تحب جميع الأمهات أن يعرفن كم أن طفلهن ذكي للغاية، ويبحثن باستمرار عن علامات ذكاء الجنين، فهل هناك حقًا علامات واضحة يمكن من خلالها التنبؤ بذكاء الجنين ؟ وسواءً كان ذلك ممكنًا أم لا، كيف انمي ذكاء الجنين ؟!

في الحقيقة إن نمو دماغ طفلك هو عملية معقدة تستمر طوال فترة الحمل، وفي غضون ستة أسابيع فقط، يبدأ دماغ الجنين وجهازه العصبي في التطور، على الرغم من أن الأجزاء المعقدة من الدماغ تستمر في النمو والتطور حتى نهاية الحمل، وينتهي التطور في عمر 25 عامًا تقريبًا، لكن من المهم توخي الحذر طوال فترة الحمل لضمان نمو الدماغ السليم لطفلك.

متى يتكون لدى الجنين جهاز عصبي؟

بعد أسبوعين فقط من الحمل، يشكل الجنين لوحة عصبية، التي هي أساس الجهاز العصبي، ومع نموه، يصبح أطول، وينطوي على نفسه ليصبح الأنبوب العصبي، ويتحول انتفاخ الأنبوب إلى الدماغ، بينما يمتد باقي الأنبوب إلى الحبل الشوكي ويتطور في النهاية إلى بقية الجهاز العصبي.

متى يتطور دماغ الجنين؟

يبدأ الدماغ بالأنبوب العصبي الذي يتكون في الشهر الأول من نمو الجنين، ثم يُغلق الأنبوب العصبي في الأسبوع السادس أو السابع تقريبًا، وعند هذه النقطة ينفصل الدماغ إلى ثلاثة أجزاء: الدماغ الأمامي، والدماغ المتوسط، والدماغ المؤخر، ستتطور هذه الأجزاء الثلاثة في النهاية إلى الأجزاء المتخصصة من الدماغ، وسيطوى المخ إلى النصفين الأيمن والأيسر من الدماغ.

ما هي علامات ذكاء الجنين ؟

من الصعب تحديد ذكاء الجنين بشكل قاطع قبل ولادته، ولكن هناك بعض العلامات التي قد تشير إلى ذكاء الجنين، وتشمل:

• حركة الجنين بكثرة في الرحم حيث يبدأ منذ الأسبوع السابع من الحمل، وتزداد حركته مع تقدمه في العمر.
• تفاعل الجنين مع المنبهات الخارجية مثل صوت الأم أو الموسيقى، حيث قد يتحرك بشكل أكثر نشاطًا و يهدأ عند سماع هذه المنبهات.
• يستجيب الجنين للضوء حيث قد يزداد نشاطه عند تعرضه للضوء وينام في الظلام.

كيف تدعمي نمو دماغ طفلك ؟

من المهم تناول ما لا يقل عن 600 ملغ من حمض الفوليك خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل و 400 ملغ في وقت لاحق من الحمل، حيث يدعم هذا الفيتامين نمو الدماغ والعمود الفقري، مما يضمن اندماج الأنبوب الشوكي بشكل صحيح ويحفز نمو الدماغ طوال فترة الحمل.

جدير بالذكر أن فيتامينات ما قبل الولادة -المصممة خصيصًا لتوصيل العناصر الغذائية الضرورية أثناء الحمل- تحتوي على حمض الفوليك الإضافي؛ لذا استشيري طبيبك حول أفضل أنواع فيتامينات ما قبل الولادة بالنسبة لكِ، يمكنكِ أيضًا الحصول على حمض الفوليك بشكل طبيعي من طعامك، وتحديدًا بذور الكتان والحبوب الكاملة والخضروات الورقية الخضراء.

كما أن الأحماض الدهنية أوميغا 3 هي عنصر غذائي حيوي آخر هام لنمو الدماغ، حيث يتكون الدماغ في الغالب من أنسجة دهنية، مما يجعل هذه الأحماض الدهنية ذات أهمية خاصة، أوميغا 3 هي دهون هيكلية في الدماغ والعينين والجهاز العصبي، وتساعد على تطوير المسارات العصبية والتواصل بين أجزاء الدماغ المختلفة، ويمكنكِ الحصول عليها بشكل طبيعي من خلال الأسماك الدهنية مثل السلمون أو من الجوز وبعض أنواع زبدة الجوز والأفوكادو، كما يمكنكِ أيضًا تناول زيت السمك أو أي نوع آخر من مكملات أوميغا 3، فقط تأكدي من التحدث مع الطبيب قبل تناول المكملات الغذائية.

ما الذي يمكن أن يضر بنمو دماغ الجنين؟

• الكحول -الخمر- هو أحد أكبر المساهمين في ضرر الجنين، ربما لا نحتاج إلى ذلك إذ أننا مسلمون -والحمد لله- ولكنني شعرت بأن في ذلك تأكيدًا على عظمة ديننا، وأن الله عز وجل لم يحرمنا شيئًا إلا لحكمة !

فلماذا إذا الخمر مضر ؟

يمكن أن يؤثر شرب الخمر أثناء الحمل بشدة على نمو وتطور دماغ الطفل، حيث يمكن أن يسبب استهلاك الكحول متلازمة الكحول الجنينية، والتي تسبب تلف الدماغ ومشاكل في نمو الطفل، وقد يكون لدى الأطفال المصابين بمتلازمة الكحول الجنينية شفة عليا رفيعة للغاية وجفون عين أصغر من المعتاد، كما قد يواجهون أيضًا تأخرًا في الكلام وصعوبات تعلم، ولا توجد كمية معروفة "آمنة" من الكحول التي يمكن استهلاكها أثناء الحمل، وآثار متلازمة الكحول الجنينية لا علاج منها !

فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة !

• وكما أن الخمر مضر، فالتدخين أيضًا ضار بنمو الطفل بشكل عام، حيث يمكن أن يسبب انخفاض الوزن عند الولادة وانخفاض تكوين الخلايا العصبية في الدماغ، كما يؤثر دخان السجائر والمواد الكيميائية التي يحتوي عليها أيضًا على التواصل بين الخلايا العصبية.
• وانتبهي من القطط ! إذ يحتوي براز القطط على طفيليات تسبب داء المقوسات، والتي يمكن أن تكون ضارة لطفلك وخاصة دماغه؛ لذا إذا كان لديكِ قطة، اطلبي من شخص آخر تنظيف صندوق الفضلات وتأكدي من ارتداء القفازات إذا قمتِ بذلك بنفسك.

كيف انمي ذكاء الجنين ؟

لقد وجدت الأبحاث بعض الطرق المختلفة التي تساعد على رفع معدل ذكاء الجنين، لكن من المهم أن تتذكري أن كل حمل يختلف عن الآخر، وتذكري أنه يجب عليكِ دائمًا التواصل مع الطبيب للحصول على مشورة متخصصة.

• ممارسة الرياضة

تعتبر ممارسة التمارين الرياضية أثناء الحمل طريقة مثبتة للمساعدة في تعزيز نمو الطفل، فالتمارين الرياضية تزيد من الدورة الدموية، والتي توفر الأكسجين والمواد المغذية لدماغ الطفل النامي، كما تعزز إطلاق الإندورفين، الذي يمكن أن يقلل من التوتر ويحسن مزاج الأم، مما يؤدي إلى بيئة أكثر صحة لنمو الطفل، وقد دعمت الأبحاث هذا الأمر، حيث وجدت دراستان أجريتا عام 2012 أن ممارسة التمارين الرياضية قبل الولادة يمكن أن تحسن بالفعل التطور المعرفي للطفل.

• إدارة مستويات التوتر

عندما نواجه التوتر، سواء كان ذلك بسبب حركة المرور اليومية أو مشكلة بالعمل، يدخل جسمنا في وضع "القتال أو الهروب" ويغمر نظامنا بالكورتيزول والأدرينالين، ووفقًا لـ March of Dimes، وجدت الأبحاث السابقة أن الإجهاد قبل الولادة يمكن أن يؤدي إلى مشاكل تتعلق بالانتباه والصحة العقلية ووظيفة المناعة لدى الأطفال في وقت لاحق من الحياة، كما وجدت الدراسات التي أجريت في الأعوام 2013 و2015 و2020 أن المستويات المرتفعة من التوتر والكورتيزول أثناء الحمل يمكن أن تؤثر سلبًا على نمو الطفل وصحته.

نصيحة اليوم : أعطي الأولوية لتخصيص وقت كل يوم للأنشطة التي تساعدك على التخلص من التوتر، يمكن أن يكون الاستحمام، أو التحدث إلى صديق، أو التأمل، أو ممارسة الرياضة، أو أي شيء آخر يجعلكِ تشعرين بأن العالم مكان أفضل، فعندما تقومين بهذه الأنشطة، يقوم جسمك بطرد هرمونات التوتر من نظامك ويسمح بالعودة إلى حالة الراحة.

• التحدث والقراءة للطفل

قد تشعرين ببعض السخافة عند التحدث إلى بطنك الحامل، لكن المردود قد يستحق ذلك ! حيث يمكن للطفل أن يسمع الأصوات من خارج الرحم في وقت مبكر من الثلث الثاني من الحمل، مما يساعد في اكتساب اللغة مبكرًا والتطور المعرفي، وفي دراسة أجريت عام 2013، عندما تم إعطاء النساء الحوامل تسجيلاً لتشغيله في نهاية فترة الحمل يتضمن كلمة مختلقة، تمكن الأطفال من التعرف على الكلمة وأشكالها المختلفة بعد ولادتهم.

تتساءلين كيف يمكن للباحثين معرفة ذلك؟

أظهرت الإشارات العصبية أن الأطفال يتعرفون على تغيرات طبقة الصوت والحروف المتحركة في الكلمة المزيفة، وكان الأطفال الذين سمعوا التسجيل في أغلب الأحيان أقوى استجابة، مما يشير إلى أن تعلم اللغة يبدأ في الرحم.

سبب آخر للتحدث بصوت عال مع الطفل؟ حتى خلال الشهرين الأولين من الحياة، يستطيع الطفل التعرف على الأصوات، وخاصة أصوات والديه، حيث يصبح صوت والدتهم صوتًا مألوفًا يمكن أن يساعد في تهدئتهم وجعلهم يشعرون بالأمان؛ لذا وبما أن الأطفال قادرون على التعرف على الأصوات التي اعتادوا عليها أثناء وجودهم في الرحم، فإن القراءة لهم تساعد على الترابط.

• تناول الأسماك

المأكولات البحرية، وخاصة الأسماك الدهنية مثل السلمون، غنية بأحماض أوميجا 3 الدهنية، والتي تعتبر ضرورية لنمو الدماغ، وقد تم ربط أحماض أوميغا 3 الدهنية بتحسين الوظيفة الإدراكية مما يساهم في نمو ذكاء الجنين وتقليل خطر حدوث مشاكل في النمو لدى الأطفال، في الواقع وجدت دراسة أجريت عام 2016 أن الأطفال الذين تناولت أمهاتهم حصص من الأسماك أسبوعيًا سجلوا درجات أعلى في الاختبارات المعرفية من الأطفال المولودين لأمهات تناولن كميات أقل من الأسماك، وعزت الدراسة هذه النتائج جزئيا إلى فوائد الأسماك الدهنية مثل السلمون والسردين، والتي تحتوي على مستويات أعلى من DHA (حمض أوميغا 3 الدهني) مقارنة بالأسماك الخالية من الدهون.

• أكل البيض

إن تناول البيض أثناء الحمل قد يساعد في إعداد الطفل ليكون متعلمًا أسرع مع ذاكرة أفضل، حيث يحتوي البيض على فيتامين أ، والريبوفلافين، وحمض البانتوثينيك، وفيتامين ب12، والفوسفور والكولين، وهو عضو في عائلة فيتامين ب الضروري للنساء الحوامل، و[الكولين] ضروري لنمو الدماغ ووظيفة الذاكرة، كما يلعب دورًا حيويًا في إنتاج الناقلات العصبية، والتي تعتبر ضرورية لإشارات الدماغ ويمكن أن تساعد في دعم النمو المعرفي للطفل.

وقد وجدت دراسة أجريت عام 2022 من جامعة كورنيل أن تناول الكولين أثناء الحمل أدى إلى تحسين انتباه الطفل لمدة تصل إلى سبع سنوات على الأقل بعد الولادة، وتشير مراجعة عام 2023 أيضًا إلى أن استهلاك البيض أثناء الحمل يدعم الجهاز العصبي للطفل والنمو المعرفي، كما يقلل من خطر إصابة الأم بسكري الحمل ومشاكل ضغط الدم وفقر الدم.

خاتمة

إن ضمان نمو دماغ طفلك بشكل صحي يشبه إلى حد كبير ضمان الصحة العامة لحملك؛ وذلك من خلال تناول الأطعمة الكاملة وشرب الكثير من الماء، بالإضافة للتأكد من الحصول على الرعاية المناسبة قبل الولادة، بما في ذلك المكملات الغذائية حسب توجيهات الطبيب، والامتناع عن التدخين، والتأكد من ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة على النحو الموصى به من قبل الطبيب.