إن مشاهدة طفلك ينمو هي تجربة ثمينة ولا تقدر بثمن، وكل طفل يتطور بسرعته الخاصة، فبعض الأطفال يتحدثون في مراحل مبكرة عن غيرهم وبعضهم يزحفون مبكرًا عن غيرهم وهكذا، لكن عدم الوصول إلى قدرات معينة في كل فئة عمرية يمكن أن يثير القلق بعض الشيء.
تتعرف بعض الأمهات على علامات اضطراب طيف التوحد (ASD) عندما يبلغ عمر الطفل حوالي ستة إلى 12 شهرًا وربما حتى قبل ذلك قليلًا، كما يقول "توماس فرايزر"، الدكتور والباحث في مرض التوحد.
التوحد هو اضطراب عصبي وتنموي معقد يمكن أن يؤثر على المهارات الاجتماعية مثل اللعب والتعلم والتواصل عند الطفل، وتتراوح حالات التوحد من الخفيفة إلى الشديدة، ويُقدر مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن مرض التوحد يصيب واحدًا من بين كل 36 طفلًا.
لا يعرف الأطباء بالضبط ما الذي يسبب مرض التوحد، ولكن يُعتقد أنه مزيج من العوامل البيئية والوراثية، كما تزيد ظروف معينة من فرصة إصابة الطفل بالتوحد، فمثلًا إذا كان لديه أخ مصاب بالتوحد، فإن خطر الإصابة به يرتفع إلى حوالي 20% في المتوسط، كما يقول الدكتور "فرايزر"، وتشمل عوامل الخطر الأخرى ما يلي:
في حين أن معظم الأطفال يكونون أكبر سنًا عندما يتم تشخيصهم، إلا أنه يمكن لبعض الأمهات والآباء التعرف على علامات التوحد لدى الأطفال، اعتمادًا على الأعراض وشدتها، بالطبع، يتطور جميع الأطفال وفقًا لجداول زمنية مختلفة، ولكن قد يكون من المفيد معرفة العلامات الحمراء المحتملة التي يجب البحث عنها.
على سبيل المثال، يفشل الأطفال المصابون بالتوحد أحيانًا في التواصل من خلال الأصوات أو الإيماءات وقد لا يستجيبون للتحفيز الاجتماعي، لذلك انتبهي إلى ما إذا كان الطفل يتفاعل مع الإيماءات الاجتماعية أم لا، خلال السنة الأولى من الحياة، يبدأ الأطفال في الثرثرة واستخدام الإيماءات والإشارات، يقول الدكتور "فرايزر" أن الأطفال قد يبتسمون أيضًا للأطباء في هذا العمر.
تقول "ماندي سيلفرمان":"من المهم ملاحظة أن المعايير التالية ليست دليلًا قاطعًا على مرض التوحد، إنها ببساطة أشياء نبحث عنها لتحديد ما إذا كنا بحاجة إلى مزيد من التقييم للطفل أم لا".
عادةً ما يتواصل الأطفال بالعين مع الآخرين منذ سن مبكرة جدًا، بحلول عمر شهرين، يستطيع الرضع عادةً تحديد الوجوه والتواصل البصري بمهارة، ثم يصبح التواصل البصري فيما بعد وسيلة لبناء العلاقات الاجتماعية والحصول على معلومات حول محيطهم، وقد وجد الباحثون أن الأطفال الذين يصابون باضطراب طيف التوحد (ASD) يبدأون في التواصل البصري بشكل أقل عند عمر شهرين تقريبًا، قد تكون قلة التواصل البصري مؤشرًا مبكرًا لمرض التوحد.
يتعلم الأطفال عادةً الإيماءات قبل أن يتعلموا التحدث، في الواقع، الإيماءات هي واحدة من أقدم أشكال التواصل البشري، لكن يستخدم الأطفال المصابون بالتوحد الإشارات والإيماءات بشكل أقل بكثير من الأطفال الذين لا يعانون من التوحد، وقد تشير قلة الإشارات في بعض الأحيان إلى احتمال حدوث تأخر في الكلام، وهناك مؤشر آخر على تأخر النمو وهو عندما لا تتبعك نظرة الرضيع عندما تشيرين إلى شيء ما، فغالبًا ما يرتبط تأخر هذه المهارة بالأطفال المصابين بالتوحد.
في عمر 6 أشهر، يُظهر معظم الرضع وعيًا بأسمائهم، خاصةً عندما تنطقها الأم، لكن بالنسبة للأطفال المصابون بالتوحد فبحلول عمر 9 أشهر قد لا يُميز العديد منهم أسماءهم الخاصة، يقول الباحثون إن هذا يظهر عادةً كنمط من أنماط عدم الاستجابة.
تعابير الوجه هي وسيلة غير لفظية لتوصيل الأفكار والمشاعر، والأبحاث حول التعبير العاطفي لدى الرضع المصابين بالتوحد محدودة، ولكن في الدراسات التي شملت الأطفال في سن المدرسة، وجد الباحثون أن الأطفال المصابين بالتوحد يُظهرون عاطفة أقل من خلال تعبيرات الوجه مقارنةً بالأطفال الآخرين، وهذا لا يعني بالضرورة أن الأطفال المصابين بالتوحد يشعرون بقدر أقل من العاطفة، ولكنهم فقط يظهرون القليل منها على وجوههم لسبب مجهول.
يبدأ الرضع والأطفال الصغار بالتحدث في أعمار مختلفة، لكن تظهر الأبحاث أن الأطفال الصغار المصابين بالتوحد غالبًا ما يقولون ويفهمون كلمات أقل من الأطفال الآخرين في عمر 12 شهرًا، وإذا لم ينطق الطفل كلمات مفردة بحلول عمر 16 شهرًا أو لم يستخدم عبارات مكونة من كلمتين بحلول عمر السنتين، فقد يكون من الجيد التحدث مع طبيب أطفال.
عندما يفقد الرضيع أو الطفل الصغير المهارات والقدرات التي بدأت في التطور، يمكن أن يكون ذلك مؤشرًا على مرض التوحد، وهذه يمكن أن تكون تجربة صعبة للغاية بالنسبة للآباء والأطباء، ولا يعرف الباحثون بالضبط سبب حدوث هذا التراجع حيث أنه لا توجد تجارب مماثلة حدثت من قبل في مرحلة الطفولة.
يفقد ما يصل إلى ثلث الأطفال المصابين بالتوحد مهاراتهم بعد مرحلة الطفولة وفي مرحلة ما قبل المدرسة، وفي حوالي 94% من الحالات، تكون المهارات اللغوية هي التي تُفقد، لذلك إذا كان طفلك يثرثر، ويتواصل بالعين، ويشير، ويعرض سلوكيات اجتماعية أخرى وتوقف عن القيام بذلك بعد فترة فهذا أمر يجب مناقشته مع طبيب الأطفال الخاص بك على الفور.
من المهم أن نتذكر أن هذه هي العلامات والخصائص التي قد يظهرها الرضع والأطفال الصغار المصابون بالتوحد، ولكنها ليست نهائية بأي حال من الأحوال، ولا ينبغي للآباء أو الأطباء اعتبار وجودها أو غيابها دليلًا قاطعًا على التوحد، ولكن إذا كان طفلك أو رضيعك الصغير يظهر بعض خصائص التوحد الموضحة أعلاه، أو يتطور بمعدل مختلف عن الأطفال الآخرين في نفس عمره، فمن المهم أن تحصلي على مشورة أخصائي الأطفال.
يُنصح بشدة استشارة طبيب الأطفال أو أخصائي تخاطب لتحديد حالة الطفل بالضبط فور ملاحظة أي عرض من الأعراض السابقة عليه لأن التدخل والتشخيص المبكر يلعبان دورًا كبيرًا في مساعدة طفلك، يتفق الباحثون على أنه كلما أمكن تشخيص حالة الطفل مبكرًا كلما زادت فعالية علاجه والاختيارات المتاحة للأبوين، وأظهرت الدراسات أن التدخل المبكر يؤدي إلى تحسين جودة حياة الطفل مستقبلًا.
وظيفتك الأساسية كأم في هذه الحالة هي الفهم والمراقبة، يجب أن تقرأي عن مراحل النمو الإدراكي للطفل وما المتوقع منه في كل مرحلة عمرية، تحديدًا في السنوات الخمس الأولى، وهذا ما سيساعدك على ملاحظة إشارات الاضطراب، يُشير المختصون إلى صعوبة التشخيص قبل أن يبلغ الطفل عامه الثاني، لكن يعود سبب هذا أحيانًا إلى إغفال بعض الأعراض واعتبارها أمرًا طبيعيًا دون البحث عنها أو استشارة الطبيب.
يتوق الطفل المصاب بالتوحد للحديث عن الموضوع الواحد لأكثر من مرة وبنفس التفاصيل، قد تجدي أن الأمر مملًا لكن عليكِ مشاركته فيما يحب، يجب أن تدخلي لعقل طفلك من النوافذ التي يتركها مفتوحة لك!
تنقسم أعراض التوحد في أي عمر إلى فئتين: مهارات التواصل الاجتماعي، والسلوكيات أو الاهتمامات التكرارية، ويظهر على الطفل العديد من العلامات الرئيسية؛ فمثلًا إذا كان قد بلغ الشهر الثامن عشر من عمره ويتجنب باستمرار النظر مباشرةً إلى عين أي أحد، فمن المحتمل أنه مصاب بالتوحد أو اضطراب عصبي آخر، كما تظهر علامات أخرى من المهم البحث عنها بالمراقبة قبل سن الثانية، أهمها قلة التواصل الاجتماعي والمشاركة مع من حوله، وأفضل حالات مراقبة طفلك هي في أوقات لعبه مع الآخرين؛ كيف يتعامل مع أصدقائه؟ كيف يلعب بألعابه؟ هل يتصرّف بألعابه كما لو أنّه يُجري تمثيليةٍ ما في ذهنه أو أنّه يرتبها مرة تلو المرة بنفس الطريقة؟
من أقوى المؤشرات في هذا السن -كما ذكرنا سابقًا- هي عدم استجابته لاسمه حين يُنادى عليه به، كذلك تأخر التطور اللغوي وعجزه عن تكوين كلمات بسيطة للغاية مثل "ماما" و"بابا"، وكذلك الحركات التكرارية، مثل رفرفة اليدين أو التصفيق المستمر، هي علامة أخرى من العلامات المبكرة، لكن ظهورها وحدها لا يعد مؤشرًا على الإصابة بالتوحد، بل حين تقترن بحركات أخرى مثل المشي على أطراف الأصابع أو سلوكيات غير معتادة، وقتها تكون مؤشرًا قويًا!
لا تعاقبي طفلك إن غضب غضبًا غير مبررًا، ولكن حاولي تعليمه طرق بديلة للتعبير عن غضبه ليعرف أنه ليس مضطرًا كذلك لكتم مشاعره، وتحدَّثي معه -وهو هادئ- أن الغضب شعور طبيعي لكنه يزول، وأنه من الأفضل الإشارة بكلمةٍ أو فعل بسيط (مثل الغمزة أو التصفيق) تتفقان عليها في حال غضبه، أو تتفقان على هدنة قصيرة يجلس فيها وحده قبل أن يغضب، وفي أوقات الهدوء اطلبي منه أن يخبرك ما أغضبه فورًا، أو ألّا يراكم غضبه من موقف حدث معه في المدرسة فينفجر حين يستاء من شيء بسيط في المنزل.
عززي السلوكيات الإيجابية التي تصدر عن الطفل بالإشارة إليها ومكافأته عليها، وتذكري أن الطفل المصاب بالتوحد يميل إلى العدوانية لجذب انتباهك، وعادةً أفضل طريقة للتعامل معه حين يلجأ للصراخ هي التجاهل التام والتحدث عن ذلك فيما بعد.
اعتمادًا على الأعراض التي يعاني منها طفلك، قد يكون واحدًا أو أكثر من هذه العلاجات مفيدًا:
ما الآثار النفسية للطفل عند مشاهدة الوالدين أثناء العلاقة الحميمة
كيف أتعامل معه وأجعله ينسى هذا الموقف؟" وتتساءل عن التأثير النفسي الذي تسببه مشاهدة الطفل لوالديه أثناء العلاقة الحميمة
التحرش الجنسي بالأطفال: الصمت لم يعد خيارًا
يركز هذا المقال بشكل خاص على التحرش الجنسي بالأطفال وعلامات التحذير من احتمال حدوث هذه الجريمة
هل يضايقك تدخل الأقارب في تربية الابناء؟ إليكِ الحل
يتوق العديد من الآباء إلى مشاركة تجاربهم المألوفة في تربية الابناء عندما يرون طفلًا آخر يتصرف على نحو غير لائق