبب، وقد تشرح أيضًا سبب شعورك بالاسترخاء خاصةً أثناء مشاهدة فيلم في غرفة مظلمة تقريبًا!
وفقًا لدراسة أجريت عام 2015 يمكن للضوء الأزرق في بعض الأحيان أن يثبط شهيتك -على الرغم من أن هذا التأثير قد يعتمد بقوة على اختلاف الجنس- حيث وجدت الدراسة وجود علاقة بين التعرض للضوء الأزرق وانخفاض الشهية لدى الرجال فقط، ولم تجد مثل هذه العلاقة لدى النساء.
ومع ذلك، وجدت دراسة أجريت عام 2009 عكس ذلك تمامًا، ولم تتوصل تلك الدراسة إلى أي استنتاجات بالنسبة للرجال ولكنها أظهرت أن شهية النساء قد تنخفض في الضوء الأزرق والأخضر.
نحن نقضي الكثير من الوقت في الإضاءة الاصطناعية بحيث يكون من السهل التخلي عن قوة الضوء الطبيعي، أما إذا كان عملك اليومي يتم في مكان فيه ضوء الشمس الطبيعي فمن المرجح أنك ستنامين جيدًا في الليل وستمارسي قدرًا صحيًا من التمارين الرياضية وهذا بسبب قدرة الضوء الطبيعي على جعلك أكثر إنتاجية.
على الرغم من أن الضوء الطبيعي يرتبط بالإنتاجية، إلا أنه من المحتمل أنه ليس مصدر الضوء الأساسي لمساحة عملك، ولهذا تُعد مصابيح الفلورسنت شائعة في المكاتب الكبيرة، وللأسف يظهر تأثيرها على مزاجنا! فعلى الرغم من سطوعها لكن ترتبط إضاءة الفلورسنت باضطرابات في إيقاع الساعة البيولوجية، مما يؤدي إلى انخفاض مستويات الطاقة طوال اليوم، وقد يؤدي التعرض لضوء الفلورسنت أيضًا إلى الغضب والقلق وعدم القدرة على التركيز.
لقد ذكرنا سابقًا أن الضوء الأخضر يمكن أن يساعد في تخفيف أعراض الصداع النصفي، لكن بعض الأضواء -خاصةً مصابيح الفلورسنت- يمكن أن تسبب الصداع النصفي وأنواع الصداع الأخرى، والأشخاص الذين يعانون من رهاب الضوء معرضون بشكل خاص للصداع الناتج عن الضوء والصداع النصفي، وهذا يعني أن الإضاءة القاسية لا يمكن أن تكون مؤلمة للعين فقط بل صداعًا للدماغ أيضًا.
في حين أن بعض الأضواء الاصطناعية قد تسبب لك الصداع، إلا أن التعرض المباشر لأشعة الشمس الطبيعية يمكن أن يحسن صحتك النفسية كما ذكرنا سابقًا، وذلك لأن التعرض لأشعة الشمس يحفز إنتاج فيتامين د في الجسم، ووجدت دراسة أجريت عام 2013 في المجلة البريطانية لعلم النفس أن الأشخاص الذين لديهم مستويات عالية من فيتامين د هم أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب.
إذا كنت أنت أو أي شخص تعرفينه مصابًا بالتوحد، فمن المهم أن تفهمي كيف يمكن أن يكون للإضاءة تأثير إيجابي أو سلبي على الحالة المزاجية لهم، قد يكون الأشخاص المصابون بالتوحد أكثر حساسية للمنبهات الحسية، مثل الأضواء الوامضة.
وقد وجدت دراستان علميتان أن الأشخاص المصابين بالتوحد قد يكونون حساسين بشكل خاص لإضاءة الفلورسنت، ومن ناحية أخرى، يمكن للضوء الأزرق والألوان الهادئة الأخرى أن تساعد في تهدئة الأطفال المصابين بالتوحد.
باستخدام الإضاءة الملونة المناسبة، يمكن أن تهدأ مخاوفك مؤقتًا، ولهذا السبب تحظى صور الفضاء الخارجي بشعبية كبيرة؛ يقول الخبراء أن صور السُدم والمجرات والنجوم التي تُعرض بألوان زرقاء وخضراء جميلة بقدر ما هي مريحة للنفس.
نعم، فالإضاءة المنخفضة تجعلنا نشعر بالتعب، ولكن ضوء النهار له تأثير منشط! حيث يشمل ضوء النهار النطاق الأزرق الفعال بيولوجيًا والذي يعتبر لطيفًا، وتشير الدراسات إلى أن الضوء المخصب باللون الأزرق يجعلنا نشعر بالنشاط بشكل خاص ويمكن أن يقلل من إجهاد العين والصداع.
هذه الأطعمة الخمس تثير القلق والتوتر!
في حين أن التوتر هو رد فعل طبيعي وصحي للتحديات التي تحدث طوال الحياة (نسمي هذا الضغط النفسي الجيد) إلا أنه يمكن أن يصبح خطيرًا عندما يكون
تعفن الدماغ: مرض جديد تسببه التكنولوجيا! وهذا علاجه
تعفن الدماغ (Brain rot) بأنه تدهور للحالة العقلية أو الفكرية للشخص، ويحدث نتيجةً للإفراط في التعرض للمواد التي تعتبر تافهة، وخاصةً التعرض
هل قص الشعر سيجعلني سعيدة؟ اعرفي الإجابة الآن
قد وصلنا إلى حالة نفسية متأخرة وأن الأمر يستدعى الخضوع إلى جلسات علاجية، ومنها قص الشعر بشكل هستيرى غير منظم